تدين مؤسسات حقوق الإنسان بأشد العبارات قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي عيادة صحية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (أونروا) في مدينة غزة، كانت تأوي مئات النازحين والنازحات، مما أدى إلى سقوط إلى 25 شهيدًا وعشرات الجرحى، منهم نساء وأطفال. يأتي ذلك في وقت تستمر فيه قوات الاحتلال تنفيذ عشرات الغارات وارتكاب جرائم قتل جماعي في أرجاء قطاع غزة، لا سيما في جباليا ومخيمها شمال قطاع غزة، الذي شهد خلال يوم أمس السبت، 18 مايو/أيار 2024، استشهاد أكثر من 40 مدنيًّا/ة وإصابة العشرات.
ووفق المعلومات التي توفرت لباحثينا، ففي حوالي الساعة 5:00 فجر يوم الأربعاء الموافق 15 مايو/أيار الجاري، أطلقت طائرات الاحتلال عدة صواريخ تجاه مبنى عيادة الصبرة، المكون من أربعة طوابق، والواقع في حي الصبرة، جنوب مدينة غزة. أسفر القصف عن تدمير مبنى العيادة على رؤوس عشرات النازحين داخله، والذين كانت أعداد منهم تؤدي صلاة الفجر. أدى ذلك إلى استشهاد 25 منهم وإصابة العشرات بجروح. وجاء القصف بعد يوم واحد من توغل قوات الاحتلال في المنطقة وتجريفها السور الخارجي للعيادة.
وأفاد غسان محمد الداعور، 45 عاما، لباحثينا بما يلي:
"كنا ما يزيد عن 200 شخص من النازحين في عيادة الصبرة، أنا وعدد من أفراد أسرتي منهم زوجة أخي وأبنائها ومنهم أطفال. لجأنا للعيادة بعد تدمير منزلنا في بداية العدوان. تفاجأنا فجر الأربعاء بطائرات الاحتلال تقصف مبنى العيادة التي لم يكن بها سوى نازحين مدنيين، أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن، ودمر المبنى على رؤوسنا. أسفر القصف عن سقوط ما يقارب 25 شهيدا وعشرات المصابين، أغلبهم بُترت أطرافهم وإصاباتهم حرجة. استشهد من عائلتي زوجة أخي، رحمة عبد الباسط الداعور، 40 عاما، وأبنائها: مريم إبراهيم محمد الداعور، 19 عاما، ونور، 3 أعوام، وأصيب طفلاها عبيدة، 15 عاما، وبراء، 8 أعوام، وحالتهما خطيرة، ونقلا للعلاج في المستشفى المعمداني بمدينة غزة. علمًا أن قوات الاحتلال كانت تعلم بوجودنا وتوغلت في اليوم السابق وجرفت السور الخارجي للعيادة ولم تطلب منا المغادرة".
وأفاد السيد أ. أ لباحثينا بما يلي:
"بتاريخ 10 مايو/أيار 2024، نزحت إلى عيادة الصبرة، الواقعة في حي الصبرة بمدينة غزة، بعد تدمير الاحتلال منزلي في حي تل الهوا، وكان داخل العيادة عشرات النازحين المدنيين، وأغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن. كان الجميع يعتقد أن البقاء في العيادة أكثر أمنًا كونها عيادة صحية وتتبع للأونروا. وفي يوم الثلاثاء 14 مايو/أيار 2024، توغلت قوات الاحتلال مصحوبة بالدبابات الإسرائيلية في المنطقة وجرفت سور العيادة الخارجي وكانت تطلق النار بشكل عشوائي وعنيف جدا باتجاه كل من يتحرك داخل العيادة، ولكن سرعان ما غادرت آليات الاحتلال المنطقة دون أن تطلب منا مغادرتها، فأعطانا ذلك شعور بأن المنطقة آمنة. وفي فجر اليوم التالي، وتحديدا الساعة الخامسة فجرا، وحيث كنا نصلي صلاة الفجر جماعة داخل العيادة، تفاجأنا بقيام الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف مبنى العيادة. سقطنا جميعنا بين شهيد وجريح. كان الأطفال والنساء والجميع يصرخ ويستغيث. أنا أصبت بجروح ونقلت إلى مستشفى المعمداني وما زلت أتلقى العلاج حتى هذه اللحظة. علمًا أنني شاهدت عشرات من الاصابات كانت أطرافهم مبتورة وبعضهم إصابتهم حرجة، وكان هناك أعداد من الشهداء وأجسادهم مقطعة، منهم نساء وأطفال".
ووفق وكالة الأونروا، فقد تم الإبلاغ حتى 14 مايو/أيار، عن 375 حادثة أثرت على مباني الأونروا وعلى الأشخاص الموجودين داخلها منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، بعضها شهد هجمات متعددة أثرت على الموقع نفسه، بما في ذلك ما لا يقل عن 51 حادثة استخدام عسكري و/أو تدخل في منشآت الأونروا. وقد تأثرت 171 منشأة مختلفة تابعة للأونروا جراء تلك الحوادث.
وتقدر الأونروا أنه بالإجمال، استشهد ما لا يقل عن 430 نازحا/ة خلال استعمالهم مرافق الأونروا كمراكز إيواء وأصيب 1,442 آخرين على الأقل منذ بداية الهجوم العسكري على قطاع غزة، وتشير إلى أن هذه الأرقام لا تشمل بعض الإصابات التي تم الإبلاغ عنها حيث لم يتسن تحديد عدد الإصابات.
ويأتي هذا الهجوم، في وقت صعدت فيه قوات الاحتلال هجماتها العسكرية على قطاع غزة، مع تركيز القصف في الآونة الأخيرة على مخيم جباليا الذي تواصل تلك القوات التوغل فيه لليوم التاسع على التوالي.
ومنذ صباح يوم السبت، 18 مايو/أيار 2024، حتى ساعات المساء، وصل إلى مستشفى كمال عدوان في مشروع بيت لاهيا، 40 شهيدا، بينهم 10 نساء و10 أطفال، وأكثر من 100 جريح نتيجة عدة غارات نفذتها طائرات الاحتلال.
ووفق متابعة باحثينا، ففي حوالي الساعة 11:00 صباح يوم السبت 18 مايو/أيار الجاري، قصفت طائرات الاحتلال تجمعا للمواطنين أمام مدرسة أبو خليل التابعة للأونروا، وسط مخيم جباليا والتي تأوي نازحين، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات.
وفي حوالي الساعة 2:00 مساء اليوم نفسه، قصفت طائرات الاحتلال مربعا سكنيا لعائلة السيلاوي خلف مدرسة أبو حسين في مخيم جباليا جنوب مستشفى كمال عدوان، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى.
كما استشهد وأصيب العشرات جراء إطلاق دبابات الاحتلال عدة قذائف تجاه تجمعات للمدنيين أثناء محاولتهم الحصول على مياه للشرب في منطقة الفالوجا غرب مخيم جباليا.
وتؤكد متابعة باحثينا أن هناك أعدادا كبيرة من الشهداء في شوارع جباليا ومخيمها لم تستطع الطواقم الطبية وطواقم الدفاع المدني انتشالهم نتيجة كثافة القصف الإسرائيلي الذي دمر عشرات المنازل والمباني، بالإضافة إلى استمرار الهجوم البري الإسرائيلي في المنطقة منذ مساء السبت الماضي 11 مايو/أيار الجاري، بعد ساعات من إصدارها أوامر تهجير للسكان والنازحين هناك.
وفجر اليوم الأحد، 19 مايو/أيار، قصفت طائرات الاحتلال مربعًا سكنيًّا، في المخيم الجديد شمال غربي النصيرات وسط قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد 20 من السكان وإصابة وفقدان آخرين.
كما قصفت طائرات الاحتلال مدرسة تأوي نازحين في حي الدرج في مدينة غزة، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى.
وتواصل قوات الاحتلال هجومها البري على أجزاء واسعة من رفح لليوم الثالث عشر على التوالي، وسط قصف جوي ومدفعي وارتكاب جرائم قتل، في وقت أُجبر فيه نحو 800 ألف ساكن ونازح/ة في المدينة من الفرار منها خلال أسبوعين، والبحث عن أماكن بديلة غرب خانيونس ودير البلح التي باتت تغص بمئات آلاف النازحين والنازحات دون توفر مقومات الحياة الأساسية، في وقت تستمر فيه المعاناة نتيجة توقف إدخال المساعدات عبر معبري رفح وكرم أبو سالم.
وحتى إعداد هذا البيان، تستمر قوات الاحتلال قصفها الجوي والبري والبحري على جميع أنحاء قطاع غزة، ما يُوقع مزيداً من الضحايا ويتسبب بتدمير المباني والبنى التحتية.
تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق، بأشد العبارات تصاعد العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، بما في ذلك اقتراف جرائم قتل جماعية داخل مراكز إيواء تتبع للأمم المتحدة، ومنع إدخال المساعدات وسط مخاوف من انهيار تام لما تبقى من المنظومة الصحية والخدماتية. وفي ضوء ذلك، تطالب مؤسساتنا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإلزام إسرائيل -الدولة القائمة بالاحتلال- على وقف عدوانها المتواصل على قطاع غزة، والتوقف عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد السكان.
نجدد دعوتنا لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية ووقف كافة أعمالها العدائية بما في ذلك التهجير القسري للفلسطينيين والفلسطينيات، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بتطبيق قرارات محكمة العدل الدولية بمنع ارتكاب إبادة جماعية.
ونطالب أصدقاء الشعب الفلسطيني بالتحرك للضغط على الاحتلال لفتح المعابر بشكل فوري وضمان إدخال جميع المساعدات وعودة العمل الإنساني وإدخال الاحتياجات المختلفة.