القائمة الرئيسية
EN
نداء للتحرك العاجل: قوات الاحتلال الإسرائيلي تشن هجوماً واسع النطاق شمال الضفة الغربية 
28، أغسطس 2024

شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ ساعات الصباح الباكر هجوماً واسعاً ومستمراً حتى اللحظة في المحافظات الشمالية من الضفة الغربية المحتلة، وتحديداً في جنين وطولكرم وطوباس ومخيمات اللجوء فيها. وتشير الأنباء الأولية إلى أن قوات الاحتلال قد خططت لهذا الهجوم منذ أسابيع. 

ويتمثل هذا الهجوم في نشر أعداد كبيرة من قوات الاحتلال، بما في ذلك المئات من الجنود والقناصة، بالإضافة إلى سلاح الجو وأعداد كبيرة من الآليات العسكرية، بما فيها الجرافات. ووُصفت العملية بأنها "العملية الأكبر في الضفة الغربية منذ عام 2002 [الانتفاضة الثانية]". وحتى لحظة نشر هذا البيان وفي غضون ساعات منذ بدء الهجوم العسكري، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي تسعة فلسطينيين على الأقل وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، حيث استشهدوا إثر إصابتهم بأعيرة نارية أو بالقصف الجوي المباشر. 

وبحسب المعلومات الأولية المتوفرة لدى مؤسسة "الحق"، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد أغلقت مداخل جنين وطولكرم، وبالتحديد مخيم جنين ومخيم نور شمس، وتقوم بأعمال تدمير واسعة للبنية التحتية، مستخدمة الجرافات العسكرية. وقد نشرت قوات الاحتلال جنودها بشكل واسع في مناطق متعددة وقاموا بمداهمات وأعمال تفتيش في العديد من المنازل، بما فيها مخيم جنين، وذلك بمرافقة جنود قناصة انتشروا على أسطح المنازل والبنايات السكنية. وقد توقفت الحركة في جنين ومخيمها بشكل كامل مع انتشار طائرات الاستطلاع  فوق المدينة والمخيم. علاوة على ذلك، وردت تقارير عن وجود أعداد كبيرة من الجنود الإسرائيليين في منطقة المستوطنات المُخلاة شرق جنين، والتي يبدو أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستخدمها كقاعدة عسكرية.

كما أشارت التقارير الأولية أنه في حوالي الساعة 4:00 صباح اليوم الأربعاء، 28 أغسطس/آب 2024، استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية مركبة كانت تسير بين قريتي صير ومسلية جنوب جنين، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة فلسطينيين على الأقل، فيما أفادت بعض المصادر الأخرى عن استشهاد أربعة فلسطينيين. وبالمثل، خلال هجومها على مخيم نور شمس، استهدفت طائرة إسرائيلية مسيرة مجموعة من الفلسطينيين، مما أسفر عن وقوع إصابات، دون ورود تقارير مؤكدة عن سقوط شهداء في محافظة طولكرم حتى الآن.

بالإضافة إلى ذلك، نشرت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة آليات عسكرية في محيط مستشفى جنين وابن سينا في جنين، إضافة إلى مستشفى الإسراء وثابت ثابت في طولكرم. ويقوم جيش الاحتلال بإيقاف سيارات الإسعاف وفحص هويات المسعفين والطواقم الطبية، بالإضافة إلى هويات المصابين أو المرضى أو الشهداء الذين يتم نقلهم في سيارات الإسعاف، معيقين بذلك عمل الطواقم الطبية وقدرة الفلسطينيين في الحصول على العلاج والإسعاف الأولي. 

وفي حوالي الساعة 9:20 صباح اليوم، صرح الدكتور وسام بكر، مدير مستشفى جنين الحكومي بأنه تلقى إخطاراً من مكتب الارتباط الفلسطيني بشأن نية قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحام المستشفى. وتجدر الاشارة إلى أن المستشفى محاصر حالياً من قبل قوات الاحتلال. 

تحذر مؤسساتنا، مؤسسة الحق، مركز الميزان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، من خطورة تبعات قيام قوات الاحتلال بتنفيذ تهديدها باقتحام مبنى مستشفى جنين الحكومي، المستشفى الحكومي الوحيد والأكبر في محافظة جنين، بسعة حوالي 220 سريراً، وهو الأقرب لمخيم جنين، ويعمل بقدرة قصوى لتوفير الخدمات الصحية لمجموعات كبيرة من السكان. 

وتزامناً مع بدء حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، كثفت قوات الاحتلال قمع الفلسطينيين والفلسطينيات في كافة أماكن تواجدهم في فلسطين التاريخية، وذلك باستخدام القوة المفرطة والمميتة، بما في ذلك القصف الجوي، في مناطق الضفة الغربية المحتلة، بما فيها مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية. 

وفقاً لتوثيق مؤسساتنا، فمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 27 أغسطس/آب 2024، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين ما لا يقل عن 638 فلسطينياً/ة في الضفة الغربية، بما فيها شرقي القدس. من بين هؤلاء، استشهد حوالي ربعهم (160 فلسطينياً) في محافظة جنين، في حين استشهد 144 فلسطينيًا في محافظة طولكرم، و71 في محافظة نابلس، و41 في محافظة طوباس.

ومما يدعو للقلق، فقد أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" نية دولة الاحتلال التعامل مع مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية بنفس الآلية المتبعة في قطاع غزة، بما فيها "إجلاء مؤقت للسكان في تلك المناطق وكل إجراء ضروري آخر". 

تحذر مؤسساتنا من تصاعد عنف الاحتلال في الضفة الغربية وتصاعد استخدامه لتدابير تشبه تلك التي يستخدمها في حرب الإبادة الجماعية في غزة، خاصة الهجمات على المستشفيات والمنشآت الصحية، واستخدام القوة المفرطة والعشوائية.

يجب النظر إلى الهجوم العسكري الإسرائيلي على محافظات شمال الضفة الغربية في ضوء النوايا الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين/ات بشكل دائم و(إعادة) إنشاء المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية في المنطقة. من الجدير ذكره أنه في مارس/آذار 2023، أقر الكنيست الإسرائيلي تعديلًا على قانون فك الارتباط يسمح للمستوطنين الإسرائيليين بالعودة إلى المستوطنات في الضفة الغربية التي تم إخلاؤها خلال خطة فك الارتباط عام 2005، والتي تقع بالقرب من مدينتي جنين ونابلس. وقد سمح ذلك بإعادة توطين مستوطنة حومش بعد أن تم إضفاء الشرعية عليها من قبل الحكومة الإسرائيلية. إضافة إلى ذلك، في مايو/آيار 2024، وافق وزير "الدفاع" الإسرائيلي على عودة المستوطنين الإسرائيليين إلى ثلاث مستوطنات في الضفة الغربية تم إخلاؤها سابقًا: صانور، وغنيم، وكديم.

يعتبر الهجوم العسكري على المدن والمخيمات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية تجلياً آخر وتجسيداً للعنف الاستعماري ضد الشعب الفلسطيني وتجريده من إنسانيته وحرمانه من حقوقه في تقرير المصير والعودة.

نطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل واتخاذ تدابير مضادة ضد دولة الاحتلال كما يقتضي القانون الدولي، للضغط عليها لوقف عنفها الإبادي والاستعماري ضد الفلسطينيين والفلسطينيات في غزة والضفة الغربية، وخاصة فرض حظر توريد أسلحة شامل عليها. إن فشل المجتمع الدولي والدول الأطراف والأمم المتحدة في وقف الانتهاكات الممنهجة للقانون الدولي من قبل دولة الاحتلال يشجعها على تصعيد عنفها وترسيخ مشروعها الاستيطاني الاستعماري والذي يهدف إلى محو الوجود الفلسطيني من فلسطين التاريخية.

نطالب باتخاذ إجراءات فعالة بشكل عاجل.