تعليقا على منع حزب التحرير من عقد تجمعه السلمي
مؤسسة الحق تطالب السلطة الوطنية الفلسطينية باحترام الحقوق والحريات الأساسية والامتناع عن التمييز في إعمالها وممارستها
مداخلة قانونية
أولا:وقائع إجراءات السلطة الوطنية الفلسطينية لمنع حزب التحرير من عقد تجمعه السلمي:
- رفضت الجهات التنفيذية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية السماح لحزب التحرير الإسلامي تنظيم تجمع سلمي في مدينة رام الله، وذلك يوم السبت الموافق 17 تموز 2010، بمناسبة ذكرى سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية، علما بأن الحزب قد سلم إشعارا لمحافظ رام الله والبيرة بتاريخ 29/6/2010م، من خلال الناطق الإعلامي للحزب وبحضور ممثل عن مؤسسة الحق، يشعر من خلاله الجهات المختصة برغبته في عقد هذا التجمع السلمي.
- رفض طلب عقد الحزب للتجمع السلمي الذي اعتاد سنويا على عقده، وبررت المحافظة رفضها لهذا الطلب، بعدم تسجيل الحزب رسميا، إذ جاء في كتاب ردها على طلب الحزب إن حزب التحرير الإسلامي غير مسجل أو مرخص وفقا للأصول المتبعة، ما اقتضى امتناع الجهات الرسمية عن منحه إذن الموافقة على تنظيم التجمع السلمي.
- تقدم حزب التحرير بطلب رسمي لوزارة التربية والتعليم للحصول على إذن باستخدام الحزب لساحة مدرسة ذكور رام الله الثانوية، وهو ما تم الموافقة عليه من قبل مدير التربية والتعليم في المحافظة.
- وفي سبيل ضمان الجهات الرسمية لعدم عقد الحزب لهذا التجمع، أقدمت في سابقة غير معهودة على جملة من الإجراءات منها:
- نت مساء الخميس الموافق 15/7 ويوم الجمعة الموافق 16/7، قوة مشتركة من الأجهزة الأمنية الفلسطينية، (الأمن الوقائي، المخابرات، الأمن الوطني، الشرطة) حملة اعتقال احترازي في محافظة الخليل وجنين وقلقيلية وسلفيت وبيت لحم، طالت حوالي 200 شخص من أنصار وأعضاء الحزب، لمنع وصولهم الى مكان التجمع في مدينة رام الله بمحافظة رام الله والبيرة.
- إقامة الأجهزة الأمنية الفلسطينية لحواجز عسكرية على جميع مداخل محافظة رام الله والبيرة لمنع وصول المشاركين في التجمع، كما قامت الأجهزة الأمنية بتوقيف أي شخص يصل الى مقر مدرسة ذكور رام الله الثانوية.
- كما أقامت الأجهزة الأمنية الفلسطينية يوم الجمعة وصباح السبت الموافق 17/7، عشرات الحواجز العسكرية على مخارج المدن الفلسطينية وتحديدا مدينة قلقيلية والخليل وجنين وطولكرم وبيت لحم، حيث كان بحوزة أفرادها قوائم بأسماء أعضاء الحزب لتوقيفهم أو إلزامهم بالرجوع والعودة من حيث قدموا وعدم التوجه لمدينة رام الله.
- أفاد بعض أعضاء الحزب لمؤسسة الحق باحتجاز الأجهزة الأمنية لأقارب بعض النشطاء للضغط عليهم، ومنعهم من الوصول الى مدينة رام الله، حيث أفاد أحد أعضاء الحزب باحتجاز والده من قبل المخابرات العامة في دورا بمحافظة الخليل، للضغط عليه وإجباره على الحضور لمقر المخابرات إذا ما أراد أن يخلى سبيل والده.
- أفادت بعض المصادر بإلزام الأجهزة الأمنية في بعض المناطق يوم الجمعة والسبت الأشخاص الراغبين بالتوجه من مناطقهم الى رام الله بضرورة الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية للتوجه الى مدينة رام الله.
- كما اتصلت الأجهزة الأمنية كما أفاد البعض، بأصحاب محلات تجهيز المناسبات والاحتفالات وألزمتهم تحت طائلة المسؤولية بالامتناع عن تقديم أي أجهزة أو أدوات أو معدات لمنظمي التجمع، وفي حال المخالفة ستتم ملاحقتهم وتغريمهم.
- اثناء اليوم المحدد للتجمع اعتقلت السلطة الفلسطينية عشرات المواطنين في رام الله بتهمة المشاركة في مهرجان غير مرخص دعا إليه حزب التحرير، وبحسب ما أفاد به الناطق بأسم الحزب تم توقيف واحتجاز حوالي ألف شخص، في حين أشارات المصادر الرسمية الفلسطينية الى احتجاز حوالي 329 شخص، كما جاء في أقوال اللواء عدنان الضميري.
- كما برر اللواء الضميري الاعتقال بأنه نتيجة لمخالفة حزب التحرير للقانون، خاصة وان السلطة قد أخبرتهم سابقا بأنهم حزب محظور لا يستطيع الحصول على إشعار لعقد المهرجان.
- وفي ذات السياق اقتحم أفراد من قوات الأمن الفلسطينية محطة تلفزيون وطن المحلية، بحجة قيام مصوري التلفزيون بتصوير اعتقال الأجهزة الأمنية لأفراد حزب التحرير.
وأوضح السيد معمر عرابي مدير تلفزيون وطن بأن أربعة من أفراد أجهزة الأمن، عرفوا أنفسهم بأنهم من المخابرات، دخلوا المحطة وحاولوا الحصول على الكاميرا والاشرطة التي صورت عليها عملية الاعتقال، وقال عرابي انه طلب من افراد الامن مغادرة التلفزيون نظرا لعدم وجود مذكرة تفتيش، فما كان من مسؤولهم الذي تحدثوا اليه هاتفيا، الا ان امرهم باعتقال مدير التلفزيون والمراسلين الاثنين إذا لم ينصاعوا للأوامر، غير أن الأمر لم ينفذ نتيجة لتدخل نقابة الصحفيين الفلسطينيين وقناة الجزيرة وشبكة أمين الإعلامية، الذين أدت اتصالاتهم الى حمل أفراد الأمن على التراجع عن قرارهم ومغادرة
ثانيا: رأي مؤسسة الحق القانوني في الإجراءات المتخذة من السلطة الوطنية الفلسطينية.
يتضح من أحكام التشريعات الفلسطينية الناظمة لحق التجمع السلمي، وتحديدا القانون الأساسي الفلسطيني المعدل وقانون رقم (12) لسنة 1998 بشأن الاجتماعات العامة، بأن حق التجمع السلمي هو حق فردي وجماعي، يمكن ممارسته من الجميع وليس حكرا على الأطر السياسية أو الحزبية أو النقابية، ما يعني بأن أي مجموعة من الأشخاص تمتلك حق ممارسته كوسيلة للتعبير عن رأيها أو مواقفها تجاه القضايا العامة، وهذا ما أكده وتبناه القانون الأساسي الفلسطيني بنصه الصريح بمقتضى المادة (26) على " للفلسطينيين حق المشاركة في الحياة السياسية أفراداً وجماعات ولهم على وجه الخصوص الحقوق الآتية : 1- تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها وفقاً للقانون... 5- عقد الاجتماعات الخاصة دون حضور أفراد الشرطة، وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات في حدود القانون."
كما جاء في المادة (2) من قانون رقم (12) لسنة 1998 بشأن الاجتماعات العامة " للمواطنين الحق في عقد الاجتماعات العامة والندوات والمسيرات بحرية، ولا يجوز المس بها أو وضع القيود عليها إلا وفقاً للضوابط المنصوص عليها في هذا القانون.".
ونصت المادة (3) من ذات القانون على "يحق عقد الاجتماعات العامة على أن يوجه إشعار كتابي للمحافظ أو مدير الشرطة بذلك قبل 48 ساعة على الأقل من موعد عقد الاجتماع".
وتطلبت المادة (4) من قانون الاجتماعات العامة ضرورة أن يقدم إشعار كتابي موقعاً من الأشخاص المنظمين للاجتماع على ألا يقل عددهم عن ثلاثة مبينين فيه المكان والزمان اللذين سيعقد فيهما الاجتماع والغرض منه، في حالة تقديم الإشعار الكتابي من جهة ذات شخصية اعتبارية يكتفي بتوقيع من يمثلها.
وعلى هذا الأساس نرى بأن منع المحافظة لأعضاء حزب التحرير الإسلامي من عقد الاجتماع السلمي بحجة عدم تسجيل وترخيص حزبهم قد انتهك حق هؤلاء المواطنين في التجمع وحق المشاركة في الحياة السياسية وحجتنا على ذلك:-
- لا يوجد قانون أحزاب فلسطيني يمكن على أساسه تسجيل واعتماد الأحزاب وإنما جرى العرف على اعتراف وقبول الجهات الفلسطينية بكافة القوى الحزبية التي وجدت قبل قيام السلطة ومن ضمنها بلا شك حزب التحرير الإسلامي.
- اعتاد حزب التحرير الإسلامي على تنظيم هذا التجمع سنويا منذ قيام السلطة، ولم يتم مطلقا منعه بذريعة عدم التسجيل كحزب سياسي.
- ان حق التجمع السلمي كما يتضح من أحكام القانون الأساسي وقانون الاجتماعات العامة، هو حق للمواطنين وليس للأطر السياسية أو الحزبية، ولهذا كان يفترض بالجهات الرسمية إذا ما سلمنا جدلا بأن حزب التحرير غير مسجل ان تطلب من مقدمي الإشعار أن يصوبوا الإشعار من خلال توقيعه بأسماء ثلاثة منظمين أفراد لا أن ترفض وتمنع هؤلاء المواطنين من عقد تجمعهم السلمي.
- ان طريقة وأسلوب عمل الأجهزة الأمنية في منع عقد التجمع السلمي، كانت طريقة بوليسية لم يقتصر أثرها على انتهاك حق المواطنين في التجمع وإنما انتهكت حق المواطنين في الحرية وعدم جواز احتجازهم تعسفا كما انتهكت حقهم وحريتهم في الحركة والتنقل.
إن مؤسسة الحق ومن خلال سياق الأحداث المتعلقة تؤكد على أن منع أعضاء حزب التحرير الإسلامي من عقد تجمعهم السلمي لم يكن لمانع أو سبب قانوني، وإنما بُني على اعتبارات الانتماء السياسي ما يمثل تهديدا جديا للحقوق والحريات الأساسية، التي أضحت محلا للتسيس ليس على صعيد الحق في التجمع وإنما طال التسيس حقوقا أخرى كالحق في تقلد الوظائف العامة والحق في تشكيل الجمعيات، ما بات يقتضي جدية التدخل لمواجهة هذه الظاهرة التي قد يقود استمرارها الى إهدار الحقوق والحريات الأساسية والانتقال بالمجتمع الفلسطيني الى الدولة البوليسية.
كما ترى مؤسسة "الحق" ضرورة تدخل الجهات الرسمية الفلسطينية لضمان احترام حرية الرأي والتعبير، وحماية الصحفيين ووقف ملاحقتهم أو مساءلتهم على خلفية عملهم الصحفي.