في يوم الجمعة الموافق 16\2\2018م، حوالي الساعة الثالثة عصرًا، وبينما كنت أرعى أغنامنا في منطقة جبلية تبعد عن مكان سكني قرابة 5 – 6 كم، وهي منطقة سياحية تحتوي على مسارات للمشي ويمر منها يوميًا فلسطينيون وزوار من دول أخرى، اقترب مني ثلاثة مستوطنين، بقي اثنان منهم على مسافة قرابة خمسين مترًا، غير أن ثالثهم أخذ يقترب مني وشرع يشتمني باللغة العبرية المختلطة باللغة العربية، كان يضع لثامًا على وجهه أشبه بقناع وله سوالف تخرج من ذلك اللثام، وقد كانت تهتز كلما تحدث بعنف وعصبية. شرع المستوطن يصرخ قائلًا: "بدي أوخذ غنمك"، عندها أخذت أصرخ عليه لكيلا يقترب ويسرق الأغنام. ومنعه صراخي من الاقتراب أكثر، غير أنني في منطقة معزولة ولا يوجد أحد قربي باستثناء أخي علي مليحات (21عام)، الذي كان يرعى أغنام والدي ويبعد عني حوالي 2 كم.
اقترب المستوطن مني ولم يعد يبعدني سوى بضعة أمتار، أخرج سلاحه الذي كان خلف ظهره وهو سلاح كبير الحجم، لا أعرف نوعه، ولكنني أعتقد أنه سلاح أوتوماتيكي من نوع (M16)، وهو نفس السلاح الذي أشاهده مع جنود الاحتلال، ووجهه تجاه الجزء السفلي من جسمي، وأطلق رصاصتين. سقطت على الأرض فورًا، وفقدت توازني، وشرع الدم يخرج من ساقي اليمنى بغزارة، ورأيت المستوطنين يهربون من المكان فور سقوطي على الأرض. حضر أخي خلال دقائق، رفعني فورًا على الحمار، لم أكن أشعر برجلي، بل شاهدتها وهي تترنح وكأنها قد فصلت عن جسمي، ولم أقوَ على الحديث مع أخي قبل أن أفقد الوعي.
بقيت فاقدًا للوعي إلى أن استيقظت مدة قصيرة، وسمعت الطبيب يقول: "سوف نقوم بإجراء عملية له"، وسمعت والدي يتحدث أيضًا، وعلمت وقتها بأنني في مستشفى رام الله الحكومي، ثم شاهدت الأطباء يقدمون لي بعض الأدوية قبل أن أفقد الوعي من جديد. استيقظت مرةً أخرى وأنا أنقل من سيارة إسعاف إلى أخرى، وسمعت أحد الممرضين يقول: "هذا ميت"، وهو يشبك جهاز ما على جسمي، ثم فقدت الوعي مرةً أخرى. استيقظت مرةً أخرى، وشاهدت مجموعة من أقاربي الذين علمت منهم أنني في مستشفى "هداسا عين كارم" في القدس المحتلة، وكان ذلك في يوم الاثنين الموافق 19/2/2018.
علمت بأنه قد أجريت لي عملية جراحية استغرقت ثماني ساعات، وبعد تلك الفترة بقيت في هذه الغرفة، وبعد قرابة عشرين يومًا من العلاج، أبلغني أحد الأطباء بأنهم بذلوا جهودًا مضنية، واستخدموا كل الطرق، إلا أن الالتهاب وصل إلى الفخذ، ولذلك سوف يضطرون إلى بتر ساقي، وبالفعل بترت ساقي من فوق الركبة. بقيت بعد ذلك في المستشفى قرابة خمسة أيام لأتم بذلك 28 يومًا في المستشفى، وبعد ذلك سمح لي الأطباء بالعودة إلى البيت وكان ذلك في يوم الخميس الموافق 15\3\2018م.
وكما ترى فإنني أصبحت طريح الفراش، وغير قادر على العمل بعد بتر ساقي. وعلمت من والدي بأنه دفع مبلغ 80 ألف شيكل لكي يتم تحويلي إلى مستشفيات الداخل المحتل، بعد رفض المستشفيات الفلسطينية التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية تحويلي فورًا رغم خطورة إصابتي وشدة النزيف الذي لم تتمكن المستشفيات الفلسطينية من إيقافه وهو ما كاد يودي بحياتي، وما يزال والدي يتوجه إلى الوزارة من أجل استعادة هذا المبلغ الذي قام باستدانته من أقاربي لكي ينقذ حياتي.