القائمة الرئيسية
EN
استهداف الصّحافة: استشهاد شيرين أبو عاقلة
06، نوفمبر 2022

 تَاريخ الحَادثة: 11 أيّار 2022 

 تَاريخ النَّشِرْ: 03 تِشرين الثَاني 2022 

 المَوقِع: جِنينْ - فَلَسطينْ  

 

 

مَنهَجِيّاتْ البَحثْ: التَّحلِيل الصَّوتِي٬ النَّمذَجَة ثُلاثيّة الأبعاد٬ البَحثْ المَيدانِي٬ تَحدِيدْ المَوقِع الجُغرافِي٬ مُزامَنَة الڤيديوهات٬ إعَادة تَمثِيلْ الشّهادَة.

مَسَار البَحث: المُحاسَبة القانونيّة.

بالشَّراكَة مَع: وكالة فُورينزِك آركيتكتشر.

 


 

 


 

 حيثيّات الجريمة 

في 11 أيار/ مايو 2022، وصلت الصحفية شيرين أبو عاقلة إلى جانب عدد من زملائها وزميلاتها من الصحافة إلى شارع بلاط الشهداء في مدينة جنين لتغطية اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين. كانوا جميعاً يرتدون سترة الصحافة [مكتوب عليها كلمة PRESS]، واقتربوا ببطء من قوات الاحتلال الموجودة في داخل خمس آليات عسكرية متمركزة في الشارع نفسه، على بعد حوالي 200 متر إلى الجهة الجنوبية من مكان وجود الطاقم الصحفي. في حوالي الساعة 6:31 صباحاً، أطلقت قوات الاحتلال رشقة أولى مكونة من ست رصاصات بشكل مباشر باتجاه الصحفيين/ات وذلك من فتحة صغيرة مخصصة للقنّاصة في إحدى الآليات العسكرية، أصابت واحدة من هذه الرصاصات الصحفي علي السمودي في كتفه. وبعد حوالي ثماني ثوانٍ، وبينما كان الصحفيون/ات يحاولون الاحتماء بأنفسهم، أطلق قناصُ الاحتلال جولة أخرى من سبع رصاصات متتالية باتجاه المجموعة نفسها. استقرّت إحدى الرصاصات في رأس شيرين أبو عاقلة ما أسفر عن استشهادها. بعد حوالي دقيقتين، حاول فلسطيني مدني اسمه شريف الأعزب الوصول إلى شيرين لمساعدتها إلا أنه تعرض للاستهداف بثلاث رصاصات منفصلة.

عملنا على تحليل ومزامنة كل اللقطات المتوفرة من مكان مقتل شيرين، بعضها لم ينشر سابقاً، من أجل خلق جدول زمني  دقيق للجريمة ولتحديد مصدر الرصاصات التي أُطلقت بشكل متعمّدة باتجاه الصَّحفيين.

 

 تَسَلْسُل الأحداث 

في حوالي الساعة 6:31:05 صباحاً، يُشير مقطع فيديو التقطه شاهد عيان إلى أن الصحفيين/ات بما فيهم شيرين كانوا يمشون ببطء باتجاه مكان تمركز قوات الاحتلال الإسرائيلي، علماً بأنهم كانوا يرتدون زيّ الصحافة ويمكن رُؤيَتُهم بوضوح.

 

مقطع فيديو التقطه شاهد عيان يشير إلى أن الصحفيين/ات بما فيهم شيرين كانوا يمشون ببطء باتجاه مكان تمركز قوات الاحتلال الإسرائيلي، علماً بأنهم كانوا يرتدون زيّ الصحافة ويمكن تمييزهم بوضوح.

الصورة لسليم عوّاد، 11 أيار/مايو 2022. التحليلات والشروحات: لفورنزك آركتكتشر والحق.

 

في حوالي الساعة 6:31:07، وبعد أقل من ثانية من الصورة أعلاه؛ بدأت أول جولة من إطلاق النار إذ أطلقت قوات الاحتلال ست رصاصات متتالية باتجاه الصحفيين والصحفيات.

بعد ثوانٍ معدودة، في حوالي الساعة 6:31:10، بدأت كاميرا قناة الجزيرة بالتصوير. وبعد الجولة الأولى من إطلاق النار، يظهر الڤيديو الصحفي علي يركض ويصرخ بأنه قد أصيب بينما كانت شيرين مختبئة خلف الجدار.

في حوالي الساعة 6:31:17، بعد حوالي ثماني ثوانٍ من الجولة الأولى لإطلاق النار، أطلقت قوات الاحتلال جولة ثانية من الرصاص مكونة من سبع رصاصات متتالية. تمكّنا من تحديد اللحظة الأخيرة التي كانت فيها شيرين على قيد الحياة، تجثم بالقرب من السور وذلك بعد إطلاق الرصاصة الأولى من الجولة الثانية.

 

اللحظة الأخيرة التي كانت فيها شيرين على قيد الحياة، تجثم بالقرب من السور وذلك بعد إطلاق الرصاصة الأولى من الجولة الثانية. الصورة لسليم عوّاد، 11 أيار/مايو 2022. التحليلات والشروحات: لفورنزك آركتكتشر والحق.

 

هذه الجولة من إطلاق النار هي الجولة التي قتلت فيها شيرين، إذ التقطت كاميرا الجزيرة شيرين ملقاة على الأرض، بينما كانت الصحفية شذى مختبئة خلف الشجرة وغير قادرة على الوصول إلى شيرين.

 

صورة توضح نمذَجة رقمية للحظة الأولى التي تمت فيها رؤية شيرين على الأرض بالقرب من الصحفية شذى حنايشة التي كانت مختبئة خلف الشجرة. الصورة: لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

بعد دقيقة من إصابة شيرين برصاصة قوات الاحتلال، حاول شخص مدني في البداية الوصول إليها لمساعدته،إلا أنه تراجع عن قطع الشارع خوفاً من استهدافه. ثم عندما تمكّن الشخص نفسه من قطع الشارع بعد دقيقة واحدة تم إطلاق النار عليه في اللّحظة التي دخل في مجال رؤية القناص؛ ما أجبره على التراجع. وبعد أن تمكّن من مساعدة شذى على مغادرة المكان، عاد بعد حوالي 20 ثانية لمساعدة شيرين إلا أن قوات الاحتلال أطلقت رصاصتين باتجاهه مرة أخرى.

 

صورة تظهر الشخص المدني الذي حاول مساعدة شيرين عندما أطلقت قوات الاحتلال الرصاص باتجاهه ثلاث مرات. الصورة: لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022، مع صورة أخرى من قناة الجزيرة.

 

 الأدلّة والمنهجية 

 بعدما نُشرت العديد من النتائج الصحفية المختلفة التي تم التوصل إليها بخصوص مجريات مقتل شيرين، يقدّم عملنا دليلاً فراغيّا على الاستهداف المباشر لشيرين وزملائها الصحفيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، نهدف من خلال هذا التحقيق إلى الوصول إلى المساءلة والمحاسبة القانونية لمرتكبي هذه الجريمة.

يعدّ تحقيقنا الأول من نوعه من ناحيّة توظيف نمذجة رقميّة وإعادة تكوين الجريمة باستخدام التحليلات المكانيّة والصوتيّة التي مكّنتنا من تتبع مواقع وتحركات الأطراف المهمة خلال فترة حدوث الجريمة، بما فيها الصحفيين/ات والمدنيين والآليات العسكرية.

عملنا على تحليل الفيديوهات التي صورتها قناة الجزيرة والتي لم تعرض سابقاً إلى جانب فيديوهات أخرى التقطها شاهدو عيان في المنطقة، وجمعنا العديد من الفيديوهات مفتوحة المصدر لمكان الجريمة. ثم عملنا على فحص عشرات الفيديوهات والصور ومزامنتها وتحديد مواقعها الجغرافيّة.

مُنحنا أيضاً إمكانية الوصول الحصرية إلى وثائق التشريح غير المنشورة وعملنا على فحص صور الرصاصة التي استخرجت من رأس شيرين، إذ تمكّنا من تحديد نوع الرصاصة من خلال رأسها الأخضر، وهي رصاصة من نوع M855 SS109 5.56 x 45mm؛ والتي يستخدمها قنّاصة الاحتلال الإسرائيلي غالبا.

 

 إعادة بناء نموذج دقيق للموقع 

عملنا على تكليف شركة مساحة لإجراء مسح جوي مفصّل لمكان الجريمة باستخدام اللقطات المتوفرة على طول الشارع، مما مكّننا من خلق نموذج تصويري ثلاثي الأبعاد وذي دقّة عالية. 

 

نموذج تصويري ثلاثي الأبعاد يوضح موقع الآليات العسكرية الإسرائيلية خلال وقت إطلاق النار. الصورة: لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

 

من خلال تحديد مواقع لقطات معينة من الفيديوهات، تمكّنا من خلق تصوّر واضح لمواقع شيرين وغيرها من الصحفيين/ات طوال فترة وقوع الجريمة، إلى جانب تحديد موقع الآليات العسكرية بالنسبة لهم/نّ. كما استطعنا أيضاً تحديد الآلية العسكرية التي تم من داخلها إطلاق النار على شيرين وتحديد موقع القنّاص بداخلها والفُتحة التي أُطلق منها النّار. وبهذا، تمكّنا أيضاً من التأكيد على أنّه لم يكن هناك أي أشخاص آخرين، سواء مسلحين أو غيرهم، في المنطقة بين الصحفيين/ات والقناص المتمركز في داخل الآلية العسكرية.

 

تم إطلاق النار من هذه الفتحة في الآلية العسكرية من نوع تويوتا-طراز أم دي تي ديفيد. الصورة لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

 

ساعدنا تحديد نقطة دخول الرصاصة إلى رأس شيرين في تقرير تشريح الجثة، إلى جانب حسابنا لمسارها من الآلية العسكرية، في تحديد وإعادة تكوين موقع شيرين في اللحظة التي تم فيها إطلاق النار عليها.

كما سمح لنا تحديد المسافة بين اللحظة الأخيرة التي شوهدت فيها شيرين على قيد الحياة واللحظة الأولى التي شوهدت فيها  ملقاة على الأرض بتحديد مسافتها عن مطلق النار في اللحظة التي أصيبت فيها بالضبط. تكشف هذه الدراسة أنها كانت تقف بعيداً عن القناص بحيث تعطي ظهرها له، ويمكنه رؤية كلمة صحافة "PRESS" بصورة مقروءة تماماً في اللحظة التي أطلقت فيها الرصاصة القاتلة.

 

 مسار الرصاصة وانحرافها

من خلال إعادة تكوين مواقع علي وشيرين المحددة عندما تم إطاق النار عليهما وتحديد نقاط اصطدام الرصاصات بهما بالإضافة إلى نمذجة مواقع أربع رصاصات أخرى اصطدمت في الشجرة، تمكّنا من تتبع مسار ست رصاصات من بين 16 رصاصة أطلقت خلال وقوع الحادثة.

 

وقع الصحفيين/ات ومكان تمركز آليات قوات الاحتلال الإسرائيلي بالإضافة إلى مسارات ست رصاصات من بين 16 رصاصة أطلقتها قوات الاحتلال باتجاه الصفحيين/ات في المكان. الصورة لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

من خلال وضع مسارات هذه الرصاصات على مستوى واحد، يمكننا أن نرى كيفية توزّعها. إذ يبلغ الانحراف المعياري لطلقة في نقطة هدف واحد ما قيمته 23 سنتمتراً، وذلك بالنظر إلى المسافة بين القناص والصحفيين/ات.

من خلال دراسة مواقع الرصاصات الستة، يمكننا أن نؤكّد أن الرصاصات جميعها استهدفت المنطقة العلوية أي فوق الأكتاف مما يؤكد على نية القناص في قتل الأهداف.

 

من خلال وضع مسارات هذه الرصاصات على مستوى واحد وبمقارنتها مع المواقع التي كان فيها علي وشيرين عندما أصيبا، تمكّنا من إظهار دقة وقرب الطلقات وموقعها المتسق مع المنطقة العلوية من الجسم أي فوق الكتف، مما يؤكد على نية القتل. الصورة لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

 

 النّطاق البصري وإمكانيّة الرؤية

عملنا على إعادة تكوين بصريّة لما كان يراه قنّاص قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ رقمياً ومن خلال التصوير الفوتغرافي للمكان. وباستخدام نموذجنا الرقمي، قمنا بمحاكاة كيف كانت تبدو شيرين والصحفيين/ات الآخرين/الأخريات من موقع القناص على بعد 190 متراً وعندما تم إطلاق الرشقة الأولى من الرصاص، بالإضافة إلى محاكاة موقع علي عندما أُطلق النار عليه وأصيب في الرشقة الأولى من إطلاق النار وموقع شيرين عندما أُصيبت وقُتلت في الجولة الثانية من إطلاق النار. تم تصميم نطاق الرؤية التي قمنا بمحاكاتها بالبناء على المشهد الميداني باستخدام نطاق الرؤية الميداني من نوع تريجيكون mm ACOG 4x32، حسب ما يرد في مواصفات التصنيع.

 

إعادة تكوين رقمية لسُتَر الصحفيين/ات وفقاً لما كان يراه القناص، من خلال محاكاة تأثير النطاق البصري الذي كان قد استخدمه قناص قوات الاحتلال على الأغلب في اللحظة التي سبقت الجولة الأولى من إطلاق النار. الصورة لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

 

قمنا بفحص إمكانيّة رؤية شيرين وزملائها الصحفيين من خلال وضع كاميرا بعدسة مُقرّبة في المكان الدقيق الذي كان يقف فيه القناص، والتقطنا صوراً مكبّرة بأربعة أضعاف مدى الرؤية العادية، بشكل يمكننا من تحديد ما كان يراه القناص عبر نطاقه البصري. ولمحاكاة تكبير نطاق البندقية بأربعة أضعاف، استخدمنا عدسة بؤرية بطول 200 مليمتر، وخلصنا إلى أنّ المسافة الفاصلة بين القناص والصحفيين/ات (حوالي 190 متراً) ستجعل الصحفيين/ات يبدون وكأنهم على بعد 50 متراً فقط.

 

إعادة تكوين بصرية (حقيقية) لإمكانية رؤية سترة علي الخاصة بالصحفيين في اللحظة التي أصيب فيها، وكما يتضح من موقع القناص الإسرائيلي. إنّ نسبة التكبير المقرّبة التي استخدمناها تحاكي تأثير النطاق البصري الذي كان على الأغلب قد استخدمه القناص عندما أطلق النار عليه. الصورة لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

 

إعادة تكوين بصرية (حقيقية) لإمكانية رؤية سترة شيرين الخاصة بالصحفيات في اللحظة التي أصيبت فيها، وكما يتضح من موقع القناص الإسرائيلي. إنّ نسبة التكبير المقرّبة التي استخدمناها تحاكي تأثير النطاق البصري الذي كان على الأغلب قد استخدمه القناص عندما أطلق النار عليها. الصورة لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

 

وعليه، ووفقاً للمحاكاة الرقمية والبصرية لما كان يراه القناص، نخلص إلى أنّ الستر الخاصة بالصحافة كان يمكن رؤيتها بكل وضوح خلال وقوع الجريمة.

من خلال تحديد نقاط الاصطدام للرصاصات الستة ذات الموقع المكاني من منظور قناص الاحتلال الإسرائيلي، يمكننا أن نرى قربها الشديد من بعضها البعض، مما يؤكد أنها أطلقت في محاولة مقصودة لإصابة الصحفيين.

 

إعادة التكوين الرقمي للرصاصات الستة ذات المسارات المعروفة يكشف عن قرب انتشارها وموقعها المرتفع فوق الكتف. الصورة لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

 

من خلال نمذجة موقع القناص، تمكّنا أيضاً من حساب نطاق رؤيته الدقيق، وبالتالي دراسة العلاقة بين نطاق رؤيته وحركة الصحفيين/ات وتوقيت إطلاق النار. يوضح تحليلنا أن جميع الطلقات المسجلة أطلقت عندما كان الصحفيون/ات، والمدني الذي حاول تقديم المساعدة لشيرين، في نطاق رؤية القناص مباشرة. يتضح هذا بشكل خاص عند فحص تحركات الشخص المدني، حيث في كل مرة يدخل فيها مجال رؤية القناص، كان يطلق النار باتجاهه على الفور تقريباً.

 

تم إطلاق النار على الصحفيين/ات وعلى الشخص المدني عندما كانوا في نطاق رؤية القناص. الصورة لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

 

 التحليل الصوتي 

مكّننا التحليل الصوتي لمقاطع الفيديو التي التقطت وقت الجريمة من مقارنة التوقيعات الصوتية لجميع الرصاصات التي تم إطلاقها أثناء الجريمة وقبلها وتتبعها مرة أخرى بالنسبة إلى موقع قناص قوات الاحتلال الإسرائيلي. ففي الدقيقتين اللتين سبقتا إطلاق النار، لم يتم إطلاق أي رصاصات على الإطلاق. كما لم يكن هناك أية رصاصات أخرى في أي من اللقطات التي تم تحليلها من مكان وجود الصحفيين/ات أو محيطهم.

يشير تحليل السعة والتردد إلى أن رصاصة واحدة فقط واحدة أطلقت قبل دقيقتين من بدء الجريمة تتطابق مع الرصاصات التي أطلقت لاحقاً باتجاه الصحفيين/ات من الموقع نفسه لوجود قوات الاحتلال الإسرائيلي. الصورة لفورنزك آركتكتشر والحق، 2022.

 

تشير المقارنة الصوتية للرصاصات التي أطلقت من بندقية آلية قياسية (الخط العلوي في الشكل أدناه) مع الرصاصات السبعة المسموعة في الجولة الثانية من إطلاق النار (الخط السفلي في الشكل أدناه) التي قُتلت خلالها شيرين، إلى أن القنّاص سحب الزناد وأطلق النار في سبع مرات مختلفة على مدى ثانيتين - مما يشير إلى قصد واضح في كل رصاصة قام بإطلاقها.

 

 إعادة تمثيل الشّهادة في المَوقع 

بمساعدة البَحث الميداني في مؤسسة الحق في جنين، قمنا بأخذ شهادة موقعية لشذى حنايشة (التي كانت تقف بالقرب من شيرين عندما قُتلت بالرصاص) وهي عبارة عن إعادة تمثيل جسدية في الموقع وأخذ إفادة الشهود. تؤكد شهادتها أنه لم يكن هناك أي مقاومون  بين الصحفيين/ات ومكان تمركز قوات الاحتلال الإسرائيلي، كما لم يكن هناك تبادل لإطلاق النار. كما تؤكد أن ظروف إطلاق النار عليهم كانت متسقة مع الاستهداف المتعمد من قبل قوات الاحتلال.

 

 

 النتائج 

عندما تم إطلاق النار على شيرين وزملائها، كان يمكن تمييز بصورة واضحة أنهم كانوا صحفيين/ات. وتشير إعادة بناء الموقع باستخدام النّمذجة الرقميّة والمحاكاة الجسديّة الفعليّة والتحليلات البصريّة إلى أن الصحفيين/ات في الموقع المذكور كانوا قد اتبعوا البروتوكولات الرسمية لتعريفهم على أنهم من الصحافة، إذ كانوا يرتدون ستراً كتب عليها كلمة صحافة "PRESS" يمكن رؤيتها بكل وضوح من مكان وجود قناص قوات الاحتلال الإسرائيلي في اللحظات التي حصل خلالها إطلاق النار. كما أشار تقرير التشريح إلى أنّ شيرين كانت في موقع مواجه لقوات الاحتلال بصورة كانت تبدو فيها كلمة "PRESS" واضحة ويمكن رؤيتها بسهولة.

تم استهداف شيرين وزملاءها الصحفيين بشكل متعمد ومتكرر بهدف القتل. إذ حددنا الرصاصة المأخوذة من جمجمة شيرين على أنها شائعة لدى قناصي قوات الاحتلال الإسرائيلي، الذين عادة ما تكون أسلحتهم مجهّزة بنطاق بصري من نوع "تريجيكون"، مما يضخم رؤيتهم أربعة أضعاف الرؤية العادية وبالتالي يمكن أن يجعل أهدافهم مرئية بوضوح. كما تؤكد إعادة ترتيب تسلسل لأحداث أن القناص كان لديه ما لا يقل عن عشرين ثانية لتقييم وجود الصحفيين بصريًا قبل إطلاق الجولة الأولى من الرصاصات، وثماني ثوان للنظر إليهم بين الجولتين الأولى والثانية. يكشف تحليل مسار الرصاصات التي تم إطلاقها عن خط إطلاق نار واضح من موقع قوات الاحتلال الإسرائيلي باتجاه مجموعة الصحفيين/ات، وتقارب نقاط اصطدام الرصاصات، مما يشير إلى هدف محدد؛ والوضع المتسق لنقاط الاصطدام هذه عند أعلى الكتف، مما يشير إلى نية القتل.

يكشف مجال تحليل الرؤية الذي يحاكي الرؤية من نطاق بندقية القناص أن الرصاصات أطلقت فقط عندما كان الصحفيون/ات والشخض المدني ضمن نطاق رؤية قناص قوات الاحتلال الإسرائيلي. كما تكشف مزامنة الفيديوهات عن ثلاث جولات مختلفة من إطلاق النار، استمرت حيث لجأ الصحفيون/ات إلى الاحتماء وحاولوا الجري والبحث عن غطاء. خلال الجولة الثانية من إطلاق النار، من المحتمل أن يكون إطلاق النار قد استمر حتى أصيبت شيرين، مما يدعم فرضية بأنها كانت هدفاً لهذه الجولة.

تناقض نتائج تحقيقنا تقرير قوات الاحتلال الإسرائيل الذي زعم وجود "إطلاق نار واسع وعشوائي في المنطقة" من قبل "فلسطينيين مسلحين" في الدقائق الأخيرة التي سبقت مقتل شيرين أبو عاقلة. إذ يوضّح تحليل الفيديوهات وشهادة شاهدة عيان أنه لم يكن هناك فلسطينيون مسلحون في الوقت أو في المكان الذي وقعت فيه الجريمة. كما يؤكد التحليل الصوتي للفيديوهات المصورة في مكان الحادثة على أن الطلقات الوحيدة التي أطلقت في الدقائق الثلاث الأخيرة التي سبقت استهداف شيرين كان مصدرها المكان الذي كانت تتمركز فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي. ويشير تحليل تحركات الصحفيين/ات إلى أنهم شعروا في البداية بالأمان الكافي للسير ببطء نحو الآليات العسكرية، وهو ما تم أكدته شهادة الصحفية شذى حنايشة. كما أشار تحديدنا للموضع الدقيق والخلفية المحتملة للقناص إلى أنه قد أطلق النار من داخل آلية مدرعة، مما يعني أن حياته لم تكن في خطر وقت إطلاق النار، ولا في اللحظات التي سبقته.

إضافة إلى ذلك، حالت قوات الاحتلال دون وصول الرعاية الطبية والمساعدة اللازمة لشيرين بعد إصابتها بصورة متعمدة وفعلية. إذ تؤكد تحليلات الفيديوهات وتلك الصوتية والمكانية إلى أنه بينما كان يحاول شخص مدني تقديم المساعدة لشيرين، أطلقت قوات الاحتلال النار عليه في كل مرة حاول فيها الاقتراب منها، وذلك خلال دخوله نطاق رؤية القناص.

تمت إضافة هذا التحقيق إلى جانب نبذة قانونية أنتجتها مؤسسة الحق إلى ملحق الشكوى التي قدّمتها عائلة شيرين أبو عاقلة وزملائها إلى المحكة الجنائية الدولية في لاهاي.