تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية بأشد العبارات استمرار العدوان العسكري الإسرائيلي على رفح جنوب قطاع غزة، بما في ذلك اقتراف جرائم قتل جماعية ومنع إدخال المساعدات، بما فيها المساعدات الطبية، وتعبر عن استهجانها للاستهانة بأرواح الأبرياء والتداعيات الإنسانية لهذا الهجوم على أكثر من 1.2 مليون مقيم/ة ونازح/ة في المدينة بغطاء أمريكي يدعي أن ما يجري في رفح ما هو إلا "عملية محدودة" لم تتجاوز الخطوط الحمراء. وبالتزامن مع هذا العدوان تواصل قوات الاحتلال هجماتها الجوية والمدفعية على أرجاء مختلفة من قطاع غزة إلى جانب تنفيذ هجوم بري جديد على حي الزيتون جنوب غزة.
ووفق متابعة باحثينا، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل هجومها البري لليوم الثالث على التوالي في أجزاء واسعة من شرق رفح، بما في ذلك السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ووقف حركة المسافرين، خاصة المرضى والجرحى من هم بحاجة ملحة للعلاج خارج غزة، واستمرار منع إدخال شاحنات المساعدات، خاصة الطبية، عبره وعبر معبر كرم أبو سالم. كما استمر منع ادخال الوقود اللازم لعمل الطواقم الصحية والإنسانية، في وقت صعدت فيه طائرات الاحتلال هجومها بعشرات الغارات على أرجاء متفرقة من المدينة وترافق ذلك مع قصف مدفعي متواصل طال مناطق متفرقة من المحافظة أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى.
وأسفرت أحدث الغارات التي شنتها طائرات الاحتلال عقب البيان الأخير الصادر عن مؤسساتنا، في 7 مايو/أيار الجاري حتى ظهر اليوم الخميس 9 مايو/أيار، عن استشهاد 25 فلسطينيا بينهم 10 طفلا وسيدتان، بعدما قصفت عدة منازل وتجمعات للسكان.
وطال القصف المدفعي الإسرائيلي المباني المرتفعة وسط مدينة رفح إلى جانب عدة منازل في مخيم الشابورة غرب رفح وهي مناطق بعيدة عن منطقة التوغل التي تتركز حتى الآن شرق رفح.
وفي صباح اليوم الخميس، 9 مايو/أيار، استشهد ثلاثة مدنيين منهم طفلان وأصيب آخرون بجروح جراء غارة إسرائيلية استهدفت مسجد ابن تيمية في حي البرازيل جنوب رفح. كما شاب فلسطيني جراء قصف طائرات الاحتلال دراجة نارية قرب شارع صلاح الدين شرق مدينة رفح.
وفي حوالي الساعة 20:27 مساء أمس الأربعاء 8 مايو/أيار الجاري، قصفت طائرات الاحتلال منزلاً لعائلة عيد في حي تل السلطان غرب مدينة رفح فوق رؤوس ساكنيه دون سابق إنذار. أسفر القصف عن استشهاد 8 من سكانه، وأقاربهم من النازحين ومن الجيران، بينهم امرأة و4 أطفال منهم رضيعان.
واستشهد 4 فلسطينيين، أحدهم طفل، جراء 4 غارات إسرائيلية استهدف بلدة الشوكة، وبرج خالد قشطة قرب الكراج الشرقي وسط رفح، فيما استشهد مدني متأثرًا بإصابته قبل ثلاثة أيام على حي التنور.
كما أصيب 6 عمال فلسطينيين برصاص جنود الاحتلال أثناء توجههم إلى معبر كرم أبو سالم جنوب شرق مدينة رفح في حافلة تابعة لشركة شحيبر للنقل من أجل إدخال شاحنات المساعدات قرب ميدان التنور في شارع صلاح الدين شرق مدينة رفح، بعد ادعاءات عن فتح المعبر.
وفي يوم الثلاثاء 7 مايو/أيار، قصفت طائرات الاحتلال منزلاً لعائلة قشطة قرب بوابة صلاح الدين جنوب مدينة رفح، ما أدى إلى استشهاد 3 أطفال بينهم شقيقان.
وتؤكد معطيات باحثينا، أن قوات الاحتلال تواصل منع إدخال شاحنات المساعدات بما فيها الإمدادات الحيوية منها الوقود، الذي سيؤدي منع استمرار إدخاله إلى توقف عمل الشاحنات وعدم قدرتها على نقل ما تبقى من مساعدات في المخازن، وسيؤدي إلى توقف مضخات المياه عن العمل، وسيؤدي إلى غلق المستشفيات المتبقية أبوابها.
ويواصل عشرات الآلاف من السكان والنازحين النزوح تحت وطأة القصف والتهديد في ظروف بائسة إلى غرب رفح ومواصي خانيونس المكتظة بالنازحين، فيما يعجز الآلاف عن إيجاد مقومات تساعدهم على النزوح أو إيجاد مكان للنزوح إليه.
ومع اخلاء مستشفى أبو يوسف النجار، المستشفى المركزي في رفح، لا يتبقى إلا مستشفى الكويت و3 مستشفيات ميدانية أقيمت خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة. كما تسبب أمر اخلاء المستشفى في حرمان حوالي (600) مريض ومريضة من تلقي علاج غسيل الكلى.
وتؤكد المعطيات التي يجمعها باحثونا أن أكثر من 1.2 مليون فلسطيني في رفح يدفعون ثمن الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع والذي وصفه الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه هجوم محدود ولم يتجاوز الخطوط الحمراء، معتبراً أن الهجوم على التجمعات السكنية في رفح خط أحمر أمام إسرائيل، في حين أن الجيش الإسرائيلي بالفعل يستبيح المدنيين والمدنيات في كل أرجاء رفح وقطاع غزة، ويقصفهم بالأسلحة والمقذوفات الأمريكية التي أقر بايدن أنها قتلت مدنيين فلسطينيين.
وترى مؤسستنا أن توصيف هجوم جيش الاحتلال الاسرائيلي على رفح بأنه محدود رغم استباحته أرواح المدنيين والمدنيات وتداعياته الخطيرة على حياة 2.3 مليون إنسان في قطاع غزة، نتيجة انهيار منظومة المساعدات الإنسانية الهشة، ومفاقمة من الأوضاع الإنسانية بشكل خطير، يشكل استهانة بأرواح الأبرياء ويعطي ضوءًا أخضر لإسرائيل لارتكاب المزيد من المجازر بحق الفلسطينيين والفلسطينيات والاستمرار في ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة.
ووفق توثيق باحثينا، أسفر الهجوم الإسرائيلي على رفح منذ 3 مايو/ أيار الجاري ولغاية اليوم، عن 94 شهيدًا منهم 36 طفلا و20 سيدة، فضلا عن عشرات الجرحى الآخرين، وأعداد من المفقودين، أغلبهم سقطوا في قصف منازل مدنية على رؤوس ساكينها. فيما هناك معلومات تفيد بأن هناك ضحايا آخرين في منطقة الهجوم البري لم تتمكن طواقمنا من حصر أعدادهم.
وبالتزامن مع الهجوم الواسع على رفح، تابعت طواقمنا تصاعد الغارات الإسرائيلي على عدة أحياء سكنية في مدينة غزة، حيث قصفت منذ ساعات مساء أمس حتى فجر اليوم ما لا يقل عن 7 منازل، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى.
وفي وقت مبكر من اليوم الخميس، 9 مايو/أيار، بدأت قوات الاحتلال هجوماً برياً في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، بعد قصف مكثف طال 4 منازل سكنية وشوارع وأراضٍ زراعية. وتعد هذه ثالث عملية توغل تنفذها قوات الاحتلال في حي الزيتون جنوب غزة، منذ نوفمبر الماضي، وفي كل مرة ترتكب المزيد من جرائم التدمير الواسع والقتل والتشريد للسكان.
وفي ضوء ذلك، تطالب مؤسساتنا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإلزام إسرائيل -الدولة القائمة بالاحتلال- على وقف هجومها البري على رفح، ووقف عدوانها المتواصل على قطاع غزة، كما وتطالب المجتمع الدولي بالوقوف عند التزامته مؤكدة بأن الصمت الرسمي هو تورط في الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني. إن العالم والمجتمع الدولي الرسمي أمام فرصة أخيرة لإعادة الاعتبار للنظام العالمي ولسلطة الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، وقرارات أهم محكمة في العالم التي تضرب بها قوات الاحتلال عرض الحائط بحماية وغطاء سياسي من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية.
نجدد دعوتنا لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية ومن ضمنها التهجير القسري للفلسطينيين والفلسطينيات، وفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزامها بتطبيق قرارات محكمة العدل الدولية بمنع ارتكاب إبادة جماعية.
ونطالب أصدقاء الشعب الفلسطيني بالتحرك للضغط على الاحتلال لفتح المعابر بشكل فوري وضمان إدخال جميع المساعدات وعودة العمل الإنساني وإدخال الاحتياجات المختلفة، وإلاّ فإننا سنكون أمام عودة سريعة إلى شبح المجاعة في مختلف قطاع غزة.