تهدف هذه الورقة إلى استعراض تجربة المحاكم العسكرية في فلسطين خلال السنوات الماضية، من حيث الإطار الدستوري والقانوني الناظم لها، وتشكيلها واختصاصاتها، وأبرز المراحل والتطورات التي مرَّ بها القضاء العسكري، ومدى استقلالية المحاكم العسكرية الفلسطينية ومراعاتها للمعايير الدولية وضمانات المحاكمة العادلة؛ وبخاصة مسألة حظر عرض المدنيين على القضاء العسكري التي شكلت مطلباً شعبياً في خضم الحراك الذي انطلق في المنطقة العربية مطلع العام 2011، وارتداداته على صعيد تطور القضاء العسكري الفلسطيني، والجهود التي بذلتها مؤسسة الحق في إطار دورها في تعزيز سيادة القانون واستقلال القضاء، واحترام ضمانات المحاكمة العادلة، وآخر المستجدات.
مرَّ القضاء العسكري الفلسطيني، خلال السنوات الماضية، بأربع مراحل رئيسية؛ الأولى امتدت منذ العام 1995 ولغاية أواخر العام 2002 وشهدت سيطرة محكمة أمن الدولة العليا التي سلبت اختصاص القضاء المدني والقضاء العسكري في آن معاً إلى أن ألغيت بعد إقرار القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور المؤقت) ونشره في الجريدة الرسمية في تموز/ يوليو 2002 الذي ألغى جميع أنظمة الطوارىء المعمول بها في فلسطين قبل نفاذ أحكامه وحصر اختصاص المحاكم العسكرية دستورياً بالشأن العسكري، أعقبه صدور قرار رئاسي في كانون الأول/ ديسمبر 2002 بإلغاء محكمة أمن الدولة العليا بمحصلة جهود كبيرة بذلتها المنظمات الأهلية والمجلس التشريعي الفلسطيني.