تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق بأشد العبارات تصاعد جرائم القتل ضد الفلسطينيين/ات في الضفة الغربية، والتي أسفرت عن استشهاد 13 فلسطينيًّا، في عدة هجمات متفرقة خلال أقل من 48 ساعة.
ويأتي ازدياد جرائم القتل التي يقترفها الاحتلال في الضفة الغربية في وقت تتواصل فيه جرائمه في قطاع غزة المحتل، بما فيها الجريمة الأخطر، وهي جريمة الإبادة الجماعية، التي بدأت تتكشف فصولها منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر، والتي أخذت أكثر من شكل بما في ذلك القتل، وإلحاق أذى جسدي ونفسي خطير، وإخضاع عمدي لظروف معيشية، بهدف تدمير الفلسطينيين/ات كجماعة وطنية، جزئيًا، بصفتهم هذه، وما رافق ذلك مع تصريحات صادرة عن جهات رسمية إسرائيلية تعبر عن توفر النية تجاه ذلك.
ووفقًا لإفادات شهود عيان والمتابعة الميدانية، ففي أحدث الجرائم، استشهد أربعة فلسطينيين، منهم طفلان أحدهما مدني، صباح يوم الاثنين 18 ديسمبر/كانون الأول، خلال مهاجمة قوات الاحتلال مخيم الفارعة في طوباس. وفي التفاصيل تسللت مجموعة من الوحدات الخاصة الإسرائيلية في حوالي الساعة 9:00 صباحًا، إلى مخيم الفارعة مستخدمة سيارات مدنية، وحاصرت منزل عائلة الشاب أحمد محمد سرحان، 20عاماً، شمالي المخيم. اعتلى أفراد الوحدات الخاصة أسطح البنايات العالية، وأطلقوا النار دون أي مبرر تجاه الطفل راشد حبيب أحمد العايدي، 17عاماً، عندما كان يطل من نافذة بيت الدرج في الطابق الثاني من المنزل المكون من 3 طبقات إلى الشارع ويتحدث مع اثنين من الأطفال من جيرانه في الشارع يسأل عن سبب إطلاق النار. أصيب الطفل العايدي في صدره وسقط داخل منزله، فدخل الطفلان إليه ووجداه مصابا في صدره وفاقدًا الوعي، فأنزلاه للشارع، ومن ثم نقل بسيارة إسعاف إلى مستشفى طوباس التركي وهناك أعلن الأطباء نبأ استشهاده. وفي أعقاب استشهاده هاجمت عدة آليات لقوات الاحتلال مخيم الفارعة وانتشرت في جميع أنحاء المخيم، واندلعت مواجهات واشتباكات، استشهد خلالها ثلاثة فلسطينيين، اثنان من أفراد المقاومة، وهما الشقيقين محمد وحكمت سمير محمد ملحم، 23 و21عاماً، حيث أصيبا بأعيرة نارية في الرأس. والثالث الطفل يزن معين عبد الخطيب، 16عاماً، بعد رشقه قوات الاحتلال بقنبلة محلية.
وقبل انسحابها بحوالي 90 دقيقة، اعتقلت قوات الاحتلال ثلاثة فلسطينيين من المنزل الذي حاصرته وهم حسن بسام التايه، وأحمد محمد فايز سرحان، وابن عمه سامر عدنان فايز سرحان.
سبق ذلك استشهاد 5 فلسطينيين خلال هجوم عسكري إسرائيلي استمر عدة ساعات من مساء يوم السبت الموافق 16 ديسمبر/كانون الأول 2023 إلى صباح اليوم التالي في مدينة طولكرم ومخيم نور شمس. ووفق المعلومات التي جمعها باحثونا، ففي حوالي الساعة 10:15 مساء السبت، هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي التي ترافقها 4 جرافات وتساندها طائرات مسيرة، مخيم نور شمس شرقي طولكرم، وداهم أفرادها عددًا من المنازل السكنية في المخيم وحولوها إلى ثكنات عسكرية ومراكز استجواب، واعتلى القناصة أسطح البنايات العالية. خلال ذلك اندلعت اشتباكات مسلحة مع أفراد المقاومة. استمر الهجوم الإسرائيلي حتى الساعة 10:00 صباح اليوم التالي، وأسفر عن استشهاد خمسة فلسطينيين، والشهداء هم : أسعد فتحي اسعد زهرة، 33 عاماً، ووليد عبد الرازق أسعد زهرة، 22 عاماً، وجهاد حاتم حج يوسف، 23 عاماً، ومحمود سامر محمود جابر،21 عاماً، وغيث ياسر رجا شحاده، 25عاماً.
كما استشهد 4 مدنيين في حوادث مختلفة، فعند ساعات ظهر يوم السبت، 16 ديسمبر/كانون الأول 2023، أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة على بوابة دير الغصون شرقي مدينة طولكرم بالقرب من جدار الضم النار تجاه الشاب سليم ناصر سليم حجر، 25عاماً، من سكان ضاحية شويكه شمال مدينة طولكرم وأصابته بجراح بالغة الخطورة، ولاحقًا أعلن الاحتلال عن استشهاد سليم متأثرًا بجراحه وأبقت جثمانه محتجزًا.
ومساء اليوم نفسه، استشهد الشاب عزيز عبد الرحيم خليل، 20 عاماً، جراء إصابته بعيار ناري في البطن أطلقته قوات الاحتلال باتجاه احتجاجات رافقت هجومها جنوب بلدة بيت أمر شمال مدينة الخليل.
وليلاً، استشهد الطفل عطا الله زياد عطا الله بدحه، 16 عاماً، جراء إصابته بعيار ناري في الصدر أطلقته قوات الاحتلال خلال احتجاجات رافقت هجومها على قرية دير عمار شمال-غرب مدينة رام الله، وأصيب مدنيان آخران بجروح.
وفجر يوم الأحد، 17 ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت الطواقم الطبية في مستشفى الرازي في مدينة جنين استشهاد الشاب ليث تيسير أبو النمر، 19عاماً، متأثرا بجراحه التي أصيب بها بتاريخ 14 ديسمبر/كانون الأول 2023 في قصف طائرة إسرائيلية مسيّرة مجموعة من الفلسطينيين في الحي الشرقي في مدينة جنين خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع في مدينة جنين ومخيمها، استمر من فجر 12 ديسمبر/كانون الأول حتى مساء 14 ديسمبر/كانون الأول 2023، نتج عنه استشهاد 12 فلسطيني، من بينهم 4 أطفال.
ووفقًا لمتابعات مؤسساتنا، فقد قتلت قوات الاحتلال والمستوطنون في الضفة الغربية بما فيها القدس 495 فلسطينياً/ة، منذ بداية العام، من بينهم 295 فلسطينياً/ة، بينهم 76 طفلاً، بالإضافة لسيدة واحدة، منذ 7 أكتوبر /تشرين الأول الماضي.
تدعو مؤسستنا المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة ووقف ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي.
ونجدد مطالبنا للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة.
كما تجدد مؤسساتنا التأكيد أن التعامل مع الحالة في فلسطين لا يتأتى إلا بمعالجة جذورها، وأن هذه هي مسؤولية المجتمع الدولي ومؤسساته، وخلافًا لذلك فإن القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، الذي يصنف بالقانون الدولي على أنه حجة على الكل erga omnes obligationـ يتم تصفيته بأياد إسرائيلية وبتواطؤ دولي تارة، ومشاركة نافرة تارة أخرى. فلتتحمل هذه الجهات مسؤولياتها إذا ما أرادت لهذه المنظومة أنه تنجح في اختبارها الأخير بحق.