تدين مؤسسات حقوق الإنسان بأشد العبارات تصاعد وتيرة الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، بما في ذلك القصف الجوي وشن الأحزمة النارية وقصف المنازل على رؤوس ساكنيها، وتهجير مئات الآلاف من السكان والنازحين من رفح وجنوب غزة وشمال غزة، علاوة على اقتراب وقوع كارثة إنسانية ومجاعة في ظل استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية لليوم السابع على التوالي.
وترى مؤسساتنا أن هذا التصعيد الخطير بعد 219 يومًا من العدوان، إنما هو نتيجة سياسة الإفلات من العقاب التي تحظى بها إسرائيل، ونتيجة للصمت الدولي وعدم وجود أي تحرك جاد لإلزام إسرائيل بتنفيذ قرار أعلى محكمة في العالم (محكمة العدل الدولية)، القاضي بإلزام إسرائيل باتخاذ تدابر لمنع الإبادة الجماعية.
ففي رفح، واصلت قوات الاحتلال اجتياحها لشرقي المدينة واحتلال معبر رفح وإخراجه عن الخدمة لليوم السادس على التوالي، مع استمرار القصف الجوي والمدفعي بهدف تنفيذ قتل جماعي وترهيب السكان والنازحين والنازحات وتهجيرهم قسرًا.
ووفق متابعة باحثينا، ففي الساعة 15:40 مساء السبت 11 مايو/أيار الجاري، قصفت طائرات الاحتلال منزلا من الصفيح لعائلة الحشاش في حي الحشاش شمال غرب مدينة رفح. أسفر القصف عن استشهاد 9 من سكانه، بينهم 5 نساء و3 أطفال منهم رضيعان، وإصابة آخرين بجروح مختلفة.
وفي حوالي 17:27 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال مركبة مدنية في حي السلام جنوب مدينة رفح مما أدى إلى استشهاد ثلاثة من ركابها، منهم اثنان من عائلة واحدة.
وفي حوالي الساعة 18:30 قصفت طائرات الاحتلال مجموعة من السكان في حي السلام جنوب مدينة رفح ما أدى إلى استشهاد 4 فلسطينيين، بينهم شقيقان.
ووفق متابعة باحثينا، ارتفعت حصيلة الهجوم العسكري الإسرائيلي على رفح منذ 2 مايو الجاري حتى مساء 11 مايو إلى 116 شهيدًا، بينهم 38 طفلا، و22 سيدة، فيما لا يزال هناك آخرون تحت الأنقاض، إلى جانب ضحايا محتملين في منطقة تمركز قوات الاحتلال.
وفي وسط قطاع غزة، قصفت طائرات الاحتلال عدة منازل في بلدة الزوايدة ومخيم المغازي وقرية المصدر ومخيم النصيرات، ما أدى استشهاد وإصابة عشرات المدنيين.
وفي شمال غزة، بدأت قوات الاحتلال مساء السبت 11 مايو/أيار هجومًا بريًّا واسعًا على جباليا ومخيمها، بعد ساعات من إصدارها أوامر تهجير للسكان والنازحين، وسط قصف مكثف وشن أحزمة نارية طالت العديد من المنازل والشوارع. وأسفرت الغارات في حصيلة أولية عن استشهاد 12 فلسطينيا/ة.
وفي غزة، تواصل قوات الاحتلال توغلها في حي الزيتون جنوب المدينة لليوم الرابع على التوالي، وسط غارات مكثفة وتدمير منازل ومربعات سكنية، ما أجبر الآلاف من السكان إلى النزوح لمدينة غزة.
وتسببت حالة النزوح الجماعية الواسعة من ثلاثة أماكن (رفح وحي الزيتون وشمال غزة) بأزمات إنسانية واسعة، حيث يواجه النازحون صعوبات كبيرة في الانتقال واضطر المئات منهم للنزوح سيرًا على الأقدام واضطروا لترك أمتعتهم والانتقال لمناطق جديدة لا تتوفر فيها أي مقومات حياة.
وبسبب نزوح مئات الآلاف من رفح امتلأت الأراضي الزراعية في مواصي خانيونس وغرب دير البلح بالخيام والعرائش التي أقامها النازحون لإيوائهم فيما ينتظر آخرون في الشوارع من يساعدهم لعدم وجود متسع في الأماكن أو الخيام، ويزيد كل ذلك العبء على الخدمات الإنسانية خاصة مع استمرار إغلاق المعابر وتوقف إدخال المساعدات.
تحذر مؤسساتنا من المجاعة التي تقترب وهذه المرة لتشمل كل قطاع غزة، إلى جانب كارثة توقف جميع الخدمات الحيوية بما فيها ضخ المياه والخدمات الصحية التي بقيت المستشفيات القليلة العاملة جزئيا تقدمها، ما يضع حياة الآلاف من المرضى والمصابين أمام خطر الموت.
تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية بأشد العبارات تصاعد العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، بما في ذلك اقتراف جرائم قتل جماعية ومنع إدخال المساعدات، بما فيها المساعدات الطبية، وتعبر عن استهجانها الاستهانة بأرواح الأبرياء والتداعيات الإنسانية لهذا الهجوم على سكان القطاع الذين أصبح أكثر من مليونين منهم نازحين ويعيشون في خيام والآلاف منهم حتى لا يجدون خياما ليقيموا فيها، حيث يبحثون عن أماكن تأويهم في الأراضي الزراعية التي بقيت بلا خيام في دير البلح وغرب خانيونس، وكذلك وسط مدينة غزة المدمر.
وفي ضوء ذلك، تؤيد مؤسساتنا الدعوات الموجهة لمحكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير فورية وأكثر صرامة لوقف الهجوم العسكري باعتبار ذلك المدخل الحقيقي لوقف جريمة الإبادة الجماعية التي تصاعدت فصولها في الأيام الأخيرة.
وتطالب مؤسساتنا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإلزام إسرائيل -الدولة القائمة بالاحتلال- بوقف هجومها العسكري المتواصل على قطاع غزة، والتوقف عن ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد السكان، وتحث جميع الدول على اتخاذ خطوات عملية لمعاقبة إسرائيل ومنع تزويدها بالسلاح والذخائر التي تقتل الفلسطينيين والفلسطينيات.
كما وتطالب المجتمع الدولي بالوقوف عند التزاماته مؤكدة بأن الصمت الرسمي هو تورط في الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني. إن العالم والمجتمع الدولي الرسمي أمام فرصة أخيرة لإعادة الاعتبار للنظام العالمي ولسلطة الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، وقرارات أهم محكمة في العالم التي تضرب بها قوات الاحتلال عرض الحائط بحماية وغطاء سياسي من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية.
نجدد دعوتنا لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية ومن ضمنها التهجير القسري للفلسطينيين والفلسطينيات، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بتطبيق قرارات محكمة العدل الدولية بمنع ارتكاب إبادة جماعية.
ونطالب أصدقاء الشعب الفلسطيني بالتحرك للضغط على الاحتلال لفتح المعابر بشكل فوري وضمان إدخال جميع المساعدات وعودة العمل الإنساني وإدخال الاحتياجات المختلفة، وإلاّ فإننا سنكون أمام عودة سريعة إلى شبح المجاعة في مختلف قطاع غزة.