تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومها العسكري الواسع على قطاع غزة، بما في ذلك قصف المنازل على رؤوس ساكنيها، وارتكاب جرائم قتل جماعي، في وقت لا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن إجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية أو الامتثال لقواعد القانون الدولي.
وترى مؤسساتنا، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، مركز الميزان، ومؤسسة الحق، أن استمرار إسرائيل في عدوانها لليوم الـ 251 على التوالي وتجاهلها المطالبات بوقف الإبادة الجماعية في غزة، هو نتيجة لاستمرار سياسة الإفلات من العقاب نتيجة الحصانة التي توفرها بعض دول العالم الغربي المتواطئة في الانتهاكات الخطيرة بحق الشعب الفلسطيني من خلال تزويدها قوات الاحتلال بالسلاح والذخائر إلى جانب الدعم السياسي.
وضمن سلسلة جرائم واسعة، كان أبرزها خلال الأيام الماضية وفق ما وثقه باحثونا ما يلي:
في حوالي الساعة 11:55 مساء الأربعاء 12 يونيو/حزيران الجاري، قصفت طائرات الاحتلال شقة لعائلة اللوح، في عمارة اللوح المكونة من 7 طوابق، في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. أسفر القصف عن تدمير الشقة واستشهاد ثلاثة من سكانه، بينهم امرأتان.
وفي حوالي الساعة 8:30 صباح اليوم نفسه، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة عزام في حي الزيتون، جنوب مدينة غزة، على رؤوس ساكنيه دون إنذار مسبق. أسفر ذلك استشهاد 6 من سكانه، هم أم وخمسة من أبنائها، بيهم 4 أطفال.
في حوالي الساعة 01:30 فجر اليوم نفسه، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة شعت في بلدة النصر شمال شرقي رفح على رؤوس ساكنيه دون إنذار مسبق، ما أدى إلى استشهاد الطفل عبيدة مصباح محمد شعت، 11 عاما، وإصابة آخرين بجروح مختلفة.
وفجر اليوم نفسه، قصفت طائرات الاحتلال منزلاً لعائلة عاشور في حي الدرج وسط مدينة غزة، دون إنذار مسبق، ما أدى إلى استشهاد 8 من سكانه بينهم عدد من الأطفال.
وفي حوالي الساعة 10:00 صباح الثلاثاء 11 يونيو/حزيران الجاري، قصفت طائرات الاحتلال شقة سكنية في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، بالتزامن مع تجمع عدد من السكان لاستلام مواد تموينية. أسفر ذلك عن استشهاد ثلاثة من المارة، منهم طفلان، وإصابة آخرين بجروح بينهم نساء وأطفال.
وفي حوالي الساعة 7:00 صباح اليوم نفسه، قصفت طائرة مسيرة إسرائيلية عددا من المزارعين في حي مصبح شمال غربي رفح، ما أدى إلى استشهاد 3 مزارعين من عائلة ضهير.
وفي حوالي الساعة 11:00 مساء الاثنين 10 يونيو/حزيران الجاري، قصفت طائرات الاحتلال منزلا من طابقين، لعائلة التلباني، في بلدة الزوايدة غرب المحافظة الوسطى، على رؤوس ساكنيه دون إنذار مسبق. أدى ذلك إلى استشهاد الأب وطفليه وإصابة آخرين بجروح.
في حوالي الساعة 1:00 مساء اليوم نفسه، قصفت طائرات الاحتلال منزلا من عدة طوابق لعائلة كوارع جنوب خانيونس. أسفر ذلك عن استشهاد 5 من سكانه، منهم 3 نساء وطفل، وبين الضحايا أب وثلاثة من أبنائه، إضافة إلى إصابة آخرين بجروح.
وإلى جانب استمرار القصف عبر الجو والبر والبحر، على جميع أرجاء قطاع غزة بما فيها مناطق سبق أن نفذت فيها قوات الاحتلال هجمات برية عدة مرات، أو مناطق أعلنتها كمناطق آمنة وإنسانية، تستمر معاناة قرابة مليوني نازح في أرجاء القطاع يعيشون في مراكز إيواء وخيام تفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة.
ويواجه عشرات آلاف السكان والنازحين، في شمال غزة تحديدًا، أوضاعًا بائسة وكارثية مع تدمير وإحراق غالبية منازلهم ومراكز الإيواء التي كانت تؤويهم خاصة في جباليا ومخيمها، وتزداد مشاهد المأساة الإنسانية الصعبة التي يتعرض لها المدنيون، مع نفاد المواد الغذائية والسلع الأساسية مع توقف وصول المساعدات والبضائع منذ بداية مايو/أيار الماضي، مما ترك عشرات الآلاف على شفا المجاعة.
تجدد مؤسساتنا تحذيرها من أن مظاهر المجاعة بدأت تعود إلى شمال غزة وقد تؤدي إلى موت الكثير من الأشخاص جوعا خاصة مع انهيار المنظومة الصحية وافتقار المؤسسات للمواد الأساسية لعملها وللأدوية.
ولا يزال شحّ الوقود يعيق بشدة إمكانية حصول السكان على المياه، ويعرقل قدرة منشآت الصرف الصحي الحيوية على العمل في قطاع غزة، وينذر بتوقف عمل المستشفيات ومحطة الأكسجين الوحيدة في غزة، عن العمل. ووفقا لمجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، لم يتم الحصول إلا على 20 بالمائة من الوقود اللازم في الأسبوع لضمان تشغيل منشآت المياه والصرف الصحي الحيوية (94,000 من أصل 490,000 لتر) في الفترة الواقعة ما بين 26 أيار/مايو و2 حزيران/يونيو. كما تم تعليق تسليم إمدادات الوقود في الفترة ما بين 31 أيار/مايو و6 حزيران/يونيو بسبب الشواغل الأمنية ونقل خدمات الدعم اللوجستي من رفح إلى خانيونس في ظل احتدام العمليات العسكرية. ونقص الوقود يحد من توزيع المياه، ويؤثر على توافر المياه الصالحة للشرب، وحتى 2 حزيران/يونيو، بلغ الإنتاج اليومي من المياه في قطاع غزة نحو 95,000 متر مكعب في اليوم، وهو ما يمثل 26 بالمائة فقط من المياه التي كانت تُنتج قبل شهر تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ووفق آخر تحديث صادر عن وزارة الصحة، ظهر اليوم الخميس، 13 يونيو/حزيران 2024، ارتفعت حصيلة الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 37,232 شهيدا/ة و85,037 إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وحتى وقت إعداد هذا البيان، تواصل قوات الاحتلال قصفها الجوي والبري والبحري على جميع أنحاء قطاع غزة، ما يُوقع مزيداً من الضحايا ويتسبب بتدمير المباني والبنى التحتية، مع استمرار معاناة مئات آلاف النازحين والنازحات جراء انعدام مقومات الحياة وتوقف المساعدات وانهيار النظام الصحي.
نجدد دعوتنا للمجتمع الدولي لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بالامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية التي فرضت تدابير مؤقتة لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
وندعو المحكمة الجنائية الدولية للإسراع في تحقيقاتها وإصدار مذكرات اعتقال بحق المتورطين في جرائم الحرب والجرائم
ضد الإنسانية والجريمة الأخطر الإبادة الجماعية.
كما نطالب الدول الأطراف الثالثة بالالتزام بمسؤوليتها القانونية لوضع حد لحصانة دولة الاحتلال وذلك من خلال وقف تزويد إسرائيل بالسلاح والذخيرة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية.