توقفت مؤسسات المجتمع المدني مطولاً أمام التصريحات الإعلامية التي أدلى بها سعادة القاضي عبد الله غزلان في برنامج المنتدى القضائي بتاريخ 20/2/2018، وما تحمله من أبعاد ودلالات، سلطت الضوء على الخلل البنيوي البشري المزمن في القضاء، باعتباره خللاً هرمياً يبدأ بمجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا، وكشفت عن خلل عميق في الاستقلال الذاتي للقضاة الذي يعد حجر الأساس لاستقلال القضاء وهيبته؛ ولا سيما في ظل ما أشارت إليه التصريحات بشأن توزيع دعاوى على هيئات قضائية على نحو مخالف لقانون السلطة القضائية ودلالاته، وعدم ثقة بعض القضاة بالاحتكام إلى القضاء، وقضاة يوقعون على قرارات قضائية لا يدرون عنها شيئاً رغم مخالفتها أحكام القانون، وعبارات صدرت عن بعض القضاة تخالف معايير السلوك القضائي.
وأكد أقدم قضاة المحكمة العليا، القاضي عبد الله غزلان، في تصريحاته الإعلامية أنه ورغم انتخابه من قبل الهيئة العامة للمحكمة العليا عضواً في مجلس القضاء الأعلى وفق القانون؛ إلاّ أن المجلس لم يوجه له دعوات لحضور اجتماعاته خلافاً للقانون، وأن مجلس القضاء الأعلى طلب من الهيئة العامة للمحكمة العليا اختيار عضو آخر للمجلس بتاريخ 27/12/2017 فأودعت الهيئة العامة ردها بتاريخ 24/1/2018 بتجديد الثقة بالقاضي غزلان ورغم ذلك ما زال المجلس يمتنع عن دعوته لحضور جلساته خلافاً للقانون، واستعرض القاضي غزلان المخالفات القانونية التي شابت إجراءات إحالته للتحقيق وللمجلس التأديبي وأبعادها ودلالاتها، إضافة إلى العديد من القضايا الخطيرة التي أثارها وتستدعي بالنتيجة تشكيل لجنة تقصي حقائق مجتمعية مستقلة للوقوف عليها ومتابعتها، نظراً لدورها المباشر في استمرار حالة النزيف الحاصل في السلطة القضائية.
تطرقت مؤسسات المجتمع المدني للبيان الصادر عن مجلس القضاء الأعلى بتاريخ 22/2/2018 الذي لم يقدم أية إجابات بشأن جميع القضايا والمسائل الخطيرة التي تحدث عنها سعادة القاضي غزلان، ولم يقدم إجابات أيضاً بشأن البيان الصادر عن مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني بتاريخ 15/2/2018 الذي طالب مجلس القضاء الأعلى باحترام حق القضاة في التعبير عن آرائهم، باستثناء ما ورد في البيان المذكور بأن "معظم الانتقادات والتصريحات تعتريها عدم الصحة وتعبر عن أجندات شخصية ليس هدفها الصالح العام".
وبذات الأسلوب المتبع مع القضاة، عبر تعميمات تحظر عليهم إبداء تصريحات إعلامية إلاّ بإذن من رئيس مجلس القضاء الأعلى أو من ينيبه تحت طائلة المسؤولية، ورد في البيان المذكور الصادر عن مجلس القضاء الأعلى أنه "يحذر من المساس بهيبة الجهاز القضائي أو الإساءة لأي من السادة القضاة تحت طائلة اتخاذ المقتضى القانوني في ملاحقة أية مخالفات من شأنها المساس بالجهاز القضائي كمؤسسة أو السادة القضاة كأفراد".
تُذكّر مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني بالبيانات السابقة الصادرة عنها، التي أكدت أن مجلس القضاء الأعلى كان وما زال يشكل العنوان الأبرز لتدخلات السلطة التنفيذية في القضاء وبأشكال مختلفة؛ من قبيل أن مجلس القضاء الأعلى الحالي، كما المجلسين اللذين سبقاه، شكلتهما السلطة التنفيذية خلافاً للقانون، وأن رئيس المحكمة العليا رئيس مجلس القضاء الأعلى الحالي ونائبه جرى تعيينهما خلافاً للقانون، وأن رؤساء المحكمة العليا منذ نشأتها جرى تعيينهم خلافاً للقانون، وأشكال أخرى عديدة تدلل على تآزر مجلس القضاء الأعلى مع السلطة التنفيذية لإجهاض جهود الإصلاح القضائي. وتؤكد مؤسسات المجتمع المدني على ما يلي:
1. تجدد التأكيد على ما ورد في بيانها السابق الصادر بتاريخ 15/2/2018 الذي يطالب مجلس القضاء الأعلى باحترام حق القضاة في التعبير عن آرائهم المكفول في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات الفلسطينية.
2. تقرر تشكيل لجنة وطنية مستقلة لتقصي الحقائق، من أشخاص مشهود لهم/ن بالكفاءة والمهنية والاستقلالية والحياد، لمتابعة كافة القضايا والمسائل التي طرحها سعادة القاضي عبد الله غزلان وغيرها من القضايا التي أدت إلى استمرار النزيف في القضاء، ونشر النتائج والتوصيات التي تتوصل إليها اللجنة الوطنية المستقلة على الملأ ومتابعة تنفيذها، تأكيداً على نهج الشفافية وأهمية الرقابة الشعبية في الإصلاح القضائي.
3. تطالب مجلس القضاء الأعلى بتوضيح موقفه من كافة القضايا والمسائل الخطيرة التي طرحها سعادة القاضي عبد الله غزلان ومتابعتها بما يضمن مساءلة ومحاسبة كل من انتهك استقلال القضاة وأضعف الثقة بالقضاء.
4. تؤكد استمرار لقاءاتها، وتكثيف جهودها، بالشراكة مع مختلف شرائح ومكونات المجتمع المدني الفلسطيني، وصولاً إلى بلورة رؤية موحدة من أجل وقف النزيف المستمر في القضاء وبناء سلطة قضائية مستقلة وفاعلة.
5. تطالب مجلس القضاء الأعلى بطرح رؤيته للإصلاح القضائي والقيام بخطوات عملية ملموسة تساهم في وقف حالة التدهور المستمر في القضاء، وصيانة استقلاله وهيبته، واستعادة ثقة المواطنين بالجهاز القضائي.
6. تؤكد على أن الحق في حرية التعبير عن الرأي حقٌ أساسيٌ من حقوق الإنسان، وهو حقٌ طبيعيٌ لصيقٌ بالإنسان، وليس منّة من أحد، وإنه بالغ الأهمية في عملية وقف النزيف في القضاء وتحقيق الإصلاح القضائي المنشود.
7. تؤكد على أن هيبة واستقلال القضاء، لا تتحقق من خلال تحذيرات غير مجدية، إنها قناعة يقينية تسكن ضمير القاضي بأن استقلاله الذاتي هو السبيل لحماية استقلال القضاء وهيبته، باعتباره قيمة وطنية عليا، وحقٌ للمجتمع، لا ميزة لمن يشغل منصباً في القضاء، وبذلك تغدو الرقابة الشعبية على القضاء مسؤولية المجتمع وحقّه.
أسماء الائتلافات والشبكات والمؤسسات الموقعة على ورقة الموقف
مؤسسة الحق، مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، شبكة المنظمات الأهلية، الائتلاف الأهلي للرقابة على العملية التشريعية، مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، مركز القدس للمساعدة القانونية، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، مركز الميزان لحقوق الإنسان، الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين "بديل"، مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات"، مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون "استقلال"، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، مرصد السياسات الاقتصادية والاجتماعية، المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"، الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، طاقم شؤون المرأة، اتحاد النقابات المستقلة، المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، مؤسسة مفتاح، الاتحاد العام للأشخاص ذوي الإعاقة، مؤسسة قادر للتنمية الاجتماعية، معهد الحوكمة الفلسطيني، مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية، مؤسسة فلسطينيات. جمعية نجوم الأمل، الهيئة الوطنية للمؤسسات الأهلية الفلسطينية، نقابة العاملين في شركة جوال والاتصالات، نقابة العاملين في شركة الكهرباء، نقابة العاملين في شركة المشروبات الوطنية، طاقم شؤون المرأة، حركة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، جمعية النجدة الاجتماعية، منتدى المؤسسات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد النساء، اتحاد النقابات العمالية الجديدة، اتحاد لجان العمل الزراعي، مؤسسة قادر للتنمية المجتمعية، جمعية نجوم الأمل، ملتقى الشراكة الشبابي، جبهة العمل النقابي، كتلة التضامن العمالية، كتلة الوحدة العمالية، جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، ملتقى نبض الشبابي، مؤسسة مناجل، الهيئة الاستشارية الفلسطينية لتطوير المؤسسات غير الحكومية، مركز إبداع المعلم، مركز الإعلام المجتمعي، المؤسسة العربية للتنمية المستدامة، اتحاد لجان المرأة للعمل الاجتماعي، جمعية تنمية المرأة الريفية، جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، مؤسسة لجان التنمية والتراث، جمعية الشابات المسيحيات، جمعية التنمية النفسية، مركز الهدف الثقافي، مركز الفن الشعبي، نقابة القطاع الصحي الخاص، نقابة العاملات الصحيات، المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني، مؤسسة فؤاد نصار،