القائمة الرئيسية
EN
رسالة الحق بمناسبة اليوم العالمي للمرأة
08، مارس 2025

تتوجه مؤسسة الحق بالتحية والتقدير للنساء كافة، وللمرأة الفلسطينية خاصة، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة والذي يصادف الثامن من آذار من كل عام، وتؤكد بهذه المناسبة على الدور الرئيسي الذي تقوم به المرأة الفلسطينية في كافة المجالات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والوطنية. تأتي ذكرى المناسبة هذا العام في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة بسبب الهجوم العسكري الإسرائيلي، والمحو الممنهج بحق شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده والمستمر منذ النكبة عام 1948، والتي تزيد من الأعباء على المرأة الفلسطينية وتتطلب منها قدرات خارقة للكفاح من أجل البقاء والصمود.

خلال العامين الماضيين، اعتبرت المرأة الفلسطينية عنواناً أساسياً للاستهداف الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة. إذ شكلت النساء، بالإضافة إلى الأطفال، النسبة الأعلى من حصيلة شهداء العدوان، وكانت هدفاً للاعتقال والتعذيب والتهجير القسري والحرمان من الوصول للرعاية الصحية الأولية والحصول على خدمات الصحة الإنجابية، كل ذلك أدى إلى وضع النساء في ضائقة شديدة تتصل بوجودها على أرضها وقدرتها على البقاء والصمود.

ومع إعمال جيش الاحتلال الإسرائيلي أساليب إبادة جماعية مماثلة في الضفة الغربية لتلك التي استخدمها في غزة، تشترك النساء الفلسطينيات في المعاناة. تتعرض المرأة الفلسطينية في الضفة الغربية لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي واعتداءات المستوطنين، ويتم استهداف النساء في كافة المدن والتجمعات بما فيها مخيمات اللجوء، فقد تعرضت للاستهداف المباشر بالقتل، والجرح، والاعتقال، والمنع من التنقل، وعانت من الاقتحامات الليلية للمساكن، وهدم للمنازل والتشريد، والحصار المشدد والخانق لأيام وأسابيع متتالية، والحرمان من الرعاية الطبية والصحية، كما تعرضت للاعتقال في سجون الاحتلال ومورس بحقهن أبشع أصناف العذاب والتنكيل. وفي مدينة القدس، تعاني المرأة الفلسطينية من جرائم الاحتلال وانتهاكاته المتواصلة من هدم المنازل بحجة عدم الترخيص، وعدم السماح للسكان في القدس بالبناء، وتعرضت النساء للعنف والإيذاء البدني، والاعتقال، والإبعاد خارج المدينة والحرمان من الدخول للأماكن المقدسة.

تواجه المرأة الفلسطينية سياسات الاحتلال الإسرائيلي بكل صمود وتحدٍ، وبخاصة سياسات التهجير والطرد القسري للتجمعات البدوية وخاصة في الأغوار الفلسطينية وجنوب الخليل، من خلال هدم خيام التجمعات البدوية والاستيلاء عليها، وحرمانهن مصادر الرزق والعمل بمصادرة المعدات والآليات الزراعية أو أغنام الرعي التي تعتمد عليها عائلاتهن، كما وطالت حقهن بالتعليم، بهدم المدارس أو منعهن من الوصول إليها، وذلك في إطار تنفيذ سياسات الاحتلال بضم الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية. وتأتي هذه الممارسات والسياسات بمخالفة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وبتغاضٍ من المجتمع الدولي.

تزداد وتتعاظم الأزمات الداخلية الفلسطينية يوماً بعد يوم، فما زال الانقسام السياسي وغياب الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني يشكلان تحدياً أمام الشعب في تحقيق وحدته الوطنية لمواجهة الاحتلال وتحديات الوضع القائم، كما يستمر استبعاد النساء من لجان المصالحة وإعادة الاعمار والمشاركة السياسية بمفهومها الواسع، بما يجعل النساء مهمشات غير معترف لهن بدورهن في الحياة العامة والسياسية. وعلى صعيد حماية النساء من العنف، لم ترقى التدابير الخاصة بحماية النساء من العنف إلى المستوى المطلوب، وأهمها عدم إقرار مشروع قانون حماية الأسرة من العنف؛ مما يعيق وصول النساء إلى العدالة، ويخل بالتزامات دولة فلسطين المترتبة على انضمامها للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، الأمر الذي يتطلب النهوض بواقع النساء من خلال تطوير المنظومة التشريعية والتدابير الخاصة لتعزيز حقوقهن في كافة المجالات وفق مبدأ المساواة وعدم التمييز.

تنتهز مؤسسة الحق هذه المناسبة لتعيد التأكيد على العديد من القضايا في سبيل احترام وإعمال حقوق النساء الفلسطينيات على النحو التالي:

1.   ضرورة تعزيز صمود المجتمع الفلسطيني وبخاصة المرأة الفلسطينية في مواجهة انتهاكات الاستعمار الاستيطاني، من خلال برامج حكومية ووطنية وآليات تنفيذية ومتابعة على الأرض بما يضمن توفير كافة الموارد المالية والبشرية اللازمة.

2.   بذل كل الجهود الوطنية وعلى المستوى العربي والدولي لإلزام الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية ووقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة وضمان دخول المساعدات الإنسانية لغزة وتوفير كافة الخدمات الصحية وبخاصة الرعاية الصحية للنساء.

3.   العمل مع كافة الجهات الدولية والمناصرة لحقوق الشعب الفلسطيني من أجل وقف التهجير والطرد القسري للسكان البدو الفلسطينيين وحرمانهم الشديد من حقوقهم الأساسية.

4.   ضرورة احترام المجتمع الدولي والدول التزاماتها بضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإنهاء الاحتلال وعودة اللاجئات واللاجئين الفلسطينيين لديارهم وقراهم التي هجروا منها منذ 1947.

5.   على السلطات الفلسطينية اتخاذ كافة التدابير الملائمة، وسن التشريعات وإعداد الاستراتيجيات والسياسات والبرامج، لضمان تنفيذ الالتزامات المترتبة على الانضمام للاتفاقيات الدولية بشأن إعمال حقوق النساء في كافة المجالات.

6.   دعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة الفلسطينية بما يؤمن لهن ولأسرهن حياة كريمة، وبخاصة حقهن في الضمان الاجتماعي والحق في العمل ضمن شروط عادلة، والحق في تلقي أعلى مستويات الخدمة الصحية.

تحية من القلب لجميع زميلاتنا في مؤسسة الحق، والزميلات في كافة المؤسسات الشريكة والائتلافات، وللنساء في المجتمعات التي نسعى لدعمها وحمايتها، ولجميع النساء الصامدات والمحاربات من أجل العدالة  في جميع أنحاء العالم. نتكاتف معًا في كفاحنا المشترك من أجل عالم أفضل وأكثر عدالة وأمان.