القائمة الرئيسية
EN
قوات الاحتلال تقتل عشرات المصلين والنازحين بمركز إيواء في غزة وسط صمت دولي مستمر
10، أغسطس 2024

تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية بأشد العبارات جريمة القتل الجماعي المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي واستهدفت مئات المصلين والنازحين وقتلت 97 منهم في مصلى بمدرسة تأوي الآلاف من النازحين والنازحات في مدينة غزة.

وهذه الجريمة هي تعبير صارخ عن سياسة إسرائيلية معلنة بالاستمرار في ارتكاب هذا النوع من الجرائم المروعة بعد 10 أشهر من الهجوم العسكري الواسع على قطاع غزة، وهي نتيجة لاستمرار سياسة الإفلات من العقاب وتواطؤ بعض دول العالم الغربي في الانتهاكات الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني من خلال تزويدها لقوات الاحتلال بالسلاح والذخائر مع غياب الإرادة الدولية لإلزام دولة الاحتلال بتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وتعبر مؤسساتنا عن صدمتها من مشاهد الأشلاء المحترقة لعشرات الشهداء التي تناثرت في مصلى وساحة المدرسة، ما يدل على أن هذه الصواريخ التي أُطلقت باتجاه المدرسة هي من النوعية المدمرة والحارقة التي تستخدمها قوات الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني وتزودها بها الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.

ووفق المعلومات التي جمعتها طواقمنا، ففي حوالي الساعة 4:40 فجر اليوم السبت 10 أغسطس/آب الجاري، قصفت طائرات الاحتلال بثلاث صواريخ موجهة مبنى يضم الطابق الأرضي منه مصلى، والطابق الأول مركز إيواء مخصص للنساء والأطفال، داخل مدرسة التابعين للعلوم الشرعية التي تأوي آلاف النازحين في شارع النفق في مدينة غزة، بالتزامن مع أداء العشرات منهم صلاة الفجر. ووفق المعلومات من شهود العيان، فقد استهدف القصف المبنى، وأسفر عن استشهاد العشرات من النازحين والمصلين، بينهم عائلات وأسر بأكملها، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وقد تحول جُلهم إلى أشلاء وجثث متفحمة، وأُصيب عشرات آخرون بجروح وحروق وحالات بتر.

ووفق المصادر الطبية، فقد وصل إلى مستشفى المعمداني في مدينة غزة عدد كبير من الشهداء، الكثير منهم عبارة عن أشلاء وأجساد ممزقة، وتم التعرف على 70 منهم، فيما بقيت أشلاء نحو 10 شهداء آخرين مجهولة الهوية، ولا يزال عدد كبير من الضحايا تحت الأنقاض. كما وصل العشرات من الجرحى، بينهم عدد كبير من المصابين بحروق شديدة وحالات بتر، وبينهم حالات خطيرة توفي عدد منهم داخل المستشفى، وبالتالي فإن عدد الضحايا مرشح للارتفاع، خاصة مع انهيار النظام الصحي في قطاع غزة؛ إذ أن المستشفى الأهلي هو المستشفى الوحيد الذي يعمل جزئيًّا وبإمكانات محدودة في مدينة غزة.

وأفاد محامي المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الذي توجه إلى المدرسة بعد استهدافها، لتوثيق الجريمة: أن الحصيلة الأولية للشهداء وفق المصادر الطبية بلغت 97 شهيدًا/ة، جزء منهم نقلوا إلى المستشفى المعمداني (الأهلي)، وجزء آخر دفنوا في المدرسة، مشيرًا إلى وجود صعوبة بالغة جداً في التعرف على الجثامين لأنها عبارة عن أشلاء وأجساد ممزقة.

وتشير مؤسساتنا إلى أن ادعاء الاحتلال أنه يستخدم قنابل ذكية في هجماته العسكرية هو ادعاء كاذب ويعبر عن استهتاره بالعالم بأسره، حيث يمضي في القتل الجماعي ويسوق تبريرات لا صحة لها وتتناقض مع الحقائق. واليوم نحن أمام جريمة من الطراز الأول تؤكد نهج الاحتلال في تعمد ارتكاب الإبادة الجماعية، بقرار من المستوى السياسي، فقد وصل الأمر أن يصرح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، علناً بأن "قتل مليوني فلسطيني بقطاع غزة جوعاً قد يكون عادلا وأخلاقيا لإعادة الأسرى الإسرائيليين من القطاع".

وتشدد مؤسساتنا — المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق—  بأن تبريرات الاحتلال المتكررة عن استهداف أفراد من حركة حماس أو مقاتلين ما هي إلا مجرد ادعاءات لا قيمة لها؛ إذ لا يوجد مبرر بأي شكل من الأشكال لاستخدام هذه القوة غير المتناسبة وغير الضرورية التي أدت إلى استشهاد عدد كبير من المدنيين والمدنيات داخل مدرسة تأوي نازحين.

ومع تأكيد مؤسساتنا أن القتل المستهدف يعد من الجرائم التي تنتهك قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فإنها تشير إلى أن إسرائيل وفق ما أعلن جيشها تمتلك معلومات استخبارية دقيقة عن تحركات الأشخاص وأماكنهم ولديها صواريخ دقيقة مخصصة للأفراد، إلا أنها استخدمت قوة نارية هائلة وتعمدت الاستهداف في توقيت تجمع المصلين لصلاة الفجر، ما يدل على تعمدها إيقاع أكبر عدد من الضحايا.

وتشير مؤسساتنا، إلى أن استهداف مراكز إيواء النازحين المقامة داخل المدارس، ليس حادثا منعزلاً، بل هو تعبير عن سياسة إسرائيلية ممنهجة، حيث كثفت قوات الاحتلال منذ بداية الشهر الجاري استهداف مراكز الإيواء المقامة في المدارس في مدينة غزة، على رؤوس النازحين فيها، وقصفت 10 مدارس وقتلت وأصابت العشرات من النازحين بداخلها، ما يدل على أنها تهدف إلى تدمير جميع مراكز الإيواء وتهجير النازحين قسرياً باتجاه جنوب وادي غزة، علماً أن جرائم قتل وقصف النازحين وغيرهم مستمرة هناك أيضاً.

ومنذ بداية الهجوم العسكري في أكتوبر/تشرين أول 2023، قصفت طائرات الاحتلال نحو 160 مدرسة من مراكز الإيواء وقتلت المئات فيها، وأصابت الآلاف، فضلاً عن استهداف خيام النازحين وتجمعاتهم، بما في ذلك ضمن ما يعرف بالمنطقة الإنسانية التي حددتها قوات الاحتلال في مواصي خانيونس ورفح.

وحتى وقت إعداد هذا البيان، تواصل قوات الاحتلال قصفها عبر الجو والبر والبحر، لجميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك المناطق التي أعلنتها مناطق آمنة وإنسانية، ما يُوقع مزيداً من الضحايا ويتسبب بتدمير المباني والبنى التحتية، مع استمرار معاناة مئات آلاف النازحين والنازحات وتفشي المجاعة في شمال القطاع. 

تطالب مؤسساتنا الدول التي تقوم بتزويد إسرائيل بالأسلحة والذخائر، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي توفر الغطاء السياسي والقانوني والمالي لدولة الاحتلال وهي المزود الأكبر للسلاح والذخائر لإسرائيل، بالتوقف عن ذلك على الفور. تعتبر هذه الدول جميعها شريكة بكل المعايير في جريمة الإبادة الجماعية والجرائم الأخرى المرتكبة في قطاع غزة.

تجدد مؤسساتنا دعوتها للمجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بالامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية الفارضة لتدابير مؤقتة لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. كما نطالب الدول الأطراف الثالثة بالالتزام بمسؤوليتها القانونية لوضع حد لحصانة دولة الاحتلال ووقف تزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الابادة الجماعية.