توصلت مؤسسة الحق نتيجة تحقيقاتها الميدانية إلى أن الشابة هديل الهشلمون البالغة من العمر 19 عامًا من سكان مدينة الخليل قد قتلت عمدًا، وأن جنود الاحتلال كان بإمكانهم التعامل مع الموقف دون اللجوء لاستخدام الذخيرة الحية.
وفي التفاصيل، ووفقًا لشهادة أدلى بها شاهد العيان الرئيسي فوّاز أبو عيشة "للحق"، فإنه وصل للحاجز المسمى "حاجز 56" المقام على مدخل شارع الشهداء في مدينة الخليل عند الساعة 7:40 من صباح يوم الثلاثاء الموافق 22/9/2015، وقد كان الجنديان المتواجدان على الحاجز يصوبان سلاحهما باتجاه الشابة هديل، ويصرخان عليها، ويطلبان منها الرجوع للخلف أثناء محاولتها المرور عبر الحاجز باتجاه البلدة القديمة من الخليل. ولكن الشابة، لم ترجع للخلف، وبقيت واقفة في مكانها، وقد يعزى ذلك إلى أنها لم تفهم ما كان يطلبه الجنديان اللذان خاطباها باللغة العبرية.
في هذه الأثناء طلب أبو عيشة من أحد الجنديان أن يتكلم للفتاة التي كانت ترتدي نقابًا أسودًا يغطي جزءًا كبيرًا من حقيبة حاسوب كانت تعلقها على كتفها. وخلال مخاطبته لها وطلبه منها أن ترجع للخلف، قام أحد الجنديان بإطلاق رصاصة على الأرض بالقرب من قدم الفتاة، فرجعت الفتاة للخلف، وقام فوّاز، شاهد العيان، بفتح ممر الخروج لها على الحاجز، وذلك بتحريك الفاصل البلاستيكي الأحمر الذي يفصل مسرب الدخول عن مسرب الخروج جزئيًا. وبعد أن مشت الفتاة قليلًا في مسرب الخروج مبتعدة قليلًا عن الجنود قام ذات الجندي الذي أطلق النار على الأرض في السابق بتصويب سلاحه باتجاه رأس الفتاة، فتوقفت عن المسير، وكان يفصله عنها فاصل مواسير حديدي يبلغ ارتفاعه حوالي 120 سم تقريبًا، وطلب منها أن تقف وترفع يديها للأعلى وأن تستدير باتجاه الحائط. خفض الجندي بعد ذلك سلاحه وأطلق رصاصة أخرى على الأرض بالقرب من الفتاة، وقد تزامن ذلك مع حضور أربعة جنود من اتجاه تل الرميدة. صاح الجنود على الفتاة وطلبوا منها رفع يديها للأعلى وإدارة وجهها للحائط، وصوبوا سلاحهم باتجاه الفتاة واتجاه فوّاز. طلب فوّاز من الفتاة إلقاء حقيبتها ورفع يديها للأعلى، ولكنها لم تستجب، وبقيت متسمّرة في مكانها دون حراك.
اتخذ الجندي نفسه وضعية القنص على ركبته، وأطلق رصاصة باتجاه الساق اليسرى للفتاة، أصابتها في الكاحل، فسقطت الفتاة على الأرض، وسقط سكين كان بيدها تخفيه تحت نقابها. وقف الجندي ذاته، واقترب أكثر من الفتاة، وأطلق رصاصة أخرى على ساقها اليمنى، ومن ثم أقترب أكثر وأصبح على بعد متر واحد من الفتاة وقام بإطلاق عدد من الرصاصات على جسمها، بعضها على الجزء العلوي من جسدها. توقف الجندي لحوالي ثلاثين ثانية وأطلق رصاصة إضافية على الجزء العلوي من جسدها أيضًا.
وفور عملية القتل ادعت سلطات الاحتلال أن الجنود قتلوا الفتاة بعد محاولتها طعنهم على الحاجز،[1] ولكن التفاصيل أعلاه تدحض الرواية الإسرائيلية. واستنادًا لهذا فإن "الحق" تستنتج الآتي:
- أن الشابة الهشلمون قتلت عمدًا، وأن الجنود كان بإمكانهم السيطرة عليها دون الحاجة لاستخدام الذخيرة الحية. وحتى لو افترضنا جدلًا أن الشابة قامت بمهاجمة الجنود بالسكين، فلا يعقل أن جنودًا مدربين على القتال ويحملون سلاحًا حديثًا، ويرتدون واقيات من الرصاص لا يستطيعون السيطرة على فتاة صغيرة تحمل سكينًا، دون الحاجة لقتلها. ولو افترضنا أيضًا أن مقاتلًا كان في مكان الفتاة، فإن القانون الإنساني الدولي يفرض على جنود الاحتلال التعامل معه بإنسانية بعد تحييد الخطر المفترض. وبهذا فإن قتل الشابة الهشلمون في ظل هذه المعطيات غير مسوّغ، وقد يشكل جريمة حرب.
- أن هذه الحادثة وما سبقها من حوادث ادعت فيها جنود الاحتلال أنهم هوجموا بسكين قبل عميلة القتل تشير إلى أن الجنود أقرب دائمًا لقرار القتل، وهم متحفزون لذلك دومًا.
- أن المنطقة التي تمت فيها عملية القتل هذه مراقبة بكاميرات خاصة تابعة لقوات الاحتلال، فلماذا لا تنشر سلطات الاحتلال فيديو يثبت صحة روايتها، وهذا ينطبق على عدد من الحالات السابقة المشابهة، وخصوصًا حالة الشهيد محمد عمشة، الذي قتلته قوات الاحتلال على حاجز زعترة شمال نابلس بتاريخ 17/8/2015، والشهيد أنس طه الذي قتلته قوات الاحتلال بالقرب من محطة وقود على مدخل قرية خربثا المصباح غرب رام الله بتاريخ 9/8/2015.
- إن عدم تحرك الفتاة واستجابتها لطلب رفع يديها للأعلى قد يكون ناجمًا عن خوف وارتباك أثر على قدرتها على التجاوب. كما أن تسمّرها في مكانها دون حراك يدحض الرواية الإسرائيلية التي تدعي بأن الفتاة هاجمتهم، ولو كان في نيتها المهاجمة لهاجمت، وخصوصًا أن الجنديان كانا قريبين منها.
- إن تكرار عمليات قتل الفلسطينيين بهذه الطريقة وطرق مشابهة من قبل جنود الاحتلال يعكس بوضوح سياسة التهاون التي تتبعها سلطات الاحتلال إزاء مرتكبي هذه الجرائم، وهذا يشجع على ارتكاب المزيد منها، وخصوصًا أن سلطات الاحتلال أصدرت مؤخرًا تعليمات للجنود بإطلاق النار باتجاه "راشقي الحجارة". يذكر أن قوات الاحتلال والمستوطنين قتلوا منذ بداية العام 32 فلسطينيًا، من بينهم خمسة أطفال، وثلاثة قتلوا من قبل مستوطنين.
-انتهى-
[1] أنظر موقع الفيسبوك الخاص بالمتحدث باسم قوات الاحتلال أفيخاي أدرعي.