مع دخول العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ 164 على التوالي، هاجمت قوات الاحتلال مجمع الشفاء الطبي بغزة، وأصدرت أوامر تهجير جديدة لسكان غرب غزة؛ في إصرار على تقويض حق المدنيين والمدنيات في الحصول على الرعاية الصحية، وتفريغ مدينة غزة من سكانها، في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي ضد الفلسطينيين والفلسطينيات.
ووفق متابعة طواقمنا، ففي حوالي الساعة 2:00 فجر اليوم الاثنين 18 مارس/آذار، وتحت غطاء من القصف الجوي والمدفعي وإطلاق النار، عادت قوات الاحتلال لتحاصر مجمع الشفاء الطبي غرب غزة وتقتحمه مرة أخرى، ما تسبب بوقوع شهداء ومصابين.
وأعلن جيش الاحتلال أن قواته "تقوم بحملة مباغتة في مستشفى الشفاء الطبي بعد ورود معلومات استخبارية عن وجود مسؤولين من حماس في المنطقة والذين يستخدمون المستشفى لإدارة وإخراج أعمال إرهابية."
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة نشوب حريق على بوابة مجمع الشفاء الطبي ووجود حالات اختناق بين النساء والأطفال النازحين بالمستشفى وقطع الاتصالات، مبينة أن النازحين محاصرون داخل مبنى الجراحات التخصصية وفي استقبال الطوارئ بمبنى 8. وأكدت سقوط عدد من الشهداء والجرحى مع عدم القدرة على إنقاذ أحد من المصابين بسبب كثافة النيران واستهداف كل من يقترب من النوافذ.
ويعيد ما يجري التذكير بالهجوم الواسع الذي نفذته قوات الاحتلال على المجمع الطبي الأكبر في قطاع غزة، في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ودمرت أجزاء واسعة منه وأخرجته عن الخدمة بالكامل، قبل أن تنسحب منه بعد أكثر من أسبوعين، ولاحقًا تحول المشفى إلى مأوى لآلاف النازحين والنازحات في حين بدأت وزارة الصحة بإعادة تقديم خدمات صحية جزئية فيه.
ولم تتمكن طواقمنا من التوثيق الشامل لما يجري في المنطقة نتيجة قطع الاتصالات بالمستشفى والموجودين بها، واستمرار تمركز قوات الاحتلال بالمنطقة، في حين يجري الحديث عن بدء إخلاء المستشفى من الموجودين داخله واعتقال العشرات منهم، وكان من ضمن المعتقلين مراسل قناة الجزيرة إسماعيل الغول في مدينة غزة والذي أفرج عنه مع عدد من الصحفين بعد حوالي 12 ساعة من الاعتقال.
وبالتزامن مع الهجوم الواسع على المستشفى والمدارس المستعملة كمراكز إيواء التي واعتقال العشرات من الرجال، أصدرت قوات الاحتلال أوامر تهجير جديدة لسكان حي الرمال.
وطالبت قوات الاحتلال "كل المتواجدين والنازحين في حي الرمال وفي مستشفى الشفاء ومحيطه بإخلاء المنطقة بشكل فوري غرباً ومن ثم عبر شارع الرشيد (البحر) جنوباً إلى المنطقة الإنسانية في المواصي".
تدلل هذه التطورات أن قوات الاحتلال لا زالت مستمرة في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، بما في ذلك استهداف وقصف المستشفيات وتعريض حياة المرضى للخطر واستهداف المدنيين والمدنيات والأطقم الطبية، والاستمرار في تهجير السكان وتفريغ مدينة غزة، دون أي اعتبار للتدابير الطارئة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في 26 يناير/كانون الثاني الماضي؛ لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
وتشير مؤسساتنا إلى أنه منذ بدء العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة تعمدت قوات الاحتلال استهداف المنظومة الصحية في القطاع، وعلى مدار الأشهر الماضية مارست التدمير والاستهداف المنظم للمستشفيات والمراكز الصحية، ما أفضى إلى كارثة إنسانية حقيقية.
وتجدد مؤسساتنا قلقها البالغ بعد وصول المؤسسات الطبية في قطاع غزة إلى نقطة اللاعودة، بما فيها المستشفيات التي أعيد العمل فيها بشكل جزئي شمال وادي غزة، بسبب استمرار قوات الاحتلال الاسرائيلي في تدميرها وحصارها بشكل ممنهج، وتحويلها إلى أهداف مستباحة رغم كونها محمية بموجب القانون الدولي الإنساني.
ترى مؤسساتنا أن ترك المنظومة الصحية في قطاع غزة تواجه خطر الانهيار الكامل يعتبر بمثابة حكم بالإعدام على آلاف الجرحى والمرضى، وهو ما يخالف القانون الإنساني الدولي، لذا فإننا:
- ندعو إلى تدخل عاجل لإنقاذ الطواقم الطبية والمرضى والنازحين والنازحات داخل مجمع الشفاء الطبي، والعمل على وقف الهجمات الإسرائيلية المتكررة على المستشفيات والمؤسسات الصحية.
- ندعو المجتمع الدولي، إلى إجبار دولة الاحتلال الإسرائيلي على التوقف عن تهجير السكان وتفريغ مدينة غزة من سكانها ودفعهم قسرًا للنزوح نحو جنوب وادي غزة الذي لا تتوقف الغارات الإسرائيلية من استهدافه، حيث لا يوجد أي مكان آمن في قطاع غزة بأسره.
- نحذر بأن الاستمرار في استهداف المؤسسات الصحية يعمق جريمة الإبادة الجماعية التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني.
- ندعو المجتمع الدولي إلى إلزام إسرائيل على الامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية الأخيرة، وإرغامها على وقف أعمالها العدوانية وأخذ التدابير الممكنة لحماية المدنيين والمدنيات والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك التوقف عن استهداف المنشآت الطبية بشكل فوري.
- نطالب الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بالضغط على قوات الاحتلال الاسرائيلي من أجل الوفاء بالتزاماتها القانونية تجاه قطاع غزة بوصفها القوة القائمة بالاحتلال، حيث يقع عليها المسؤولية الأولى في توفير الإمدادات الطبية لسكان قطاع غزة، وفقاً للمادتين 55 و56 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.