تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية بأشد العبارات القصف الإسرائيلي الذي استهدف فريق منظمة "وورلد سينترال كيتشن" (المطبخ المركزي العالميWCK ) رغم تنسيق تحركه المسبق، وسط قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد 7 من أعضائه، منهم 6 من جنسيات أجنبية، وهو الأمر الذي دفعه لوقف عمله في غزة للوقت الحالي.
ووفق المعلومات التي توفرت لطواقمنا، ففي حوالي الساعة 22:15 مساء الاثنين 1 إبريل/نيسان 2024، أطلقت طائرات الاحتلال المسيّرة ثلاثة صواريخ تجاه قافلة من ثلاث مركبات من نوع Toyota Hilux لونهم أبيض، منهم سيارتان مصفحتان تحملان شعار منظمة "وورلد سنترال كيتشن" WCK))، كانت تسير على الشريط الساحلي مقابل مدينة دير البلح ومتجهة جنوبا، وقد تم استهداف المركبة الأولى بصاروخ، وتسبب باحتراق مقدمة السيارة بشكل كامل، وقد استطاع السائق الفرار والصعود في سيارة أخرى من القافلة، وعلى بعد 500 متر جنوبا عاودت الطائرات واستهدفت مركبة أخرى وأصاب الصاروخ سقف المركبة ما أدى إلى مقتل ثلاثة كانوا بداخلها، وقد تمكن اثنان من داخلها من الفرار والصعود في السيارة الثالثة، وعلى بعد تقريبا كيلو متر واحد جنوبا قبالة موقع التل جنوبا، عادت طائرات الاحتلال لتستهدف السيارة الثالثة بصاروخ، ما أدى إلى مقتل أربعة آخرين.
القتلى السبعة، ومن بينهم امرأة، هم من أستراليا وبولندا والمملكة المتحدة وبعضهم لديهم جنسيات مزدوجة من الولايات المتحدة وكندا وفلسطين، ويوجد بينهم سائق فلسطيني.
وجاء الهجوم وفق ما أعلنت المنظمة الدولية على الرغم من تنسيق التحركات مع الجيش الإسرائيلي، وأثناء مغادرة الفريق المستهدف مستودع مواد غذائية في دير البلح وسط قطاع غزة، وذلك بعد أن قام الفريق بتفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية الإنسانية التي جلبت إلى قطاع غزة عبر الرصيف البحري.
يؤكد الاستهداف الإسرائيلي على ثلاث مراحل للقافلة تعمد قوات الاحتلال قتل واستهداف أعضاء القافلة الإنسانية، وهذا الاستهداف الإسرائيلي امتداد لهجمات عسكرية متعمدة وممنهجة لقوافل ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية، وكذلك منتظري المساعدات أو العاملين على توزيعها أو حمايتها. يبرهن ذلك نية استمرار إسرائيل في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني من خلال استهداف منظومات توزيع المساعدات الإنسانية وتكريس استخدام الجوع كسلاح وجعل غزة مكانا للموت، كما وهي محاولة لإخافة الفرق الإغاثية وثنيها عن التواجد والعمل في قطاع غزة، فلا مكان آمن في غزة ولا أحد آمن من آلة القتل الاسرائيلية.
واكتفى جيش الاحتلال بالقول إنه “يجري تحقيقا متعمقا على أعلى المستويات لفهم ملابسات هذا الحادث”، وهو إعلان لا قيمة له أمام تكرار وتعمد الاحتلال استهداف العمل الإنساني والإغاثي والتسبب بوقوع عشرات الضحايا. وفي وقت لاحق عبر رئيس الوزراء الاسرئيلي نتنياهو أن الحادثة التي "قتل فيها الأبرياء.. هي مؤسفة وغير مقصودة.. وتحدث في وقت الحرب".
وإثر القصف، أعلن المطبخ المركزي العالمي تعليق عملياته على الفور في المنطقة، مشيرًا إلى أنه سيتخذ قرارات بشأن مستقبل عمله قريبًا، بما يحرم مئات الآلاف من المساعدات القليلة التي كانت تصل من خلالهم في وقت تشتد فيه أزمة الجوع والأزمات الإنسانية المختلفة في مختلف أرجاء قطاع غزة مع دخول العدوان العسكري الإسرائيلي يومه الـ 179 على التوالي.
وترى مؤسساتنا، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق، أن استمرار مثل هذه الهجمات المشينة هو نتيجة طبيعة لسياسة الإفلات من العقاب التي تحظى بها إسرائيل، ونتيجة لازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال التغاضي عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجريمة الأخطر وهي الإبادة الجماعية، التي يواصل ارتكابها الاحتلال بلا هوادة منذ نحو 6 أشهر، متحديا قرارات متتالية من محكمة العدل الدولية، ومتجاهلا قرار وقف إطلاق نار إنساني خلال رمضان اتخذه مجلس الأمن بتاريخ 25 مارس/آذار 2024 وبقي مجرد حبر على ورق.
وفي ضوء ذلك، تشدد مؤسساتنا أنه بات مطلوبا من المجتمع الدولي عدم الاكتفاء بالإدلاء بالبيانات وإدانة الهجمات العسكرية الإسرائيلية غير القانونية وما تفضي إليه من قتل لأعضاء الفرق الإنسانية، والمدنيين والمدنيات وتجويعهم، بل اللجوء إلى خطوات عملية فورية لإجبار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على الامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني ووقف عدوانها، بل وضمان تحقيق المساءلة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل في قطاع غزة.
ونطالب المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة كافة إلى بذل جهد حقيقي وفعال لضمان توفير المساعدات الغذائية والدوائية، وكذلك المياه الصالحة للشرب للسكان بآليات تضمن حماية أرواحهم وكرامتهم. والأهم، نؤكد على ضرورة كافة الدول أخذها قرارات حاسمة وضرورية لوقف اسرائيل عند حدها ومنها فرض العقوبات السياسية وسحب الاستثمارات ووقف توريد الاسلحة بالاتجاهين والعمل على محاسبة اسرائيل على هذه الجرائم الدولية بحق الشعب الفلسطيني.