تتابع مؤسسة الحق التداعيات الناشئة عن صدور قرار الرئيس رقم (9) لسنة 2025 بشأن نقل برنامج المساعدات المحوسب وقاعدة بياناته ومخصصاته المالية المحلية والدولية إلى المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي؛ والقرار بقانون رقم (4) لسنة 2025 بشأن تعديل قرار بقانون رقم (1) لسنة 2019 الخاص بالمؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي ويشار لها فيما بعد بمؤسسة التمكين الاقتصادي، والذي تضمن في مواده الغاء كافة التشريعات الخاصة بالأسرى المحررين والجرحى وعائلات الشهداء والتي تتعارض مع التعديلات الجديدة. تضمن قرار الرئيس والقرار بقانون المذكورين العديد من الانتهاكات للحقوق الدستورية الواردة في القانون الأساسي الفلسطيني، والقواعد القانونية الناظمة للمراكز القانونية الناشئة عن تلك الحقوق الدستورية الحامية لحقوق الأسرى والجرحى وعوائل الشهداء؛ كذلك هدر حقوق فئات بعينها وجعلها في موضع قانوني غير معلوم. وقفت "الحق" على القرار بقانون والقرار الرئاسي وخلصت إلى النقاط التالية:
- من حيث صدور قرار الرئيس والقرار بقانون المذكورين، نجد أن القرار بقانون صدر بتاريخ 25/1/2025، وأن قرار الرئيس صدر في 26/1/2025 وكلاهما يعمل بهما من تاريخ صدورهما وقد نُشرا في الجريدة الرسمية في العدد (222) بتاريخ 10/2/2025، وبالنظر إلى المادة (2) من القرار بقانون التي عدلت المادة (4) من القرار بقانون الأصلي منحت الرئيس جواز إضافة أي فئات أخرى لتنتفع من هذا الصندوق بناء على اقتراح من مجلس الصندوق. وبالنظر إلى مقدمة قرار الرئيس نجد أنه استند على أنه بعد الاطلاع على قرار بقانون مؤسسة التمكين الاقتصادي فقط ولم يشير إلى أي تنسيب أو اقتراح من مجلس مؤسسة التمكين الاقتصادي بما يجعل من قرار الرئيس قرار اداري غير مشروع وبالتالي قرار منعدم. ويصلح لأن يكون محلاً للطعن لدى المحكمة الإدارية.
- من ناحية الاختصاص نجد أن التعديلات التي جرت على القرار بقانون لسنة 2019 لمؤسسة التمكين الاقتصادي حملت تجاوز لصلاحيات الحكومة الواردة في القانون الأساسي الفلسطيني؛ وذلك من خلال الغاء صلاحيات مجلس الوزراء فيما يتصل بمؤسسة التمكين الاقتصادي، وإلغاء دور الحكومة فيما يتصل بعمل المؤسسة واحالة بعض اختصاصات الحكومة إلى الرئيس في مخالفة واضحة لاختصاصات الرئيس في القانون الأساسي الفلسطيني، والتي لا تمنحه أي اختصاص فيما يتصل بالمؤسسات أو الهيئات الحكومية أو الشبه حكومية وانما هي اختصاصات نص عليها القانون الأساسي حصراً للحكومة كما هو مبين في المادة (69/9). بما يجعل القرار بقانون مخالف للقانون الأساسي ومحلا للطعن من حيث الاختصاص، كذلك يجعل القرار الرئاسي هو قرار اداري معيب بعيب الاختصاص وقابلا للإلغاء.
- من حيث المراكز القانونية المستقرة والحقوق المكتسبة؛ هدم القرار بقانون المراكز القانونية للأسرى والأسرى المحررين والجرحى وعوائل الشهداء وحقوقهم المالية، وكذلك أية حقوق مكتسبة من خلال المادة (8) والتي ألغى بموجبها كل ما ورد في قانون الأسرى والمحررين وقانون دعم الأسرى في سجون الاحتلال وكافة القرارات والتعليمات ذات الصلة، بل ذهب إلى أبعد من ذلك باعتبار كل فئة تنقل للصندوق كما هو الحال مع الأسرى وعوائل الشهداء والجرحى بالطلب منهم بموجب المادة (2) من القرار بقانون المذكور بالتقدم بطلب جديد للاستفادة من خدمات الصندوق بما يعني نفي كل ما استحق لهم بموجب القانون الأساسي والقوانين والتشريعات واعتبارهم شرائح جديدة لابد أن تنطبق عليهم شروط ومعايير الصندوق والتي ليست بالضرورة أن تكون وفق ما هو مستحق لهم بموجب القوانين والقرارات الملغية.
- من حيث التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة اتجاه فئات الأسرى في المعتقلات الإسرائيلية والأسرى المحررين وعوائل الشهداء والجرحى، حلل القرار بقانون الحكومة من أية التزامات اتجاه مؤسسة التمكين الاقتصادي من حيث ضمان استمرار عملها فيما يتصل بتوفير الأموال اللازمة لتقديم الإعانات النقدية. باستثناء ما يخصص للمؤسسة من أموال على بند الموازنة، ولم يتضمن القرار بقانون التزام الحكومة بسد أي عجز يلحق بالمؤسسة لتمكينها من القيام بدورها، ومنحها استقلالاً ما لياً وادارياً ووظيفياً، مما يجعل من التزام الحكومة اتجاه الفئات التي تنتفع من هذه المؤسسة منعدماً، باعتبار أن مؤسسة التمكين الاقتصادي هي مؤسسة غير حكومية، ولكنها تعامل كمؤسسة دولة لغايات الاعفاء الضريبي.
- ألغى القرار بقانون في المادة (8) كافة الاحكام المتعلقة بالتنسيب الوظيفي الواردة في القوانين السارية والتي تمنح فئة الأسرى المحررين ميزة الأولوية في الوظائف العامة وذلك تقديراً لمسيرتهم النضالية للتحرر من الاستعمار، إضافة إلى الغاء كل ما يتعلق بأي مدفوعات تتعلق بسجنهم أو استشهادهم بما في ذلك كافة الحقوق المكتسبة لهم بما فيها رسوم التعليم المدرسي والجامعي الحكومي؛ والتأمين الصحي والرسوم الجمركية والرسوم الحكومية المختلفة؛ كما ألغى كافة المصروفات الشهرية للأسرى في السجون وسنوات الخدمة للأسرى الموظفين واعتماد سنوات خدمتهم لغايات نهاية الخدمة، وهي تمثل حقوق محمية بموجب القانون الأساسي وأقرت حقوقاً مكتسبة لهذه الفئة لا يجوز الغائها.
- تضمن القرار بقانون إضافة مادة جديدة للقرار بقانون الأصلي تتعلق بوجوب نقل برنامج المساعدات المحوسب من وزارة التنمية الاجتماعية إلى مؤسسة التمكين الاقتصادي بناء على قرار يصدر عن رئيس الدولة، وبالإشارة إلى ما أوردناه في الفقرة (1) أعلاه، فإن القرار بقانون تضمن النص على نقل فئات أخرى للاستفادة من مؤسسة التمكين الاقتصادي بقرار رئاسي، وبالنظر إلى الفئات الواردة في القرار بقانون الأصلي فهي فئات محددة ذات طبيعة معينة، في حين نجد أن القرار الرئاسي بالرغم من عدم مشروعيته تضمن نقل برنامج محوسب مع قاعدة بياناته والمنح المالية ولم يتطرق إلى فئات وفق مفهوم الفئات الوراد في القرار بقانون الأصلي أي أن القرار الرئاسي حمل جهالة فيما يتصل بالفئة المحددة بموجب القرار بقانون.
- تضمن القرار بقانون النص على نقل برنامج المساعدات النقدية المحوسب بعينه بالنص بإضافة مادة جديدة (6) مكرر؛ بعيداً عن أي دور لمجلس المؤسسة ودوره في الاقتراح والتنسيب قبل صدور قرار بالنقل. وبخاصة أن المدة الزمنية بين صدور القرار بقانون وقرار الرئيس هو يوم واحد، نجد أن اخراج القرار بقانون والقرار الرئاسي بهذه الطريقة يوضح حالة الارباك التشريعي والقانوني لهذه القضية. وبخاصة أن القرار بقانون منح الرئيس خلافاً للقانون الأساسي صلاحيات نقل أي فئات لمؤسسة التمكين الاقتصادي ولم يمنحه نقل برامج وقواعد بيانات، وبذلك نقل حقوق الأسرى والجرحى وعوائل الشهداء لمؤسسة التمكين الاقتصادي لا أساس قانوني له، وبالتالي يكون أي اجراء تتخذه مؤسسة التمكين الاقتصادي يتعلق بحقوق الأسرى غير قانوني ويشكل اعتداء على حقوق فئة محمية بموجب القانون الأساسي.
- وبناء على ما تقدم فإن "الحق" تطالب بإلغاء القرار الرئاسي رقم (9) لسنة 2025، والقرار بقانون رقم (4) لسنة 2025، والدعوة لإجراء حوار مع المؤسسات الرسمية والأهلية والقوى الوطنية المختلفة بشأن آليات مواجهة قيام الاحتلال الإسرائيلي باحتجاز واقتطاع أموال المقاصة الفلسطينية وهي حقوق مالية فلسطينية خالصة، والقيام بما هو مطلوب على المستوى الدبلوماسي والسياسي والقانوني الدولي بشأن هذه القضية.
- تؤكد مؤسسة الحق على الدور المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في حماية حقوق ومكتسبات الأسرى المعتقلين والأسرى المحررين والجرحى وعوائل الشهداء؛ وتدعوا إلى نقل هذا الأمر إلى مسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية وهياكلها وأنظمتها وصناديقها المختلفة، بما يحفظ كرامتهم الإنسانية وحقوقهم الدستورية والقانونية المكتسبة.
انتهى