في ذروة التهديد الإسرائيلي بشن هجوم عسكري بري واسع على رفح جنوب قطاع غزة، شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم، غارات مكثفة على أرجاء متفرقة من المدينة الحدودية مع مصر، والمكتظة بنحو 1.4 مليون نازح/ة ومقيم/ة من سكانها، مستهدفة منازل دمرتها على رؤوس ساكنيها، ومساجد وأراضي زراعية، ما أسفر عن عدد كبير من الشهداء والجرحى.
ووفق المعلومات التي جمعها باحثونا، ففي حوالي الساعة 01:49 فجر يوم الاثنين 12 فبراير/شباط الجاري، شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الغارات المكثفة، على مدار نحو ساعتين، وقصفت ما لا يقل عن 15 منزلا ومسجدين وأراضي زراعية وأراضي قريبة من الحدود المصرية الفلسطينية، وتركز قصف المنازل في مخيم رفح (الشابورة ويبنا) وعدة أحياء أخرى في مدينة رفح، فوق رؤوس ساكنيها دون سابق إنذار، وشاركت في القصف الطائرات المروحية والزواق الحربية.
أسفر القصف عن استشهاد 68 فلسطينيًّا/ة، بينهم 19 طفلا و13 امرأة، بعضهم من النازحين/ات، ومن بين الشهداء مدنيين/ات قتلوا وهم نائمون في خيامهم التي نزحوا إليها. كما أصيب المئات من السكان بجروح مختلفة.
وتسبب القصف الإسرائيلي ببث حالة رعب هائلة في أوساط مئات آلاف السكان والنازحين/ات في رفح؛ بعدما ساد اعتقاد في البداية أن القصف المكثف مقدمة لتنفيذ الهجوم العسكري البري على المدينة الذي أعلنت حكومة الحرب الإسرائيلية أنها أوعزت بتنفيذه ولكنها لم تحدد موعدًا لذلك.
ولاحقا أعلن جيش الاحتلال أن قوة إسرائيلية خاصة حررت إسرائيليين اثنين كانا محتجزين في منزل برفح. وقال جيش الاحتلال إن سلاح الجو الإسرائيلي شن موجة كثيفة من الغارات "استهدفت عشرات الأهداف التابعة لكتيبة الشابورة التابعة لحماس وذلك لتمكين القوة من الانتقال إلى المهبط الخاص الذي أقيم لإعادة المختطفين المحررين إلى داخل إسرائيل".
وتشير المعلومات التي جمعها باحثونا، أن القصف الإسرائيلي استهدف منازل سكنية على رؤوس قاطنيها، فيما تسبب اكتظاظ المدينة بمئات الآلاف من النازحين/ات بارتفاع أعداد الضحايا، بما في ذلك استشهاد نازحين/ات وهم نيام في الخيام، وهو ما يعطي صورة أولية على حجم الضحايا الذين يمكن أن يسقط حال نفذت إسرائيل – القوة القائمة بالاحتلال- تهديدها بالهجوم الشامل على المدينة.
تؤكد مؤسساتنا أن ما حدث يعزز مخاوفنا ويدفعنا للتحذير مجددًا بأن أي هجوم على رفح، التي تكتظ الآن بنحو 65٪ من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، يعني سقوط آلاف الضحايا من المدنيين/ات الفلسطينيين/ات على نحو لم نشهده من قبل طوال الأشهر الأربعة الماضية، ولن يكون هناك خيار أمام من ينجون من الموت سوى التوجه جنوباً نحو الأراضي المصرية، بفعل سيطرة قوات الاحتلال على المحاور الأخرى ومنع تنقل السكان باتجاه الشمال وفي ظل عدم وجود أي مكان آمن في قطاع غزة.
وتؤكد مؤسساتنا أن ما تعلنه قوات الاحتلال بأنها تبحث عن الخيارات الملائمة لشن هجماتها، لا قيمة له، بالنظر إلى سياستها المتبعة حتى الآن باستباحة المدنيين/ات، وتحويلهم إلى أهداف مشروعة في إطار الانتقام والضغط السياسي، وضمن جريمة الإبادة الجماعية، وما حدث خلال الساعات الأخيرة دليل إضافي لذلك.
تحذر مؤسساتنا المجتمع الدولي، خصوصاً الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والمفوض السامي لحقوق الإنسان، من خطورة الوضع القائم في قطاع غزة وتطالبهم باتخاذ تدابير فورية لضمان حماية مئات المدنيين والمدنيات في رفح وفي كل القطاع، ومنع النكبة الجديدة في فلسطين ووقف الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيات والفلسطينيين من قطاع غزة.
كما تحذر مؤسساتنا شركاء إسرائيل في جريمة الإبادة الجماعية، سواء بدعمهم العسكري والسياسي غير المحدود لدولة الاحتلال أو بصمتهم، وتطالبهم بالوفاء بالتزاماتهم القانونية قبل فوات الأوان، وتطالبهم باتخاذ خطوات عملية لحماية المدنيين/ات الفلسطينيين/ات ووقف عمليات القتل الجماعي ومنع استكمال جريمة الإبادة الجماعية المستمرة التي دخلت شهرها الخامس.
ونجدد مطالبتنا المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وإلزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بالتوقف عن سياسة استهداف المدنيين/ات والأعيان المدنية كأداة انتقام وعقاب وضغط سياسي، واتخاذ إجراءات فعالة لضمان المساءلة على جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة. ونؤكد على ضرورة إنهاء الاحتلال وتفكيك الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وعودة اللاجئات واللاجئين دون قيد أو شرطـ.