في السادس والعشرين من شهر حزيران، وهو اليوم العالمي لمناهضة التعذيب الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 12 كانون الأول عام 1997، لا بد من التذكير بأن هذا الحدث العالمي الهام قد جاء ثمرة اهتمام واسع وجهود مثابرة من المجتمع الدولي في مناهضة التعذيب ومساندة ضحاياه وتأهيلهم، وذلك من خلال العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي حظرت ممارسة التعذيب حظراً مطلقاً واعتبرته انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، وامتهاناً للكرامة الإنسانية، وتهديداً جدياً للحق المقدس في الحياة، ولا يمكن تبريره أياً كانت الظروف والأحوال، كونه من أحط الأفعال التي يرتكبها البشر، ولأنه نقيض تحقيق الأمن والاستقرار، وقد بات حظر التعذيب جزءاً من القانون الدولي العرفي الملزم للمجتمع الدولي بأسره.
ولا بد من أن نسلط الضوء على جرائم التعذيب الجسدي والنفسي التي تمارس بأشكال مختلفة بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال وبخاصة من قبل جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» فضلاً عن قيام القوات الخاصة والجيش والشرطة الإسرائيلية بالتعذيب وإساءة معاملة الفلسطينين بالضرب بصورة وحشية عند اعتقالهم، وموقف سلطات الاحتلال التي «تشرعن» عمليات التعذيب التي تُمارس على نحو ممنهج ومدروس بحق الفلسطينيين وقد أدت إلى استشهاد العشرات منهم، رغم أن اتفاقيات جنيف وما لحقها من بروتوكولات إضافية قد حظرت ممارسة التعذيب بحق الأسرى والمدنيين في الأقاليم التي تجري فيها العمليات الحربية أو الأقاليم المحتلة، ورغم مصادقة سلطات الاحتلال على اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984 في العام 1991، ورغم تأكيد اتفاقية روما الخاصة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية على أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومن بينها التعذيب تندرج في إطار جرائم الحرب وتندرج أيضاً في إطار الجرائم ضد الإنسانية إذا ما ارتكبت في سياق هجوم واسع النطاق ومنهجي وعن علم ضد السكان المدنيين. الأمر الذي يتطلب مزيداً من الجهود الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية على مستوى المناصرة المحلية والدولية واستخدام آليات الأمم المتحدة لفضح الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي وملاحقة ومحاسبة مرتكبيها.