تدين مؤسسات حقوق الإنسان بأشد العبارات تصاعد العدوان الإسرائيلي على محافظة شمال غزة ومدينة غزة، بقصف المنازل على رؤوس ساكنيها، وارتكاب جرائم قتل جماعي ضد المدنيين والمدنيات بما فيهم صحفيون، مع إصدار المزيد من أوامر التهجير ضد السكان.
تؤكد مؤسساتنا أن هذا التصعيد الخطير بالتزامن مع عقد جلسة محكمة العدل الدولية جلسات استماع لمدة يومين، الخميس والجمعة، 16-17 مايو/أيار 2024، للنظر في طلب جنوب أفريقيا ضمان وقف إسرائيل عمليتها العسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بعد 224 يومًا من العدوان، إنما هو نتيجة سياسة الإفلات من العقاب التي تحظى بها إسرائيل، ونتيجة للصمت الدولي من الجهات الرسمية وعدم وجود أي تحرك جاد لإلزام إسرائيل بتنفيذ قرار المحكمة الأعلى درجة في العالم القاضي بإلزام إسرائيل باتخاذ تدابير لمنع الإبادة الجماعية.
وضمن مجموعة أكبر من جرائم الاحتلال ضد سكان غزة رصدت طواقمنا الجرائم التالية:
الخميس 16 مايو/أيار:
الساعة 7:00 مساءً، قصفت قوات الاحتلال عبر الجو والمدفعية سوق مخيم جباليا بشكل عنيف جدا، مما أحدث دماراً كبيراً في منطقة السوق.
الساعة 4:00 فجرًا، قصفت طائرات الاحتلال شقة سكنية لعائلة جحجوح في عمارة من 5 طوابق في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، دون سابق إنذار. أسفر القصف عن استشهاد 6 من سكانها، منهم سيدتان وطفلان، وكان من الشهداء الصحفي محمود جحجوح، وهو مصور في الموقع الإلكتروني فلسطين بوست.
الأربعاء 15 مايو/أيار:
أصدرت قوات الاحتلال أوامر تهجير جديدة أمرت من خلالها السكان في أحياء المنشية في بيت لاهيا والشيخ زايد في شمال قطاع غزة في بلوكات 1778، 1762، 1763، 1764، 1765، 1774، 1770، 1768، 1769 الاخلاء بشكل فوري الى غرب مدينة غزة.
الساعة 5:00 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال منزل الصحفي هائل ذيب النجار، 45 عاما، في جباليا البلد شارع غزة القديم، ما أسفر عن تدمير المنزل بالكامل واستشهاد الصحفي النجار وخمسة من أفراد عائلته. سبق ذلك قصف مماثل، مساء السبت الماضي، 11 مايو/أيار 2024، عندما قصفت طائرات الاحتلال منزل الصحفي بهاء عكاشة في مخيم جباليا شمال قطاع غزة ما أدى إلى استشهاد الصحفي عكاشة وزوجته وطفلهما حمزة، إلى جانب فقدان آخرين تحت الأنقاض.
الساعة 4:00 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال منزل بسام سالم جودة، 54 عاما، في جباليا البلد، ما أدى إلى تدمير المنزل واستشهاد مالكه مع فلسطيني آخر. علمًا أن مالك المنزل موظف في الدفاع المدني في شمال غزة.
الساعة 3:30 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال نقطة توزيع إنترنت عبارة عن معرش و4 خيام لبيع خدمة الإنترنت في طريق الجلاء بمدينة غزة، بالتزامن مع وجود نحو 200 مدني كانوا يحاولون التواصل مع ذويهم. أسفر ذلك عن استشهاد 25 منهم انتشلوا أشلاء متقطعة، وإصابة 50 آخرين بجروح.
وحول تفاصيل ما حدث أفاد السيد محمود حسن نصار لباحثينا:
"كنت أتواجد بجوار نقطة توزيع وبيع خدمات انترنت، من خلال شرائح إلكترونية، لانقطاع خدمة الإنترنت التقليدية في المدينة بسبب الحرب الإسرائيلية، وتفاجأت بقصف صاروخي اسرائيلي من طائرة أباتشي في المكان وكان القصف بصاروخين على الأقل، كان يتواجد تقريبا 200 شخص يتواصلون مع ذويهم النازحين في جنوب قطاع غزة وأيضا خارج القطاع، وعلى إثر القصف الصاروخي سقطنا في المكان بين شهيد وجريح وحاليا أنا مصاب وأتلقى العلاج في مستشفى المعمداني في مدينة غزة".
الساعة 1:00 فجرًا، قصفت طائرات الاحتلال منزلا لعائلة أبو الحسنى، من سكان جباليا البلد شارع غزة القديم شمال غزة، ما أدى إلى تدمير المنزل المكون من طابقين بالكامل واستشهاد 4 مدنيين، هم المسن عز الدين محمد أبو الحسنى، 80 عاما، ونجله ممدوح، 45 عاما، وهو محامي وأستاذ في القانون بجامعات غزة، ونجليه حمدي، 17 عاما، ويوسف، 12 عاما. وبقي آخرون تحت الأنقاض.
الثلاثاء 14 مايو/أيار:
الساعة 11:00 مساء، قصفت طائرات الاحتلال منزلا من 5 طوابق في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، دون إنذار مسبق على رؤوس سكانيه وعددهم حوالي 50 شخصا. أسفر القصف عن تدمير الطوابق العلوية الثلاثة وإلحاق دمار جزئي بالطابقين الثاني والأول، واستشهاد 5 من سكانه وهم زوجين من عائلة أبو زاهر وأطفالهما الثلاثة. علمًا أن الزوجة كانت حامل في الشهر السادس ووجد جنينها خارج رحمها. كما أصيب 18 من العائلة أغلبهم من النساء والأطفال.
الاثنين 13 مايو/أيار:
الساعة 3:00 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال منزل السيد هاشم عبد الله هاشم غزال، 58 عاما، وهو من ذوي الإعاقة السمعية، الكائن في مدينة غزة شارع يافا، ما أدى إلى تدمير المنزل المكون من طابقين على رؤوس ساكنيه دون إنذار مسبق، واستشهاد مالكه، وزوجته سميرة غباين، وإصابة 6 من أفراد أسرته وهم جميعا من الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية. يذكر أن هاشم غزال هو من أبرز النشطاء المدافعين عن الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية في قطاع غزة وأحد مسؤولي جميعة أطفالنا للصم.
وتأتي هذه التطورات في وقت يستمر فيه الهجوم البري على محافظة رفح ويستمر كذلك القصف الجوي والمدفعي، واستمرار إغلاق معبر رفح الحدودي مع مصر ومعبر كرم أبو سالم التجاري مع إسرائيل، ونتيجة ذلك تتواصل حركة النزوح الجماعي من المدينة وسط واقع كارثي وغياب أي خدمات وحالة ازدحام هائلة في خانيونس ودير البلح.
وفي ضوء ذلك، تطالب مؤسساتنا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإلزام إسرائيل -الدولة القائمة بالاحتلال- على وقف عدوانها المتواصل على قطاع غزة، والتوقف عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد السكان. كما وتطالب المجتمع الدولي بالوقوف عند التزاماته مؤكدة بأن الصمت هو تورط في الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني. إن العالم والمجتمع الدولي الرسمي أمام فرصة أخيرة لإعادة الاعتبار للنظام العالمي ولسلطة الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، وقرارات أهم محكمة في العالم التي تضرب بها قوات الاحتلال عرض الحائط بحماية وغطاء سياسي من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية.
نجدد دعوتنا لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية ومن ضمنها التهجير القسري للفلسطينيين والفلسطينيات، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بتطبيق قرارات محكمة العدل الدولية بمنع ارتكاب إبادة جماعية. ونطالب أصدقاء الشعب الفلسطيني بالتحرك للضغط على الاحتلال لفتح المعابر بشكل فوري وضمان إدخال جميع المساعدات وعودة العمل الإنساني وإدخال الاحتياجات المختلفة، وإلاّ فإننا سنكون أمام عودة سريعة إلى شبح المجاعة في مختلف قطاع غزة.