[التاريخ] 2024، أمستردام
قام مركز الدعم القانوني الأوروبي (ELSC) ومؤسسة الحق وسومو (SOMO) ومنتدى الحقوق (The Rights Forum) بتقديم شكوى جنائية مشتركة أمام النيابة العامة الهولندية ضد شركة Booking.com لمحاسبتها على جني الأرباح من جرائم الحرب المرتكبة في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وتأتي هذه القضية بعد سنوات من البحث في أنشطة Booking.com في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية كجزء من مسار طويل من الإجراءات بحق الشركات التي تنتفع من الانتهاكات في الأرض الفلسطينية المحتلة. إذ تجني شركة Booking.com أرباحها من خلال تسهيل تأجير بيوت "الإجازات" المقامة على أراضي السكان الفلسطينيين الأصليين المسروقة، وهو ما يعد جريمة حرب.
"تتدفق الأرباح الناتجة من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية إلى النظام المالي الهولندي من خلال قوائم تأجير Booking.com".
يجرم القانون الهولندي التربّح من جرائم الحرب وفق المادة 1 (4) من قانون الجرائم الدولية الهولندي (Wet Internationale Misdrijven). ووفقاً لذلك، يؤكد المدعون في هذه الشكوى أن شركة Booking.com تقوم بإدخال عائدات الجريمة إلى النظام المالي الهولندي من خلال جني الأرباح من الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي - مما يعني أن الشركة ترتكب جريمة غسيل الأموال. كما ويؤكد المدعون أن من واجب دائرة الادعاء العام الهولندية حماية نزاهة النظام المالي الهولندي من خلال ملاحقة هذا السلوك قضائياً والتحقيق فيه.
على الرغم من إدراك شركة Booking.com لحجم المخاطر القانونية التي تنطوي عليها هذه الأنشطة، إلا أنها ومع ذلك اختارت الاستمرار في عرض أماكن الإقامة في المستوطنات غير القانونية. ولهذه الأسباب، تم إدراج شركة Booking.com على القائمة السوداء من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 2020. وفي هذا السياق، تكشف تقارير مؤسسات حقوق الإنسان مثل امنستي انترناشونال وهيومن رايتس واتش مدى تواطؤ قطاع السياحة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية.
"هدفنا هو وضع حد للإفلات من العقاب للشركات التي تجني أرباحها من المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية"
تهدف منظماتنا من خلال هذه الشكوى الجنائية وقف ضلوع شركة Booking.com في الجرائم الدولية المرتكبة على الأراضي الفلسطينية المنهوبة ومحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم، وذلك لوضع حد لسياسة الإفلات من العقاب للشركات التي تجني أرباحها من الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي الإنساني.
تعد المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، إذ تنتهك بشكل ممنهج حقوق الإنسان وتشكل أفعالاً ترقى إلى مستوى جرائم حرب والجرائم ضد الإنسانية، كما أن استمرار وجود وتوسع المستوطنات يضر بأي احتمالية لتحقيق العدالة والسلام. يأتي هذا في الوقت الذي تحقق فيه المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في بناء المستوطنات الإسرائيلية، وفي إطار التحذيرات الواضحة الصادرة عن الحكومات الأوروبية للشركات الخاضعة تحت ولايتها القضائية من المخاطر القانونية الناجمة عن العمل في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية. حيث تدّعي الحكومة الهولندية أنها تثني الشركات عن ممارسة الأعمال التجارية في المستوطنات الإسرائيلية، لكنها تضع مسؤولية الالتزام بالقانون على عاتق الشركات نفسها بشكل واضح وصريح.
وبينما يشهد العالم اليوم عدوانًا وحشيًّا ضد الشعب الفلسطيني في غزة، قد يرقى إلى جريمة إبادة جماعية وفق محكمة العدل الدولية، يتصاعد القمع والعنف ضد الفلسطينيين والفلسطينيات في الضفة الغربية إلى مستويات غير مسبوقة يصاحبهما سرقة مساحات شاسعة من الأراضي لبناء وتوسيع المستوطنات غير القانونية. و لذلك فإن الحاجة لمحاسبة الأفراد والشركات المتواطئة في هذه الجرائم والمستفيدة منها أصبحت اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
من الجدير بالذكر أنه في أوائل شهر أيار/مايو، طلبت مؤسسة سومو (SOMO) من شركة Booking.com تزويدها برد على نتائج البحث فيما يتعلق بتورطها في المستوطنات الإسرائيلية والآثار القانونية المترتبة على ذلك. أفادت شركة Booking.com في ردها أنها "لا تتفق البتّة" مع "مزاعمنا بشأن النشاط غير القانوني" واتهامنا إياها بجريمة غسيل الأموال، وتدّعي أنه لا توجد قوانين تحظر إدراج المستوطنات الإسرائيلية في قوائم التأجير، بل وتدّعي الشركة أن قوانين الولايات المتحدة الأمريكية تحظر عليها أن تقوم بسحب استثماراتها من المستوطنات الإسرائيلية.
وفي هذا الإطار، تحذر الدكتورة سوزان باور من مؤسسة الحق من "استغلال شركة Booking.com جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني لتحقيق مكاسب تجارية، إذ يتعرض الفلسطينيون والفلسطينيات في ظل نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني الذي تفرضه دولة الاحتلال للقمع والتعذيب والقتل الوحشي. من خلال الانتفاع من المشروع الاستيطاني غير القانوني، تستفيد شركة Booking.com من الحرمان الممنهج للشعب الفلسطيني من أرضه وموارده الطبيعية، وهو ما يرسّخ نظام الفصل العنصري، ويحرم الشعب الفلسطيني من التمتّع بحقوقه غير القابلة للتصرف المتمثلة بحقه في تقرير المصير وحق العودة للاجئين واللاجئات. وهذا يجسد أقصى مستويات الحرمان من الحرية. نطالب شركة Booking.com بالتوقف عن انتهاك القانون."
وتضيف ليديا دي لووف من مؤسسة سومو: "إن تورط الشركة في الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي يتعارض أيضًا مع معايير الأعمال التجارية وحقوق الإنسان المعترف بها على نطاق واسع، مثل مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان والمبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للشركات متعددة الجنسيات، والتي تدّعي الشركة صراحةً احترامها."
كما ويوضح دان دي جريفت، المسؤول القانوني في مركز الدعم القانوني الأوروبي (ELSC)، "لقد عملنا على هذه الشكوى لسنوات عدة استجابةً لنداءات الفلسطينيين والفلسطينيات الذين رأوا ممتلكاتهم تُسرق أمام أعينهم ثم تتحوّل إلى منازل لقضاء العطلات تدرُّ ربحاً للمستوطنين بعد إدراجها على موقع شركة Booking.com. إلا أن الشركة تجاهلت بشكل مستمر جهود مؤسسات ونشطاء حقوق الإنسان، وحتى الموظفين المعنيين بالموضوع من داخل الشركة، الساعية لتحذير الشركة من أنشطتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي بدورها تدعم نظام الاستعمار الاستيطاني والهيمنة العنصرية التي ترقى إلى الفصل العنصري. مع ذلك، بالكاد تواجه هذه الشركات التي تستفيد من هذه الانتهاكات وتسهل ارتكابها أية محاسبة قانونية. وهذا أمرٌ غير مقبول ويجب أن يتوقف."
ووفقاً لإدوين فانت باد من منتدى الحقوق، "ترفض الحكومة الهولندية اتخاذ إجراءات مجدية ضد استمرار استعمار الأرض الفلسطينية المحتلة، أو ضد الشركات الهولندية التي تستفيد من هذه الجرائم. لقد حان الوقت لإنهاء هذا الإفلات من العقاب وفضح مدى الضرر الذي تلحقه أنشطة الشركات مثل شركة Booking.com بالسكان الفلسطينيين الأصليين."
ونهاية، يؤكد ويليم جيبينك، المحامي في شركة Jebbink Soeteman Advocaten، "من الواضح أن المستوطنات في الضفة الغربية قائمة على جرائم حرب، مما يجعل الاستفادة من هذه الاقتصادات غير المشروعة مبني على الاستفادة من جرائم الحرب. القانون الجنائي الهولندي واضح للغاية: جني الأرباح من جرائم الحرب غير قانوني وممكن أن يرقى لجريمة غسيل الأموال. لا شك في أن شركة Booking.com على دراية بعدم قانونية هذه المستوطنات، فقد طلب منها العديد من الجهات في مرات عدة وقف أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المنهوبة، لذلك نعتبر هذه الشكوى الجنائية إجراء أخير بحق الشركة، ونتوقع أن تشكل هذه القضية عبرة لما قد تواجهه شركات أخرى التي تنتفع من جرائم الحرب."
لأغراض التواصل الإعلامي:
مركز الدعم القانوني الأوروبي (ELSC): ليلى ست أبوها [email protected] ودان دي جريفت [email protected] +31 657925672
مؤسسة الحق: [email protected]
مؤسسو سومو (SOMO): لاورا لينكون [email protected] +31 686458413