رسالة مفتوحة من مؤسسة "الحق" الى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وأعضاء مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة
( ليكن عام 2010 عام تطبيق القانون الدولي على دولة الاحتلال الإسرائيلي، كخطوة على طريق انهاء الاحتلال )
سيادة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المحترم
السادة رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي
السادة رئيس وأعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة
تحية واحترام وبعد،،،
يصادف هذا اليوم ذكرى مرور 43 عاماً كاملة على احتلال دولة إسرائيل للارض الفلسطينية والعربية، وبعبارة أخرى يصادف هذا اليوم مرور 43 عاما من الاضطهاد والإذلال والقتل والقمع والتجويع وامتهان الكرامة الانسانية والتشرد في دول اللجوء، وغيرها من الممارسات والانتهاكات التي باتت جزءا لا يتجزء من الحراك اليومي الفلسطيني، بل لم يتعرض في التاريخ الانساني المعاصر لعهد هيئة الأمم المتحدة أي شعب أو جماعة لمثل ما تعرض له شعبنا الفلسطيني من ويلات وجور وظلم، ولعل الفارق بين مآسي الفلسطينيين وغيرهم، هو تدخل المجتمع الدولي الحاسم لانصاف وحماية باقي الشعوب كما هو الحال في زيمبابوي وجنوب افريقيا وروندا ويوغسلافيا السابقة وكوسفو وكمبوديا.
السادة الأمين العام ورئيس وأعضاء مجلس الأمن والجمعية العامة ،،،
لقد قامت دولة إسرائيل في الخامس عشر من أيار 1948 ، إعمالا لتوصية الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 ، و نالت بمقتضى توصية الجمعية العامة (273) المؤرخة في 11 أيار 1949 اعتراف الأمم المتحدة بعضويتها كدولة محبة للسلام ، حينما قبلت صراحة أمام اللجنة السياسية للجمعية العامة الالتزام التام باحترام وتطبيق جميع مقررات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية بما في ذلك توصية الجمعية العامة بتقسيم فلسطين وتدويل مدينة القدس، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم وممتلكاتهم، وغير ذلك من المقررات ، بل بلغ الموقف الإسرائيلي من الشرعية الدولية ومبادىء القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة ذروته بتعهد إسرائيل رسميا بعدم جواز تمسك الحكومات الإسرائيلية بنص المادة 2 فقرة 7 من الميثاق ومن ثم التذرع بسلطانها الداخلي بمواجهة أي من المقررات التي قد تصدر عن فروع الأمم المتحدة المختلفة، إذا ما كان موضوع هذه القرارات يتعلق بالوضع في فلسطين أو القضايا التي أقرتها توصية الجمعية العامة رقم 181 و194.
السادة رئيس وأعضاء الجمعية العامة ،،،
إن جميع الإعلانات والتعهدات التي قطعتها دولة إسرائيل أمام جمعيتكم العامة ، قد تم انتهاكها منذ اليوم الأول لقيامها، جراء استخدام هذه الدولة لقوتها في ضم وإلحاق 23% من الأرض المخصصة لإقليم الدولة العربية بإسرائيل، وليس هذا فحسب، بل لجأت في سبيل تكريس ضمها وإلحاقها لنصف أجمالي الأرض المخصصة للدولة العربية الى استخدام قوتها على وجه غير مشروع ومخالف لميثاق الأمم المتحدة ولتعهداتها في فرض احتلالها وسيطرتها على ما تبقى من أرض الدولة العربية عام 1967.
ولم يقف خرق إسرائيل لتعهداتها ومبادىء واحكام ميثاق الأمم المتحدة ومقررات الشرعية الدولية عند هذا الحد، فقد أثبت سلوك دولة إسرائيل خلال السنوات المنصرمة، تنفيذ هذه الدولة عن قصد وتخطيط وإعداد مسبق لعشرات الجرائم والانتهاكات فضلا عن مئات الأعمال والتصرفات غير المشروعة التي استهلتها بجريمة اغتيال وسيط الأمم المتحدة في فلسطين الكونت برنادوت ومساعده الكولونيل سيروت يوم 17/9/1948، فضلا عن تدمير مئات القرى والبلدات الفلسطينية وطرد وتشريد سكانها فور الاعلان عن قيامها.
وإمعانا في تحدي هذه الدولة لمقررات الشرعية الدولية، لجأت الى فرض سياسة الأمر الواقع من خلال إجراءات ضم وإلحاق مدينة القدس المحتلة عام 1967 بدولة إسرائيل، ولجأت الى سلب ونهب موارد وثروات الأرض الفلسطينية وغيرها من الأرض العربية المحتلة، بل ورفضت الانصياع لمقررات الأمم المتحدة الداعية الى وقف هذه الممارسات والتراجع عنها، كما اطلقت العنان لسكانها في العيش والتوطن بالأراضي الفلسطينية والعربية الأخرى المحتلة، في تحد صارخ لمقررات مجلس الأمن والجمعية العامة الرافضة للاستيطان، ما ضاعف من تعداد المستوطنيين الذين اصبحوا اليوم يوازون خمس عدد سكان الضفة الغربية بحسب المعطيات الإسرائيلية، التي تقدر عددهم عام 2010م، بحوالي 620 الف مستوطن.
والى جانب الاستيطان واصل المحتل ضم آلاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية عن طريق تشييد جدار الضم والالحاق داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل تجاهل مطلق لموقف المجتمع الدولي ولفتوى محكمة العدل الدولية بشأن الجدار وضرورة إزالته وتعويض المتضررين، كما استمر في ضرب حصاره المحكم والمشدد على قطاع غزة متعمدا ووضع السكان المدنيين في القطاع تحت ظروف معيشية صعبة جراء تقنينه دخول المحروقات بل ومنعها فضلا عن التحكم بدخول المواد والامدادات الطبية ومواد البناء، ما فرض ظروف معيشية صعبة ومعاناة إنسانية بمختلف مجالات الحياة الصحية والاقتصادية والاجتماعية، اضافة الى الاعتداء على من يحاول كسر هذا الحصار الجائر وغير المشروع.
سيادة الأمين العام
السادة رئيس وأعضاء مجلس الأمن والجمعية العامة.
ان مؤسسة "الحق" كمؤسسة معنية بحقوق الإنسان الفلسطيني وحرياته ورصد وتوثيق الإنتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية على هذه الحقوق والحريات، تدرك مليا بأن إهدار كرامة وإنسانية وحقوق الإنسان الفلسطيني الفردية والجماعية في الأرض الفلسطينية المحتلة ليس مرده الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية فحسب، انما ايضا تقاعس المجتمع الدولي وتوانيه عن التدخل الجاد والفعلي، وتقصيره غير المبرر في تحمل التزاماته القانونية الناشئة عن ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، قد ساهم في تعزيز شعور المحتل بالحصانة كدولة فوق القانون وخارج نطاق المساءلة، ما دفعها الى التمادي في ارتكاب مختلف ضروب الانتهاكات.
إن مؤسسة الحق وإذ تعرب عن امتنانها للجهود التي بذلتها ولا تزال الجمعية العامة للأمم المتحدة في صون وتأكيد حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في تقرير المصير ونيل حقوقه المشروعة في التحرر والانعتاق من الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية، تأمل من الأمم المتحدة والجمعية العامة بمناسبة هذا اليوم أن تسعى الى التجسيد والتطبيق العملي لمفهوم إنصاف وحماية الشعب الفلسطيني وذلك من خلال التدخل الجاد والفعلي لطرح موضوع الاحتلال الإسرائيلي ووجوب تدخل المجتمع الدولي الجاد لأزالته وانهاء بقاءه كآخر استعمار استيطاني، ما قد يوقف الظلم والاضطهاد والقهر والهيمنة والمعاناة والألم الفلسطيني الممتد منذ قيام دولة اسرائيل.
ان تجسيد حق الفلسطينيين في المساواة والكرامة، وحقهم في العيش بحرية اسوة بغيرهم من شعوب العالم يقتضي ضرورة تنفيذ الأمم المتحدة لمسؤولياتها القانونية بمواجهة دولة إسرائيل من خلال العمل على :-
- أن تجعل الجمعية العامة للامم المتحدة شعار دورتها لهذا العام ( انهاء وإزالة آخر استعمار استيطاني )، وان تتحرك بشكل جاد وفعلي لانهاء وإزالة الاستعمار الاستيطاني للارض الفلسطينية، وتحقيق حق الفلسطينيين بتقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وفق مقررات الشرعية الدولية وحقوقهم غير القابلة للتصرف.
- التدخل الفوري لتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في مواجهة الجرائم والانتهاكات الجسيمة الجاري اقترافها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين بحق السكان المدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وذلك من خلال البدء باتخاذ ما تراه مناسبا من تدابير وإجراءات زاجرة وعقوبات، لحمل دولة الاحتلال على الانصياع لأحكام وقواعد القانون الدولي ومقررات الشرعية الدولية.
- إثارة الجمعية العامة لالتزامات المجتمع الدولي الناشئة عن ميثاق الأمم المتحدة ومقررات الشرعية الدولية الخاصة بحق الشعوب بتقرير المصير وأحكام القانون الدولي الإنساني، من خلال مطالبة الدول بتنفيذ التزاماتها الخاصة بدعم ومساندة الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع في التحرر وتقرير المصير.
- إدراج موضوع مساءلة وملاحقة قادة دولة الاحتلال ومجرميه على جدول اعمال الجمعية العامة والبدء باتخاذ ما تقتضيه قواعد وأحكام القانون الدولي من إجراءات لتحقيق وتفعيل هذه المساءله.
- اتخاذ الخطوات العملية، اثناء الاجتماع القادم المقرر للجمعية العامة في شهر تموز، لوضع توصيات تقرير جولدستون موضع التطبيق ومتابعة تنفيذه.
مع خالص الاحترام،،،
شعوان جبارين
المدير العام
مؤسسة الحق