تمعن السلطات الاسرائيلية انتهاج السياسات التي تستهدف تواجد الفلسطينيين في أرضهم، وبضمنها سحب الاقامة الدائمة من الفلسطينيين في القدس كمقدمة لنقلهم القسري من المدينة، وهي تستحدث آدوات وآليات جديدة لتنفيذ هذه السياسة. وفي ضوء التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الاسرائيليون، ومشاريع القوانين التي أقرتها الكنيست بالقراءاة التمهيدية، نرى ان الأمر تجاوز حدود الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967، ويستهدف الفلسطينيين سكان اراض 1948.
وإمعاناً في تطبيق هذه السياسات، صادق الكنيست الاسرائيلي خلال جلسته المنعقدة يوم 2010-05-25 بالقراءة التمهيدية على مقترح قانون يقضي بإبطال جنسية كل من يقدم على القيام بأية أعمال ونشاطات تستهدف دولة اسرائيل ومواطنيها، فضلاً على إبطال تصريح الاقامة الدائمة لمن يأتي على القيام بمثل هذه الافعال هو وأفراد أسرته. أما مقترح القانون الثاني فيقضي بسحب الجنسية من كل من تدينه المحكمة بالتجسس لصالح منظمة "ارهابية". ويعزي أصحاب هذا المقترح أن الاسباب التي حدت بهم لتقديمه تتمثل بالعلاقة غير القابلة للفصل بين حيازة الجنسية الاسرائيلية والولاء لدولة اسرائيل.
وبالتزامن مع مناقشة الكنيست الاسرائيلي لهذين المقترحين، باشرت سلطات الاحتلال بإجراءات النقل القسري لنواب المجلس التشريعي الفلسطيني المقدسيين عن "حركة التغيير والاصلاح" السادة أحمد محمود عطون، محمد عمران طوطح، ومحمد أبو طير، ووزير شؤون القدس السابق السيد خالد أبو عرفة حيث داهمت قوة من الشرطة الاسرائيلية يرافقها أفراد من جهاز الامن العام "الشاباك" يوم 2010-06-07 منزل عضو المجلس التشريعي أحمد عطون وطالبته بالحضور فوراً لمركز شرطة القدس الكائن في "المسكوبية"، وفور حضوره بصحبة الوزير خالد أبو عرفة تقدم منهم أحد رجال الأمن، وسلمهم أمراً موقعاً من قبل الشرطة، وقال لهم "سنحتفظ ببطاقات هوياتكم في الأمانات لصالح وزارة الداخلية الاسرائيلية، ولا يحق لكما منذ اليوم استخدام أية وثائق، وان مكوثكم في القدس هو بموجب تصريح مؤقت لغاية 2010-07-02، وبعد انقضاء هذا التاريخ، سيتم التعاطي معكم حسب قوانين دولة اسرائيل باعتباركم متسللين لأراضي الدولة". يذكر ان اعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني عن "حركة التغيير والاصلاح" كانوا قد تلقوا بتاريخ 2006-05-28 قرارات موقعة من قبل وزير الداخلية الاسرائيلي آنذاك تقضي بإلغاء إقاماتهم الدائمة في مدينة القدس، وإبعادهم عن المدينة بتهمة العضوية بحركة "حماس"، وعدم الولاء لدولة اسرائيل.
وفي هذا السياق يمارس المسؤولون الاسرائيليون والعديد من اعضاء الكنيست حملة تحريض واسعة النطاق ضد القيادات السياسية الفلسطينية داخل اسرائيل، وبضمنها أعضاء الكنيست العرب، والنشطاء السياسيين بدعوى عدم ولائهم للدولة، والقيام بنشاطات مناهضة لها، وتطالب بابطال جنسياتهم. فضلاً عن ذلك، تستهدف هذه الحملة منظمات المجتمع المدني بما في ذلك منظمات حقوق الانسان بدعوى التشهير بدولة اسرائيل، والمطالبة بملاحقة المسوؤلين الاسرائيليين – السياسيين والعسكريين – المتهمين بارتكاب جرائم حرب.
مما لا شك فيه أن هذه السياسات وما يرتبط بها من ممارسات وإجراءات تستهدف الفلسطينيين في الأرض المحتلة وداخل اسرائيل تنطوي على مخالفات خطيرة لأسس ومبادئ القانون الدولي، وأحكام القانون الدولي الانساني، والمعايير الدولية لحقوق الانسان، إذ أنها تتعمد ارهابهم وإشاعة الخوف لديهم في سبيل إرغامهم على وقف نضالهم ضد الاحتلال وسياسة التمييز العنصري التي تمارس بحقهم بشكل ممنهج، ومنعهم من ممارسة حقهم في التعبير عن الرأي، وذلك تحت طائلة التهديد بالغاء الجنسية او الاقامة الدائمة لكل من يتجرأ على مناهضة السياسات التي تنتهجها هذه السلطات، وإدراجها ضمن دائرة التجسس، والعضوية في منظمات ارهابية، ودعم الارهاب، وعدم الولاء لدولة اسرائيل.
انتهى