الحدث- ريتا أبو غوش
علمت "الحدث" بأن الجانب الفلسطيني قام بالتعاقد مع مكتب محاماة للترافع أمام المحكمة الجنائية الدولية، وأن تكلفة التعاقد بلغت 5 ملايين دولار، ودولة قطر ستغطي كامل التكاليف المالية لهذا التعاقد.
وكشف د. عصام عابدين، رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق في لقاء خاص مع "الحدث" بأن الجانب الرسمي الفلسطيني قد تعاقد مؤخرا مع مكتب محاماة يمثل فريقا من الخبراء على المستوى الدولي لمدة خمس سنوات لمتابعة الإجراءات القانونية أمام الادعاء العام والترافع أمام المحكمة الجنائية الدولية بالنيابة عن دولة فلسطين، وأن التكلفة المالية للتعاقد بلغت 5 ملايين دولار، وأن دولة قطر ستغطي كامل التكاليف المالية."
وأضاف د. عابدين: "أنه وفي إطار متابعة الجانب الفلسطيني للدراسة الأولية التي فتحتها المدعية العامة فاتوا بنسودا "من تلقاء ذاتها" في 16/1/2015 للحالة (الوضع) في فلسطين اعتباراً من تاريخ 13/6/2014 بناء على الإعلان المودع؛ فإن الجانب الرسمي الفلسطيني سيقوم بإيداع معلومات لمكتب الادعاء العام بالاستناد إلى المادة (15) من نظام المحكمة في ملفين أساسيين هما: الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وملف الاستيطان، ومن المتوقع أن يتم هذا الإيداع رسميا في شهر حزيران القادم."
وعن أسباب ذلك قال عابدين: "يعود الأمر لسببين: أولهما يتعلق بتقرير لجنة التحقيق الدولية التي شكلها مجلس حقوق الإنسان على خلفية الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة والذي سيتم عرضه على مجلس حقوق الإنسان للاعتماد في 23 حزيران القادم وبالتالي إمكانية الاستفادة منه، وثانيهما أن جمعية الدول الأطراف في نظام المحكمة ستعقد اجتماعها السنوي في شهر حزيران القادم وسيتم انتخاب قضاة جدد للمحكمة الجنائية الدولية وبالتالي فإن الجانب الفلسطيني يحاول إرسال رسالة واضحة للقضاة الجدد في المحكمة بأن دولة فلسطين ستمضي في هذا الاشتباك القانوني، وهذا تطور إيجابي، لأن من شأنه تغذية الدراسة الأولية التي تجريها المدعية العامة، والدفع بها قدما باتجاه مرحلة التحقيق الرسمي في أقرب وقت.
سير اللجنة الوطنية العليا ما زال يفتقر للمأسسة
وحول سير عمل اللجنة الوطنية العليا التي شكلت بمرسوم رئاسي والمسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، وما يتفرع عنها من لجان فرعية وبخاصة اللجنة الفنية، قال د. عابدين: "إن عمل اللجان لا زال يفتقر إلى المأسسة والرؤية الواضحة لمسار ما بعد الانضمام للمحكمة، ويفتقر إلى المهنية والشفافية والتكامل في الأداء".
وأضاف عابدين أنه علاوة على ذلك: ،"فما زالت خطوط التواصل مع المواطنين الفلسطينيين مقطوعة بما يحول دون وضعهم في صورة الجهود المبذولة وآخر المستجدات، وبالتالي فإن أداء تلك اللجان يحتاج إلى مراجعة وتقييم جدي بما يحافظ على التأييد والالتفاف الشعبي المتواصل، وهو بالغ الأهمية في هذا المسار، الذي سيكون شاقاً ومعقداً ومليء بالعقبات والإشكاليات."
وأكد د. عابدين أن تنفيذ التزامات دولة فلسطين بعد الانضمام لنظام المحكمة يسير على نحو بطيء ومرتبك ومن شأنه أن يؤثر على سلامة المسار والأداء، حيث أنه كان من المفترض بموجب خطة عمل اللجنة الفنية أن يتم إدماج الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة (جرائم الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، جرائم العدوان) في التشريع الفلسطيني في شهر نيسان الماضي، ولم يتم إنجاز تلك المهمة لغاية الآن، حيث لا زال الحديث يدور حول نقاش مسودة قانون خاص بتلك الجرائم لم يتم إنجازها.
ويرى د. عابدين أهمية معالجة تلك الجرائم في "مشروع قانون العقوبات الجديد" بما يساهم بشكل فعال في إنفاذ التزامات دولة فلسطين على المستوى التشريعي تجاه نظام المحكمة (اتفاقية روما) وغيرها من الاتفاقيات التي انضمت إليها كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
4 مراحل لدراسة الحالة الفلسطينية في الجنائية
وأردف د. عابدين لـ"الحدث" أن الدراسة الأولية التي تجريها المدعية العامة للحالة في فلسطين تقع في أربعة مراحل هي: مرحلة التقييم الأولي وما يترتب عليها من جمع وتصنيف وتقييم للمعلومات ومدى جديها، ومرحلة دراسة الاختصاص الزمني والموضوعي والإقليمي أو الشخصي، ومرحلة دراسة المقبولية أي مقبولية الحالة أمام الادعاء العام وقضاة المحكمة وفي هذه المرحلة يتوسع مكتب الادعاء العام في دراسة الحالة الفلسطينية ويتم تسليط الضوء على النظام القانوني والقضائي الخاص بالجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وكيفية تعاملهما مع أية جرائم محتملة ارتكبت وتدخل في اختصاص المحكمة، فالأساس أن الاختصاص ينعقد للقضاء الوطني والمحكمة الجنائية الدولية اختصاصها تكميلي، فإذا كان القضاء الوطني غير جاد أو غير قادر على ممارسة اختصاصه فإن الاختصاص يعود للمدعية العامة للمحكمة، وأما المرحلة الرابعة والأخيرة فتتمثل في مراعاة مصالح العدالة في الدراسة الأولية التي تجريها المدعية العامة للنظر في إمكانية الانتقال بعد ذلك للتحقيقات الرسمية ومن ثم المقاضاة.
وأوضح د. عابدين بأن المدعية العامة انتهت من مرحلة التقييم الأولي وقاربت على انتهاء من مرحلة دراسة الاختصاص، بل تبدو حالياً بين المرحلتين الثانية والثالثة من الدراسة الأولية، وبالتالي فإنه ينبغي على الجانب الفلسطيني أن يُسارع في تشكيل "لجنة تحقيق مستقلة" للحالة في فلسطين اعتباراً من تاريخ 13/6/2014 وهذا الإجراء يصب في مصلحته، إذا ما أراد الإمساك بزمام الأمور، لأن عدم تشكيل تلك اللجنة يعني أن الجانب الفلسطيني غير جاد أو غير راغب بذلك، بما يعني أنه يُحيل المسألة للمدعية العامة فيما يتعلق بأية جرائم محتملة ارتكبت من قبل الجانب الفلسطيني تدخل في اختصاص المحكمة! في حين أنه من المتوقع أن يرتكز الجانب الإسرائيلي على "لجان تحقيق داخلية" في محاولات حثيثة من قبله لقطع الطريق على المدعية العامة!
وقال د. عابدين، ينبغي على الجانب الفلسطيني أن ينظر أيضاً في تعريف "جريمة العدوان" الذي جرى إدراجه في نظام المحكمة الجنائية الدولية في المؤتمر الاستعراضي الذي جرى في كمبالا بأوغندا عام 2010 وشروط ممارسة المحكمة لاختصاصها على تلك الجريمة، فالجانب الفلسطيني لم يصادق لغاية الآن على تعريف جريمة العدوان لغايات اختصاص المحكمة. وبالتالي، هنالك العديد المهام التي ينبغي على الجانب الفلسطيني انجازها.
جدير بالذكر أنّ دولة فلسطين قدمت وثائق الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية مطلع العام 2015 إلى جانب إعلان القبول باختصاصها بأثر رجعي على الأرض الفلسطينية اعتباراً من تاريخ 13/6/2014 وقد دخل نظام المحكمة حيز النفاذ على الأرض الفلسطينية اعتباراً من تاريخ 1/4/2015. ويقع مقر المحكمة في لاهاي بهولندا، وفلسطين هي الدولة 123 التي تصادق أو تنضم إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.