القائمة الرئيسية
EN
استمرار الهجوم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة وقصف المنازل على رؤوس ساكنيها إمعان في جريمة الإبادة الجماعية
18، يناير 2024

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي هجماتها العسكرية الواسعة على قطاع غزة، بما فيها تدمير المنازل السكنية على رؤوس قاطنيها، لليوم الـ 104 على التوالي، وسط تدهور إضافي للأوضاع الإنسانية نتيجة نزوح قرابة 90% من سكان القطاع؛ بفعل أوامر تهجير إسرائيلية متلاحقة، واستمرار اقتراف الاحتلال جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والجريمة الأخطر جريمة الإبادة الجماعية.

وتؤكد مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية_ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق_، أن رفح المحافظة الصغيرة التي تقع على الحدود مع مصر، والتي تحولت إلى مدينة خيام ينزح فيها أكثر من 1.3 مليون فلسطيني/ة من سكانها والنازحين/ات إليها من بقية مناطق قطاع غزة، بما يزيد عن نصف سكان القطاع البالغ 2.3 مليون نسمة، عرضة للاستهداف والقصف المباشر فضلا عن التهديدات الإسرائيلية باستهدافها بهجوم عسكري واسع.

وأسفرت أحدث الهجمات الإسرائيلية على المدينة في وقت متأثر مساء الأربعاء 17 يناير/كانون الثاني 2024، عن استشهاد 16 مدنيًّا/ة، غالبيتهم من النازحين/ات، بينهم 10 أطفال و5 نساء، إحداهن حامل استشهدت مع جنينها. ووفق المعلومات الأولية لباحثينا في الميدان، ففي حوالي الساعة 11:00 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال منزل وليد الزاملي في حي السلام جنوب مدينة رفح فوق رؤوس ساكنيه، دون سابق إنذار. وكان المنزل يؤوي إلى جانب سكانه عددًا من أقاربهم وأنسبائهم النازحين والنازحات من مخيم المغازي. أسفر القصف عن استشهاد 16 مدنيًّا/ة، بينهم 10 أطفال، 3 منهم من أبناء مالك المنزل، و5 نساء.

وفي حوالي الساعة 3:20 مساء اليوم نفسه، أطلقت قوات الاحتلال قذائف مدفعية تجاه حي الحشاش شمال غرب مدينة رفح مما أدى إلى استشهاد 3 مدنيين/ات من النازحين، بينهم طفلة نزحت عائلتها من مدينة غزة، وإصابة آخرين بجروح مختلفة.

كما استشهد 35 مدنيًّا، منهم 9 نساء في هجمات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على أرجاء متفرقة من خانيونس، خلال الساعات الـ 24 الماضية، بينهم 4 منهم سيدتان اضطرت عائلاتهم إلى دفنهم في مدرسة عبد الكريم الكرمي في بلدة عبسان الكبيرة شرق خانيونس.

يذكر أن حالات دفن الشهداء/ات في مقابر جماعية أو قرب منازلهم وفي الشوارع والأسواق، والمستشفيات ومدارس الإيواء، باتت ظاهرة وسعة في قطاع غزة منذ بدء الهجوم البري الإسرائيلي في 27 أكتوبر/تشرين أول الماضي، لتعذر نقلهم إلى المقابر.

ووفق المعلومات التي جمعها باحثونا، فقد وسعت قوات الاحتلال فجر أمس الأربعاء، هجومها وصولا إلى منطقة المقابر، قرب الحي النمساوي في خانيونس، وجرفت جزءًا من المقابر، ونبشت بعض القبور، وأخذت منها عددًا غير معلوم من الجثامين. ورافق ذلك اشتباكات وقصف جوي ومدفعي عنيف، أسفر عن استشهاد 7 مدنيين فلسطينيين، وإلحاق أضرار في المستشفى الميداني الأردني الخاص المقام على مقربة من المقابر، وإصابة اثنين، أحدهما من الطواقم العاملة والثاني من المصابين سابقا ويتلقون العلاج في المستشفى.

واستشهد 4 مدنيين صباح اليوم الخميس، جراء إصابتهم برصاص قوات الاحتلال جنوب غربي مدينة غزة، حيث يتجمع يوميا منذ يوم الخميس الماضي، مئات المدنيين/ات يوميا بانتظار شاحنات تحمل مساعدات من الطحين، وتتوقف على شارع الرشيد الذي دمره التجريف والقصف الإسرائيلي في الأسابيع الماضية.

كما وتكرر اطلاق النار نحو المدنيين/ات الذين ينتظرون تلقي المساعدات عدة مرات في الأيام الماضية، حيث أطلقت قوات الاحتلال عبر قناصتها ودباباتها وطائرات من نوع كواد كابتر النار على السكان الذين يتجمعون في المنطقة بانتظار المساعدات.

ووفق آخر تحديث لوزارة الصحة مساء اليوم، 18 يناير/ كانون ثاني 2024، أسفرت الهجمات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى استشهاد 24,620 فلسطينيا/ة، بالإضافة إلى إصابة 61,830 فلسطينيا/ة، 70% منهم من الأطفال والنساء.

يأتي كل ذلك في وقت تستمر فيه معاناة نحو 2 مليون نازح/ة، مئات الآلاف منهم اضطروا للنزوح أكثر من مرة نتيجة أوامر التهجير والقصف الإسرائيلي المستمر والتي باتت تفوق الوصف وتمثل وصمة عار في جبين العالم، حيث يضطر السكان للانتقال من مكان لآخر دون أمتعة ودون مواد غذائية وسط أمطار وبرد قارس، ويتكدسون في مناطق جغرافية محدودة، دون رعاية صحية في وقت تتفشى فيه الأمراض المعدية والأوبئة، ويواجهون الجوع والعطش، ورغم كل ذلك يلاحقهم القصف الإسرائيلي. 

وتؤكد مؤسساتنا مجددا أنه لم يعد هناك أي مكان يمكن اللجوء إليه كمأوى، وكل عملية نزوح جديدة تفقد المدنيين/ات الغالبية العظمى من الأمتعة والمواد التموينية القليلة التي تبقت معهم، فضلاً عن أنه لا يوجد أي مكان آمن في قطاع غزة، فالأماكن التي تصنفها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، كمناطق آمنة تتعرض لهجمات جوية ومدفعية متكررة توقع شهداء وجرحى.

وتعبر مؤسساتنا عن قلقها البالغ لما تداولته وسائل إعلام إسرائيلية عن إمكانية قيام الاحتلال بهجوم عسكري على رفح والتي باتت تؤوي أكثر من نصف سكان القطاع، وهو أمر ينذر بوضع كارثي وخطير، إضافة إلى التهديد الإسرائيلي بالسيطرة على محور فيلادلفيا (الحدود الفلسطينية المصرية).

وتؤكد مؤسساتنا أن صمت المجتمع الدولي، الغربي على وجه التحديد، على جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يصل إلى حد التواطؤ من الدول الكبرى، وهو ما يشجع إسرائيل على اقتراف المزيد من الانتهاكات وتجاهل كل مواثيق حقوق الإنسان، خاصة في ظل سياسة الإفلات من العقاب التي يحظى بها مجرمو الحرب الإسرائيليين.

وتشدد مؤسساتنا على أنه بات من واجب المجتمع الدولي التحرك بمسؤولية لوقف الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، والضغط الفوري والعاجل لوقف سياسة استهداف المدنيين والمدنيات والأعيان المدنية كأداة انتقام وعقاب وضغط سياسي، واتخاذ إجراءات فعالة لضمان المساءلة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي تقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة.

ونجدد مطالبتنا للمجتمع الدولي وضمير العالم الحي للتحرك لضمان وقف إطلاق للنار بشكل عاجل وسريع وضمان وصول المساعدات لجميع أهالي القطاع بأقرب وقت ممكن بدون شروط، والتحرك للضمان إنهاء الاحتلال وتفكيك الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير دون قيد أو شرط.