وقال مدير مؤسسة الحق، السيد شعوان جبارين، الذي قدم هذا البلاغ مع المحامية المتخصصة في حقوق الإنسان، السيدة ندى كيسوانسون، أن "هذا البلاغ الذي يتألف من 700 صفحة يستعرض أساسًا دامغًا ومعقولًا لكي تفتح المدعية العامة تحقيقًا بموجبه في الجرائم الذي وردت الادعاءات بارتكابها بحق السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. فعلى مدى السنوات الخمسين الماضية، لم تزل إسرائيل تُخضع السكان الفلسطينيين لاحتلال حربي يحرمهم من حقوق الإنسان الأساسية الواجبة لهم وتعرّضهم لجرائم شنعاء. ويبث البلاغ الذي نرفعه إلى المحكمة الجنائية الدولية الأمل بأن أي شخص يرتكب جرائم ضد الفلسطينيين سوف يخضع للمحاسبة عن أفعاله. ونحن على قناعة بأنه لن يتحقق السلام الدائم والأصيل دون إنجاز العدالة.‘
ويتناول البلاغ الاجراءات التي قامت بها إسرائيل، الدولة القائمة بالإحتلال، في سبيل توسيع إقليمها وضمان هيمنة المستوطنين الإسرائيليين فيه من خلال تغيير التركيبة الديموغرافية في الأرض الفلسطينية المحتلة. وفي سياق هذه الإجراءات، تقدم منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية الأدلة التي تثبت أن إسرائيل تضطهد السكان الفلسطينيين القابعين تحت نير احتلالها وتعرّضهم لجرائم تنطوي على الاضطهاد والفصل العنصري. كما يتطرق البلاغ إلى ترحيل السكان الفلسطينيين المحميين قسرًا من مناطق سكناهم وإحلال المستوطنين الإسرائيليين محلهم. وفضلًا عن ذلك، استعرض البلاغ معلومات داعمة تبين الإجراءات التي تستهدف مصادرة ممتلكات الفلسطينيين وتدميرها ونهبها على نطاق واسع. كما يقدم البلاغ الأدلة التي تثبت قتل 300 فلسطيني عن عمد ومع سبق الإصرار على يد القوات الإسرائيلية منذ يوم 13 حزيران/يونيو 2014. ولم تفتأ إسرائيل تنفيذ سياسة تقوم على إطلاق النار بهدف القتل في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 2015.
وقال السيد راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن ’نقل المستوطنين الإسرائيليين إلى الأرض الفلسطينية المحتلة يشكّل جريمة حرب فريدة بالنظر إلى أنها تقترن مع مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية، وتدمير ممتلكات الفلسطينيين على نطاق واسع، وتفتيت عرى نسيجهم الاجتماعي ونمط حياتهم. وما من شك في أن الإجراءات التي تنفذها إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة إجراءات استعمارية. وقد قرر المجتمع الدولي قبل وقت طويل أن الاستعمار عمل شائن يستحق الشجب، وأنه بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يخضع للعقوبة من خلال جريمة نقل المستوطنين.‘
وتقوم الأساليب الرئيسية التي تلجأ إليها إسرائيل على تفتيت تقطيع أوصال الأرض الفلسطينية المحتلة وتشتيت السكان القابعين تحت احتلالها.
وقال السيد عصام يونس، مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، إن ’إسرائيل لم تنفك عن تدمير وحدة الأرض الفلسطينية منذ فترة لا تقل عن بداية احتلالها في العام 1967. كما يتيح عزل قطاع غزة، وما يقترن به من اعتداءات عسكرية منتظمة وواسعة النطاق، لإسرائيل أن تُحكم قبضتها في نهاية المطاف على جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة وأن تحرم الفلسطينيين من حقهم الذي يحظى باعتراف دولي في تقرير مصيرهم. وعلاوةً على ذلك، يعوق الحصار المفروض على قطاع غزة وسياسة المناطق العازلة المرتبطة به قدرة الفلسطينيين بمجموعهم من الاستفادة من أراضيهم ومن مواردها.‘
وهذا هو البلاغ الرابع الذي تقدمه أربعة من منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية. وكانت البلاغات الثلاثة الأولى تتعلق بالجرائم التي ورد الادعاء بأن مسؤولين مدنيين وعسكريين إسرائيليين رفيعي المستوى ارتكبوها في قطاع غزة المحتل، بما فيها تلك الجرائم التي أقدموا على اقترافها في سياق العدوان العسكري الذي شنته إسرائيل على القطاع في العام 2014.
وتملك المحكمة الجنائية الدولية الولاية القضائية التي تتيح لها النظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية التي ارتُكبت في إقليم دولة فلسطين منذ يوم 13 حزيران/يونيو 2014. وتعمل المدعية العامة، في هذه الآونة، على إجراء دراسة أولية بشأن الوضع في فلسطين. وتحث المنظمات الأربعة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية على فتح تحقيق شامل في الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة على وجه الاستعجال. وتؤمن منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية بأن إجراء تحقيق يُعد خطوة ضرورية نحو وضع حد لثقافة الإفلات من العقوبة التي انتشرت على مدى ردح طويل من الزمن فيما يخص الجرائم الإسرائيلية وإخضاع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين للمحاسبة على أفعالهم. وبذلك، يقتضي الواجب التعامل مع وجهات نظر الضحايا الفلسطينية بما يصب في صالح العدالة وجبر الضرر الذي حل بهم. وهذا ضروري لضمان تحقيق السلام والأمن على المستويين الإقليمي والدولي.