مركز الحق للقانون الدولي التطبيقي يختتم فعاليات المدرسة الصيفية الثانية للقانون الدولي التطبيقي
24، أغسطس 2016
رام الله – الحق - اختتمت في مدينة رام الله في مؤسسة الحق/مركز الحق التطبيقي للقانون الدولي يوم السبت الماضي الموافق السادس من تموز 2016 أعمال المدرسة الصيفية الثانية للقانون الدولي التطبيقي والتي استمرت لمدة أسبوعين، من 24 تموز—7 آب 2016، والتي تهدف إلى مساعدة طلبة الدراسات العليا في القانون الدولي والباحثين القانونيين على تطوير فهم متسق لحقوق الإنسان والوضع الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة وتمكينهم من امتلاك المعارف والمهارات والبصيرة القانونية حول القضايا الرئيسية لحقوق الإنسان، مع التركيز على التطبيق العملي للقانون الدولي بمختلف فروعه في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وشارك في برنامج المدرسة الصيفية الثانية 22 شخصاً من طلبة الدراسات العليا في القانون الدولي والباحثين القانونيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان قدموا من 16 دولة من مختلف أنحاء العالم، وهذه الدول هي تشيلي و البرازيل و البرتغال و كوستاريكا و الولايات المتحدة الأمريكية و كندا وجمهورية الصرب و فرنسا و سويسرا و ايطاليا و الدنيمارك و اسبانيا و بريطانيا و بلجيكا و تركيا. ويذكر أن من بين المشاركين في هذه المدرسة محامون مختصون في مجال القانون الجنائي الدولي و طلبة ماجستير مرشحون لنيل درجة الدكتوراة في القانون الدولي وعاملون في منظمات حقوق الإنسان و باحثون مختصون في مجال القانون الدولي بمختلف فروعه وصحفيون.
ويتميّز برنامج المدرسة الصيفية للقانون الدولي بكونه برنامجاً تفاعليّاً للغاية، حيث يتم تشجيع جميع المشاركين على المشاركة الكاملة في كل ما يتم تقديمه وعرضه عليهم وعلى طرح الأسئلة وتقديم المداخلات بحرّية كاملة. وتشمل أساليب التدريب عروض ومحاضرات نظرية وتمارين جماعية ورحلات ميدانية يحصل جميع المشاركين في نهايتها على ملف إلكتروني يتضمن مواضيع واسعة من المواد المرجعية والعروض التي تم تقديمها طوال مدّة المدرسة. ويتضمن برنامج المدرسة الصيفية الثانية التي انطلقت أعمالها يوم الاثنين الماضي مواضيع متنوعة ومتخصصة تُقدمها مجموعة متميزة من العاملين في مؤسسة الحق ومن خارجها من المتخصصين في مجال القانون الدولي عموماً وفي قانون حقوق الانسان الدولي والقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي خصوصاً.
ومن أبرز المواضيع التي تضمنها برنامج المدرسة الصيفية الثانية: وضع وحالة حقوق الانسان الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، و القانون الإنساني الدولي وعلاقته ومدى ارتباطه وانطباقه على الأرض الفلسطينية المحتلة، و اللاجئون الفلسطينيون ووضعهم في القانون الدولي، و التهجير القصري للمواطنين الفلسطينيين الذي تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلي وما تقوم به من إجراءات على الأرض الفلسطينية المحتلة لتنفيذ مخططها الهادف إلى تفريغ الأرض من أصحابها الفلسطينيين، وحالة وحقوق الانسان الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وممارسات التمييز العنصري التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحقهم، والمصادر الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة واستغلال وإثراء دولة الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني من هذه المصادر والموارد الطبيعية وحرمان الشعب الفلسطيني المالك الأصلي لها من استغلالها والاستفادة وتنميتها وبالتالي الاستفادة منها في تحقيق تنمية حقيقة ترفع من مستوى حياة الشعب الفلسطيني، و عولمة الصراع الفلسطيني—الإسرائيلي وما تقوم به منظمة التحرير الفلسطينية من برامج وجهود ومحاولات للتوصل لحل سلمي وعادل ودائم لهذا الصراع.
وافتتح اليوم الأول للمدرسة الصيفية بكلمة ترحيبية بالمشاركين فيها ألقاها رئيس مركز الحق التطبيقي للقانون الدولي المحامي وائل أبو نعمة، أعرب فيها عن تقديره وشكره لهم على رغبتهم وحضورهم للأرض الفلسطينية المحتلة بالرغم مما تعرض له البعض منهم من مضايقات أثناء دخوله للبلاد عن طريق مطار "بن غوريون"، حيث تم إبعاد احدى القادمات من دولة البرازيل للمشاركة في المدرسة الصيفية وحرمانها من الدخول لمدة 10 سنوات وذلك بعد احتجازها ومضايقتها والتحقيق معها لعدة ساعات، هذا بالإضافة إلى احتجاز والتحقيق مع مشاركة أخرى لمدة ثلاث ساعات وثالثة لمدة تسعة ساعات قبل أن يُسمح لهن بدخول البلاد. وأوضح المحامي وائل ابو نعمة للمشاركين بان ما تعرّض له البعض منهم والعناء الذي تكبدوه للوصول إلى مدينة رام الله يُعبر في الحقيقة عن النزر اليسير مما يتعرّض له المواطن الفلسطيني يومياً وبشكل ممنهج ومدروس من جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وتلا الكلمة الترحيبة لرئيس المركز قيام رئيس وحدة التدريب وبناء القدرات في مركز الحق التطبيقي للقانون الدولي، السيد زياد حميدان، باستعراض عمل وبرامج مركز الحق التطبيقي للقانون الدولي في التدريب وبناء القدرات على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي، إلى جانب استعراضه لمشاريع مؤسسة الحق في مجال الدفاع عن حقوق الانسان الفلسطيني في مواجهة الانتهاكات المرتكبة بحقه من جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي ومن جانب أجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية الأمنية والمدنية على اختلافها، والمتمثلة في رصد وتوثيق هذه الانتهاكات واستقبال شكاوى المواطنين الفلسطينية المنتهكة حقوقهم والتي يجري الاهتمام بها ومتابعتها مع مختلف أجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية المدنية والأمنية وعلى أعلى المستويات، بالإضافة إلى حملات المناصرة والتأييد التي نفذتها وتنفذها على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية فيما يخص الانتهاكات المرتكبة من جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي والتي تهدف إلى تجنيد الدعم والمناصرة في صفوف ساسة وزعماء وبرلمانيي جماهير دول العالم، بالإضافة إلى أجهزة ووكالات ودوائر منظمة الأمم المتحدة والنشطاء والعاملين في مجال حقوق الانسان والدفاع عنها، وصولاً إلى أرض فلسطينية خالية من الاحتلال يحقق عليها الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره ونيله حقوقه المشروعة المعترف بها دولياً.
وفي ختام اليوم الأول للمدرسة الصيفية، قام الأستاذ شعوان جبارين المدير العام لمؤسسة الحق بتقديم عرض شامل وغني لوضع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، وما يتعرّض له الفلسطينيون فيها من انتهاك مستمر ومتواصل وممنهج لحقوقهم الأساسية بدءاً من الحق بالحياة بالعيش بحريّة وكرامة ومروراً بالحق بالتعليم والصحة وانتهاء بحقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم. وقد كان تفاعل المشاركين في المدرسة مع ما قدمه وطرحه الأستاذ شعوان جبارين على مستوى عال جداً قاموا خلاله بطرح كافة الأسئلة ذات العلاقة والسؤال والاستيضاح أكثر عما استمعوا إليه من انتهاكات من خلال العرض الذي قدمه الأستاذ جبارين.
ومن الجدير ذكره أن برنامج المدرسة الصيفية الثانية للقانون الدولي التطبيقي تضمن إلى جانب العروض والمحاضرات النظرية القيام بزيارات وجولات ميدانية على مدى أسبوعين تعرف المشاركات والمشاركين خلالها وشاهدوا بأم العين المواقع الأكثر سخونة في الأرض الفلسطينية والتقوا فيها بضحايا انتهاكات حقوق الإنسان واستمعوا خلالها لشاهداتهم ومنحوا فرص طرح الأسئلة عليهم. كما تضمن البرنامج زيارات ولقاءات مع العديد من المؤسسات الفلسطينية الناشطة في مجالات الأسرى، والأطفال،و المرأة، و اللاجئين، ومع العديد من الباحثين القانونيين وطلبة الدراسات العليا ونشطاء حقوق الانسان من مختلف دول العالم شاركوهم خلالها خبراتهم وتجاربهم. وإلى جانب ذلك كله، تضمن برنامج المدرسة الصيفية الثانية أمسيات ثقافية مسائية تلمس خلالها المشاركات والمشاركين الحياة الفلسطينية في المدينة والقرية والمخيم.
ومن بين الأماكن التي زارها المشاركون في المدرسة الصيفية الثانية كل من مدينة بيت لحم والجدار المحيط بها وقيامهم بجولة ميدانية في مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين والاستماع لشرح مفصل حول المخيم وتاريخ نشأته وسكانه ومن أي المدن والقرى تمّ تهجيرهم بالإضافة إلى المشاكل الحياتية التي يعانون منها. كما شملت جولة مدينة بيت لحم زيارة قرية الولجة ولقاء رئيس وأعضاء المجلس المحلي فيها والاستماع لما تعانيه القرية من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وعلى وجه الخصوص الجدار الذي بنته دولة الاحتلال حولها وجعلتها قرية محاصرة تعاني الكثير من المشاكل أهمها التقييدات المفروضة على حرية الحركة وهدم المنازل بحجة البناء بدون ترخيص وغيرها الكثير من المشاكل.
كذلك، قام المشاركون بزيارة وسط مدينة الخليل ومحيطها والتعرف على حياة الفلسطينيين فيها والانتهاكات التي يتعرضون لها من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين فيها، وكيف تمّ تقسيم المدينة إلى قسمين نتيجة الاتفاقيات ما بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال الاسرائيلي الأمر الذي حول حياتهم على جحيم يومي نتيجة لعربدة وسيطرة المستوطنين وحماتهم من قوات الاحتلال الاسرائيلي على كافة مناحي الحياة فيها، كما تضمنت زيارتهم للمدينة زيارة الحرم الابراهيمي الشريف والتعرف عن قرب كيف قامت دولة الاحتلال بتقسيمه ما بين اليهود والمسلمين كمان للعبادة والصلاة أعطي فيه اليهود حصة الأسد. ثم قام المشارمون في المدرسة بزيارة لمسرح نعم في المدينة تم خلال الزيارة تقديم عرض مسرحي لهم لاقى استحسانهم وإعجابهم خاصة كيف أنه يمكن للفلسطنيين في المدينة وبرغم كل ما يعانون منه لا يزالون قادرون على الحياة والعمل وبنفس الوقت القيام بنشاطات ثقافية وفنية.
وتلت زيارة الخليل زيارة لقرية سوسيا البدوية على سفوح تلال جبال الخليل الجنوبية والمهددة بالهدم وتشريد سكانها منها للمرة الثالثة. وقد التقى المشاركون فيها بأهالي القرية واستمعوا خلالها لشرح واف ومفصل على ما تعرضت وتتعرض له القرية من انتهاكات مستمرة لأبسط حقوقهم وهي الحق بالسكن والحياة بحرية وكرامة، كما قاما المشاركون بطرح العيد من الأسئلة على أهالي البلدة بغرض التعرف أكثر على المشاكل التي يوجهخا سكان سوسيا، وقام عدد من المشاركين بالتعهد للحضور بنقل مشاكلهم ومعاناتهم لبلدانهم والعمل على حسد التاييد والدعم لهذه القرية الصغيرة في كافة المجالات الصحية والتعليمية والقانونية والسياسية والعمل على التأثير في الرأي العام في بلادهم بهدف حشد وتأييد الدعم والتأييد من عموم الناس ومن البرلمانيين والساسة لحقوق أهالي سوسيا العادلة والمحقة. ثم عرجوا على عدد من القرى البدوية في النقب داخل الخط الأخضر القريبة من قرية سوسيا والتي تعاني من نفس المشاكل التي تعاني منها سوسيا، الأمر الذي عزز القناعة لدى المشاركين بأن ممارسات إسرائيل داخل الخط الأخضر وفي الأرض الفلسطينية المحتلة هي ذاتها وأن الهدف منها هو التهجير والترحيل القسري للفلسطينيين عن أراضيهم.
كما قام المشاركون بجولة ميدانية في البلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة استمعوا خلالها من الناشط الحقوقي محمود جدّة ابن البلدة القديمة إلى شرح مفصل لحياة الفلسطينيين فيها وما يتعرضون له من انتهاكات لحقوقهم الانسانية الأساسية على يد دولة الاحتلال الاسرائيلي بمختلف مؤسساتها، كما قدم لهم الناشط جدّة عرضاً تاريخياً مسهباً لأحيائها المختلفة وجذور العائلات الفلسطينية المقيمة فيها، واختتمت الجولة في مركز وادي حلوة للمعلومات ببلدة سلوان استمعوا فيه لعرض موجز حول كافة المشاكل التي تعاني منها يبدة سلوان وعلى رأسها الاعتداءات المستمرة من قبل المستوطنين على ممتلكاتهم الخاصة وهدم بلدية الاحتلال للعديد من المنازل فيها بحجة البناء بدون ترخيص.
وشملت برنامج المدرسة الصيفية الثانية القيام بجولة ميدانية في قرية لفتا المهجرة عام 1948 وقريتي إقرت وبرعم على الحدود الشمالية القريبة من لبنان وحي وادي الصليّب بمدينة حيفا وشاهدوا بأم أعينهم البيوت الفلسطينية الفارغة والمهدمة والآيلة للسقوط ولكنها بنفس الوقت تقف شامخة شاهدة على جرائم الحركة الصهيونية ومخططاتها الرامية منذ نشأتها التي تهدف إلى تهجير وترحيل السكان الفلسطينيين عن بلداتهم وقراهم وعدم السماح لهم بالعودة إليها مطلقاً. كما قام المشاركون بزيارة المؤسسة العربية لحقوق الانسان بمدينة الناصرة التقوا خلالها بمديرها العام الناشط الحقوقي محمد زيدان واستمعوا منه على شرح مفصل واستعراض قانوني لحالة حقوق الانسان للفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة عام 1948.
ومن الجدير ذكره بأن برنامج المدرسة الصيفية للقانون الدولي التطبيقي يتم تنفيذه بالتعاون الكامل غير المحدود والمشروط مع العديد من مؤسسات حقوق الانسان في الأرض الفلسطينية المحتلة وفي إسرائيل، وهذه المؤسسات هي: مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان، المنظمة العالمية للدفاع عن الأطفال—فرع فلسطين، عدالة—المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية، بديل—المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، مركز المعلومات البديلة—بيت ساحور، جمعية ذاكرات (زوخروت)، مدى الكرمل—المركز العربي الدراسات الاجتماعية التطبيقية، المؤسسة السويدية "دياكونيا"، و مكتب المفوض السامي حقوق الانسان بمدينة رام الله وغيرها العديد من المؤسسات الفلسطينية والدولية الناشطة في مجال حقوق الانسان في الأرض الفلسطينية المحتلة.
ويعتبر مركز الحق التطبيقي للقانون الدولي ذراع مؤسسة الحق لنقل خبراتها التي تراكمت على مدى اربعة عقود في الدفاع عن حقوق الإنسان وذلك من خلال التوعية بالمفاهيم ورصد وتوثيق الانتهاكات في الأرض الفلسطينية والعمل على تقديم مرتكبي الجرائم الدولية أمام القضاء سواء الوطني منه أو الدولي. وتعتبر مؤسسة الحق اول مؤسسة عربية ناشطة في حقوق الإنسان والتي تتخذُ من مدينة رام الله مقرا لها. واليوم الحق تتمتع بالصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي الاجتماعي في الأمم المتحدة، وعضوية الشبكة اليورومتوسطية لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، والتحالف الدولي للموئل، وهي فرع لجنة "الحقوقيين الدوليين – جنيف"، وعضو شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية.