تحذّر مؤسسة "الحق" من عواقب استمرار الأطراف السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة بالمماطلة والتلاعب بمصير ومشاعر المعتقلين السياسيين وذويهم الذي لا زال مستمراً بعد مرور ما يقارب شهر ونصف من التوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة، بالرغم من تأكيد طرفي الانقسام مراراً وتكراراً على وجوب إنهاء هذا الملف ومعالجة كافة آثاره السلبية على حالة الحقوق والحريات في الأرض الفلسطينية كأساس لمدى جدية الإرادة السياسية في إنجاح عملية المصالحة الداخلية وتثبيتها على الأرض.
وترى "الحق" بأن إخضاع ملف الاعتقال التعسفي في الضفة والقطاع للأهواء والأمزجة السياسية لتحقيق مكاسب ومصالح حزبية هنا وهناك، على حساب احترام حقوق المواطن الفلسطيني وحريته وكرامته المصونة في القانون الأساسي ومبادئ حقوق الإنسان، من شأنه أن يُلقي بظلال من الشك حول مدى جدية طرفي الانقسام في إنجاز مصالحة حقيقية قابلة للثبات والاستمرار وقادرة على احترام مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء ومقتضيات الحكم الصالح.
وللتدليل على بعض مظاهر الاستهانة بالحرية الشخصية والكرامة الإنسانية، فقد تلقت "الحق" ثلاث شكاوى تؤكد امتناع جهاز المخابرات العامة في الخليل عن تنفيذ قرارات قضائية بالإفراج عن ثلاثة مواطنين من عائلة شلالده محتجزين لديه، وبالرغم من صدور تلك القرارات القضائية منذ ما يزيد على شهر كامل إلاّ أن جهاز المخابرات ما زال يرفض لغاية الآن إخلاء سبيلهم بذريعة أن هذا الملف خاضع لتفاهمات سياسية بين طرفي الانقسام، الأمر الذي يُشكّل جرائم دستورية وقانونية موصوفة تمثلت بالامتناع عن تنفيذ قرارات قضائية وحجز للحرية الشخصية خلافاً للقانون، وهي جرائم تستوجب الحبس والعزل من الوظيفة العامة وتعويض المتضرر حسب أحكام القانون الأساسي والقانون.
وقد تابعت "الحق" باهتمام بالغ تلك الانتهاكات وخاطبت جهة الاختصاص في المخابرات العامة مراراً بهذا الخصوص، كما وتقدمت بشكوى جزائية لعطوفة النائب العام مطالبة بامتثال جهاز المخابرات لقرارات القضاء وإخلاء سبيل المواطنين الثلاثة فوراً واتخاذ المقتضى القانوني اللازم لمحاسبة المسؤولين عن احتجازهم تعسفياً، ولاحقاً بعثت "الحق" برسالة تذكير للنائب العام لتحمّل مسؤولياته الدستورية والقانونية بهذا الخصوص، إلاّ أن دهاليز السياسة لا زالت تطغى على جهودها الهادفة إلى الدفاع عن مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء وحماية الحقوق والحريات العامة.
وفي ذات السياق، وثقت "الحق" من خلال باحثيها الميدانيين في قطاع غزة حالات استدعاء واعتقالات تعسفية تجري حالياً هناك، في إطار المناورات السياسية بين طرفي الانقسام لتحقيق مكاسب سياسية وحزبية على حساب احترام الحرية الشخصية والكرامة الإنسانية وأحكام القانون والقضاء.
إن مؤسسة "الحق" وإذ تُدين المماطلة والتلاعب الحاصل بين الأطراف السياسية بملف الاعتقال السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحذر من خطورة عواقبه على اتفاق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية، وعلى الحقوق والحريات العامة، فإنها تؤكد على ما يلي:
أولاً: وجوب تنفيذ الأطراف السياسية في الضفة والقطاع لاستحقاق المصالحة ولتعهداتهم المتكررة بإخلاء سبيل كافة المعتقلين تعسفياً أو على خلفية سياسية ومحاسبة المتورطين في جرائم حجز الحرية الشخصية والامتناع عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الصادرة في قضايا الحقوق والحريات العامة.
ثانياً: وجوب احترام القانون واستقلال القضاء وهيبته وإخراج ملف الاعتقال التعسفي من دائرة الاستقطاب السياسي والمصالح الحزبية وعدم تركه رهينة الأهواء والأمزجة السياسية.
ثالثاً: أهمية قيام النائب العام وكافة الجهات المكلفة بمراقبة حسن سير العدالة بواجباتها الدستورية والقانونية بتفقد مراكز الاحتجاز والتوقيف التابعة للأجهزة الأمنية ومراقبتها باستمرار، واتخاذ المقتضى القانوني اللازم لمحاسبة المتورطين في أية انتهاكات للحقوق والحريات تجري بداخلها، ووضع حد لأيّ انطباع لدى الأجهزة الأمنية بتمتعها بنوع من "الحصانة" والغطاء السياسي تجاه أية انتهاكات تقترفها فيما يتعلق بحقوق المواطنين وحرياتهم المكفولة في القانون الأساسي ومبادئ حقوق الإنسان.
- انتهى -
لتحميل البيان الصحفي إضغط هنا.