وقد استشهد خلال الاحتجاجات الشاب ياسين عمر سليمان سراديح (36 عامًا) بعد أن أطلقوا عليه النار جنود احتلال، الذين كانوا قد غادروا للتو منزل خاله المسن محمود حسن براهمة، بعد مداهمته وتفتيشه، حسب ما أورد شاهد عيان لمؤسسة الحق.[1]
وفي التفاصيل، ووفقًا لتحقيقات مؤسسة الحق الميدانية المستندة لشهادات شهود العيان وتسجيل فيديو لكاميرا مراقبة مثبتة بالقرب من مكان الحادث، فإن جنود الاحتلال، وعند حوالي الساعة 2:16 صباحًا، أطلقوا النار من مسافة الصفر على الشاب ياسين السراديح بعد اقترابه منهم، وانهالوا عليه بالضرب المبرح، وسحلوه وتركوه ملقىً على الأرض لمدة ثلاثين دقيقة تقريبًا، واكتفوا فقط بفحصه دون تقديم العلاج له، ومن ثم نقلوه لسيارة عسكرية وفقًا لما يظهره تسجيل فيديو حصلت عليه مؤسسة الحق ونرفقه في هذا التقرير.
وأثبتت نتائج التشريح أنّ الشاب السراديح قد أصيب بعيارٍ ناريٍ حي في منطقة أسفل البطن من مسافة الصفر خرج من الظهر، وأصيب برضوض في منطقة الرأس والصدر والرقبة نتيجة تنكيل جنود الاحتلال به، وفقًا لما صرّح به الطبيب الفلسطيني ريان العلي الذي انتدبته وزارة العدل الفلسطينية للمشاركة في تشريح جثمان الشهيد.[2]
وتدحض تحقيقات مؤسسة الحق ادعاءات سلطات الاحتلال من أن ياسين قد توفي جرّاء استنشاق الغاز المسيّل للدموع،[3] وأن الجنود نقلوه للعلاج بعد إصابته.[4]
تُعد هذه الجريمة حلقة من سلسلة من حلقات القتل التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، والتي تصل إلى مستوى الإعدام خارج نطاق القضاء وحرمانًا تعسفيًا من الحق في الحياة، في مخالفة لنص المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.[5] كما يخالف سلوك قوات الاحتلال المتمثّل في التنكيل بالشاب ياسين بعد إصابته وعدم تقديم علاج له، ما أدى إلى وفاته، المادة 16 من اتفاقية جنيف التي تشدد على حماية واحترام الجرحى، بل ومعاونتهم وحمايتهم من سوء المعاملة.[6] ويتعارض تصرف جنود الاحتلال العنيف مع ياسين بعد إصابته مع "مبادئ الأمم المتحدة الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون" حول استخدام العنف التي تؤكد على ضرورة ضبط النفس، وتقليل الضرر، والحفاظ على حياة الإنسان، بل وتقديم الرعاية الصحية للمصابين في أسرع وقت ممكن.[7] وقد يصل قتل ياسين إلى مثابة القتل العمد، الذي يُعد جريمة حرب، تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.[8]
تدين مؤسسة الحق الإعدام خارج نطاق القضاء الذي نفذته قوات الاحتلال ضد الشهيد ياسين سراديح، وتدعو دولة الاحتلال الاضطلاع بمسؤولياتها، وإجراء تحقيق نزيه، وفوري، وموثوق انسجامًا مع ما أوصت به لجنة حقوق الإنسان في تعليقها العام حول المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[9] من أجل مساءلة مرتكبي هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي تقدم عليها قوات الاحتلال بشكل يومي في الأرض الفلسطينية المحتلة.
[1] تقرير مؤسسة الحق الميداني حول استشهاد الشاب ياسين سراديح. رام الله: مؤسسة الحق، 22/2/2018.
[2] التشريح يكشف سبب استشهاد السراديح. بيت لحم: وكالة معًا الإخبارية، 24/2/2018.
[3] IDF. 23/2/2018 (1:00PM). https://twitter.com/IDFSpokesperson/status/966991092863459328, https://twitter.com/IDFSpokesperson/status/966991090653061120, https://twitter.com/IDFSpokesperson/status/966991088086024192.
[4] أدرعي، أفيخاي. 22/2/2018 (2:07 مساءً). https://twitter.com/AvichayAdraee/status/966645667023212545، وhttps://twitter.com/AvichayAdraee/status/966645669413969920.
[5] العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، 16/12/1966، (دخل حيّز التنفيذ 23/3/1976)، المادة 6 (1).
[6] اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، 12/8/1949، (دخلت حيّز التنفيذ 21/10/1950)، المادة 16.
[7] Basic Principles on the Use of Force and Firearms by Law Enforcement Officials, adopted by the Eighth UN Congress on the Prevention of Crime and the Treatment of Offenders, Havana, Cuba, 27 August to 07 September 1990, Article 5.
[8] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. 17/7/1998، (دخل حيّز التنفيذ في تاريخ 1/7/2002)، مادة 8 (2) (أ) (1).
[9] UN Human Rights Committee, General comment No. 36 on Article 6 of the International Covenant on Civil and Political Rights, on the right to life, Revised draft prepared by the Rapporteur, Advance Unedited Version, paragraph 32.