تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، بأشد العبارات استمرار العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة واستشهاد زميلتنا من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان نور أبو النور في قصف استهدف منزل عائلتها في رفح. ويستمر الاحتلال في قصف المنازل السكنية والأعيان المدنية في المناطق المعلنة من الاحتلال كمناطق آمنة، في رفح ومواصي خانيونس.
وقصف الاحتلال منازلا ومركزا طبيا خلال ساعات الأمس، نتج عنه سقوط شهداء والجرحى، من ضمنهم زمليتنا في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان التي استشهدت هي وطفلتها الرضيعة (عامين)، ووالديها و3 من شقيقاتها وشقيق رابع، بعد قصف منزلهم دون إنذار مسبق.
ووفق المعلومات التي جمعها باحثونا، ففي حوالي الساعة 22:03 أمس الثلاثاء 20 فبراير/شباط 2024، قصفت طائرات الاحتلال منزل الدكتور ناصر أبو النور، 60 عامًا، وهو عميد كلية التمريض في الجامعة الإسلامية في غزة، الكائن في حي الجنينة في مدينة رفح دون سابق إنذار. أسفر القصف عن استشهاد مالك المنزل، ناصر أبو النور، وزوجته ماجدة فريد أبو النور، 55 عاما، و5 من أبنائهما، منهم 4 نساء، إحداهن الزميلة المحامية التي تعمل في وحدة المرأة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان نور أبو النور، 30 عامًا، وطفلتها كنزي جمعة، عامين. وباقي الشهداء هم: أمل، 35 عامًا، ومنى، 24 عامًا، وآيات 19 عامًا، وعبد الرحمن، 23 عامًا.
عملت زميلتنا نور في وحدة المرأة بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان منذ عام 2019، وهي حاصلة على درجة الماجستير في القانون، وعملت بتميز ومثابرة وتفانٍ حتى خلال الأيام الأخيرة، في توثيق انتهاكات الاحتلال خاصةً ضد النساء والأطفال، وتقديم الاستشارات القانونية ومحاولة تقديم الرعاية الذاتية للنساء ضحايا العدوان في مراكز الإيواء، وذلك على الرغم من الظروف الصعبة التي كانت تعيشها نتيجة العدوان واضطرارها للنزوح باتجاه منزل ذويها بعد الأضرار التي لحقت بمنزلها في رفح جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلا مجاورًا قبل عدة أسابيع. وفي هذا السياق نعزي أنفسنا وبقية الزميلات والزملاء على هذا الفقدان والخسارة التي طالت فريق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
يعتبر استهداف منزل عائلة الزميلة نور نموذجاً لإجرام آلة الحرب الإسرائيلية التي استباحت المدنيين/ات وأبادت مئات الأسر في قطاع غزة، بما في ذلك المناطق التي أعلنتها إسرائيل – القوة القائمة بالاحتلال- مناطق آمنة ودفعت مئات الآلاف للنزوح إليها، ولم تستثن أي أحدٍ بما في ذلك المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان وأسرهم، الذين تحولوا في جلهم إلى ضحايا فعليين لهذا العدوان بالاستهداف والتدمير والتهجير القسري شأنهم شأن شعبهم، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني.
ووفقاً للمعلومات التي جمعها باحثونا، نفذت قوات الاحتلال هجومًا بريًّا في منطقة المواصي غرب خانيونس، وهي أحد المناطق التي سبق للاحتلال أن أعلنها منطقة آمنة للنازحين/ات. وقع الهجوم في حوالي الساعة 20:00 مساء أمس الثلاثاء، 20 فبراير/شباط 2024، تحت غطاء من القصف الجوي المكثف.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أنها تلقت إشارة في تمام الساعة 20:32 من اليوم نفسه، نداء استغاثة من مقر أطباء بلا حدود الذي يقع على شارع الرشيد غرب خانيونس، يفيد بوجود إصابات وشهداء نتيجة استهداف الاحتلال للمبنى، وفي تمام الساعة 22:00 حصل الفريق على التنسيق للانطلاق إلى مكان الحادث، حيث تم نقل شهيدين و8 إصابات من موقع الاستهداف. تمت المهمة بالتنسيق وبمرافقة فريق من مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (اوتشا)، وتم نقل الضحايا إلى مستشفى الهيئة الطبية الدولية الميداني في مدينة رفح.
وفي حوالي الساعة 5:00 صباح اليوم الأربعاء، 21 فبراير/ شباط 2024، انسحبت قوات الاحتلال من المنطقة، وتم انتشال 9 شهداء من بينهم 3 طفلات شقيقات و3 نساء، وتم نقلهم إلى مستشفى أبو يوسف النجار في مدينة رفح.
تدلل هذه الجرائم من جديد، أنه لا يوجد أي مكان آمن في قطاع غزة، وأن قوات الاحتلال تواصل استهداف المناطق التي وجهت المدنيين/ات للنزوح إليها، بما في ذلك قتلهم وتدمير المنازل على رؤوسهم، واستهداف المراكز الطبية التي أقيمت لتوفير الرعاية للنازحين/ات.
تحذر مؤسساتنا المجتمع الدولي، خصوصاً الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والمفوض السامي لحقوق الإنسان، من خطورة الوضع القائم في قطاع غزة وتطالبهم باتخاذ تدابير فورية لضمان حماية مئات المدنيين والمدنيات، ومنع النكبة الجديدة في فلسطين ووقف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
كما تحذر مؤسساتنا شركاء إسرائيل في جريمة الإبادة الجماعية، سواء بدعمهم العسكري والسياسي غير المحدود لدولة الاحتلال أو بصمتهم، وتطالبهم بالوفاء بالتزاماتهم القانونية قبل فوات الأوان، وتطالبهم باتخاذ خطوات عملية لحماية المدنيين/ات الفلسطينيين/ات ووقف عمليات القتل الجماعي ومنع استكمال جريمة الإبادة الجماعية المستمرة في شهرها الخامس.
ونجدد مطالبتنا المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لوقف العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وإلزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بالتوقف عن سياسة استهداف المدنيين/ات والأعيان المدنية كأداة انتقام وعقاب وضغط سياسي، واتخاذ إجراءات فعالة لضمان المساءلة على جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة. ونؤكد على ضرورة إنهاء الاحتلال وتفكيك الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وعودة اللاجئات واللاجئين دون قيد أو شرطـ.