1. خلفية الأحداث
قامت قوة من جهاز الشرطة ترافقهم قوة من الشرطة النسائية التابعة للحكومة في غزة بفض مسيرة نسوية سلمية بالقوة تطالب بإنهاء حالة الانقسام ضمن حملة تعرف باسم " الحملة الوطنية لإنهاء الانقسام". حيث نُظمت المسيرة السلمية من قبل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وبعض المؤسسات والأطر النسوية مقابل مقر المجلس التشريعي وسط مدينة غزة.
وبحسب التحقيقات الميدانية التي أجرتها مؤسسة الحق فإنه وحوالي الساعة 12:00 من ظهر يوم الثلاثاء الموافق 6/11/2012 تجمع عدد من المشاركين بالمسيرة أغلبهم من النساء الناشطات بمؤسسات نسوية يقدر عددهم بالعشرات، وكانوا يحملون شعارات تطالب بإنهاء حالة الانقسام وبالوحدة الوطنية، وأثناء ذلك وبعد حوالي 10 دقائق من التجمع السلمي، حضرت قوة من الشرطة يستقلون ثلاث سيارات وتوقفت أمام المسيرة، ثم ترجل منها نحو 20 فرداً من أفراد الشرطة بينهم أفراد من الشرطة النسائية، وأمروا المشاركين بالمسيرة بمغادرة المكان فوراً. وعلى إثر ذلك وقعت مشادات كلامية بين بعض المشاركين بالمسيرة وأفراد من الشرطة، ثم قام أفراد الشرطة بالاعتداء بالضرب بواسطة العصي والهراوات والشتائم بألفاظ نابية على المشاركات والمشاركين بالمسيرة السلمية.
وقد رصدت "الحق" اعتداءً على النائب في المجلس التشريعي نعيمة الشيخ علي ومحاولة لاعتقالها، واعتداء بالضرب على القيادي في الجبهة الديمقراطية عصام أبو دقة، ما تسبب في إصابته بكدمات ورضوض استدعت نقله إلى المستشفى، كما واعتدى أفراد الشرطة بالضرب المبرح على السيدة فوزية جودة عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، والسيدة ليلى عبد المالك قرموط أمين سر اتحاد لجان المرأة بغزة. رغم أن القائمين على تنظيم المسيرة كانوا قد تقدموا قبل يومين الى مدير الشرطة بغزة بإشعار خطي حسب الأصول القانونية بشأن تنظيم المسيرة ولم يتلقوا أي رد بهذا الخصوص.
وبحسب الإفادة الخطية التي وثقتها مؤسسة الحق لرئيسة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية وعضو الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية اكتمال نادي حسين حمد؛ فإن الاتحاد العام للمرأة بدأ منذ شهرين تقريباً بتنظيم حملة وطنية لإنهاء الإنقسام، وضمن هذه الحملة يجري تنظيم مسيرة أسبوعية كل يوم ثلاثاء أمام مقر المجلس التشريعي بغزة وهي مسيرة نسوية سلمية تدعو الى إنهاء الانقسام والوحدة الوطنية.
وقد أوضحت إكتمال حمد في حيثيات إفادتها الموثقة ما يلي " تقدمنا بإشعار مكتوب الى وزارة الداخلية بخصوص المسيرة قبل 48 ساعة حسب القانون، وتحدثنا عدة مرات مع المسؤولين في حكومة غزة حول المسيرة الأسبوعية وأعطونا موافقة أولية بشأنها ولم يصلنا رد على الاشعار. وعند حوالي الساعة 12:00 ظهر يوم الثلاثاء 6/11/2012 وصلت الى مقر المجلس التشريعي فشاهدت حوالي 50 مشاركة من السيدات يمثلن كافة المؤسسات والأطر والمراكز النسوية في قطاع غزة وكانت معهن السيدة نعيمة الشيخ علي العضو في المجلس التشريعي عن حركة فتح وعضو الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة. وبينما كنت استعد لإلقاء بيان الاتحاد في المسيرة كجزء من الفعالية شاهدت قوة من الشرطة ومعهم أفراد الشرطة النسائية يتوقفون أمام المسيرة ثم طلبوا منا ابراز ترخيص مكتوب من وزارة الداخلية بإقامة المسيرة فقلت لهم أنا وزميلتي فوزية جودة عضو الأمانة العامة للاتحاد بأننا تقدمنا بإشعار ولم يصلنا رد. وبعد ذلك حصلت بعض الاستفزازات من أفراد الشرطة للمشاركات بالمسيرة وألقيت بيان الاتحاد ثم شاهدت أفراد الشرطة يهاجمون السيدة فوزية جودة وينهالون عليها بالضرب المبرح بالعصي والهراوات، وكذلك اعتدوا بالضرب على سيدة مشاركة كانت تقوم بتصوير الاعتداء على السيدة فوزية من خلال هاتفها المحمول. وبعد ذلك رأيت أفراد الشرطة يرافقهم الشرطة النسائية يهاجمون السيدة ليلى قرموط أمين سر اتحاد لجان المرأة واعتدوا عليها بالعصي والهراوات ونزعوا عنها الحجاب وحاولوا اعتقالها، ثم رأيت أفراد الشرطة ينزعون الأعلام واللافتات ويحملون العصي وشرعوا بالاعتداء بالضرب على المشاركات والمشاركين وفرقوا المسيرة بالقوة، ثم حالوا اعتقال السيدة نعيمة الشيخ ووضعوها داخل احدى سيارات الشرطة ثم أنزلوها عندما قلت لهم بأنها عضو مجلس تشريعي وتتمتع بالحصانة، ورأيت أفراد الشرطة يعتدون بالضرب المبرح بالعصي والهراوات على السيد عصام أبو دقة القيادي في الجبهة الديمقراطية الذي حضر للمشاركة معنا بالمسيرة، وسمعت أفراد الشرطة يتلفظون بألفاظ نابية جداً تمس شرف السيدات المشاركات وشخصهن. وقام أفراد الشرطة بالاعتداء بالضرب على السيدات المشاركات في المسيرة السلمية بواسطة العصي والهراوات وفرقوا المسيرة بالقوة".
2. التوصيف القانوني للأحداث
إن الاعتداء الذي تعرضت له المسيرة السلمية على يد عناصر من جهاز الشرطة التابعة للحكومة في قطاع غزة يشكل انتهاكاً لحرية الرأي والتعبير وللحق في التجمع السلمي المكفول في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وبخاصة المواد (19) و(20) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواد (19) و (21) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويشكل انتهاكاً وجريمة موصوفة في القانون الأساسي الفلسطيني وقانون الاجتماعات العامة وقانون العقوبات لعام 1936 النافذ في قطاع غزة.
حيث أكد القانون الأساسي الفلسطيني على وجوب احترام حرية الرأي والتعبير في المادة (19) منه وعلى احترام الحق في التجمع السلمي كأحد أبرز وأهم أشكال حرية الرأي والتعبير في المادة (26/5) منه، وشدد القانون الأساسي الفلسطيني في المادة (32) على أن كل اعتداء على أي من الحقوق والحريات التي يكفلها القانون الأساسي أو القانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية أو المدنية الناشئة عنها بالتقادم كما وتستوجب تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الضرر.
كما وأكد قانون الاجتماعات العامة رقم (12) لسنة 1998 على الحق في عقد الاجتماعات والمسيرات بحرية من خلال المادة (2) والتي نصت على أن "للمواطنين الحق في عقد الاجتماعات العامة والندوات والمسيرات بحرية، ولا يجوز المساس بها أو وضع القيود عليها إلا وفقاً للضوابط المنصوص عليها في القانون". فيما رسمت المادة (4) من القانون المذكور إجراءات تقديم الاشعار لعقد الاجتماعات العامة والمسيرات السلمية، الأمر الذي تقيدت به الجهة التي دعت للمسيرة السلمية حسب الأصول القانونية، ومع ذلك فقد جرى قمع المسيرة السلمية من قبل جهاز الشرطة التابع لحكومة غزة وتفريقها بالقوة باستخدام العصي والهراوت والتعرض للمشتركين فيها بالألفاظ النابية خلافاً للأصول والقانون.
3. توصيات مؤسسة الحق
- تحمل مؤسسة الحق الحكومة في قطاع غزة، وجهاز الشرطة التابع لها، كامل المسؤولية عن جريمة الاعتداء على المسيرة السلمية في قطاع غزة، وقمع حرية الرأي والحق في التجمع السلمي.
- تطالب مؤسسة الحق النائب العام بفتح تحقيق مهني وموضوعي وشفاف بالجريمة التي اقترفها عناصر جهاز الشرطة التابعة للحكومة في غزة، وإحالة المتورطين في تلك الجريمة وكل من نفذها أو شارك فيها أو أعطى الأوامر لاقترافها إلى القضاء لينالوا جزاءهم الرادع.
- تؤكد مؤسسة الحق بأن الاعتذار عن تلك الجريمة التي تعرض لها المشاركات والمشاركين في المسيرة السلمية خطوة غير كافية دون محاسبة المتورطين فيها وإحالتهم للقضاء وتعويض المتضررين.
- تؤكد مؤسسة الحق على أهمية قيام مؤسسات حقوق الإنسان بتشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة للوقوف على كافة التفاصيل والحيثيات والانتهاكات التي تعرضت لها المسيرة السلمية النسوية في قطاع غزة ونشر نتائج التحقيقات على الملأ واستمرار الضغط لمحاسبة المتورطين فيها.
- تجدد مؤسسة الحق التأكيد على أن غياب ثقافة احترام حقوق الإنسان وحرياته في الأرض الفلسطينية المحتلة من قبل صناع القرار، وغياب المحاسبة الجادة على الانتهاكات التي يقترفها الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين وشعورهم بنوع من الحصانة ضد المحاسبة على الانتهاكات، كان ولا زال يشكل الأساس الأبرز لاستمرار حالة تردي أوضاع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة.
- انتهى -