القائمة الرئيسية
EN
بعد تلقيها شهادات ومعلومات صادمة عن الاعتقال التعسفي، مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية تدين علميات التنكيل والتعذيب بحق مئات المعتقلين/ات الفلسطينيين/ات من قطاع غزة
12، ديسمبر 2023

تطالب مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية: المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق بإنهاء حالة الإخفاء القسري التي تفرضها سلطات الاحتلال الاسرائيلية، ويتعرض لها مئات المعتقلين/ات الفلسطينيين/ات من سكان قطاع غزة ، وضمنهم عشرات النساء. كما وتطالب مؤسساتنا الجهات المعنية بالتدخل لكشف مصير وأسماء المعتقلين/ات، ووقف أعمال التنكيل والتعذيب الجارية خلال عمليات الاعتقال التعسفي في مناطق  التوغل البري في القطاع.

ووفق المعلومات والشهادات التي حصلت عليها طواقمنا، فإن قوات الاحتلال تواصل منذ عدة أيام عمليات اعتقال جماعية لمئات السكان المدنيين خاصة من سكان شمال غزة، ومدينة غزة، سواء من منازلهم أو من داخل مراكز الإيواء في المدارس التابعة للأونروا، وتجبرهم عل خلع ملابسهم والاصطفاف في طوابير والجلوس في الشوارع وهم شبه عراة في وضع مذل فضلاً عن تعريضهم للتعذيب والتنكيل، قبل اقتيادهم وهم مكدسين فوق بعضهم في شاحنات لأماكن مجهولة.

وأفادت سيدة كانت نازحة في مدرسة خليفة بمشروع بيت لاهيا لباحثينا بما يلي:

"حاصرتنا قوات الاحتلال، وعبر مكبرات الصوت طلبوا منّا نحن النساء والأطفال التوجه إلى الساحة، وأخذوا جميع الرجال "بما فيهم أطفال من عمر الـ ١٤ عامًا" إلى وجهة مجهولة ولم نعرف عنهم شيئًا حتى هذه اللحظة. يتواجد حولنا عدد من القناصين ولا نستطيع التحرك أبدًا. نجلس في البرد الشديد دون وجود أدنى مقومات الحياة، لا طعام ولا شراب ولا شيء يقينا وأطفالنا البرد الشديد".

وأفاد شاهد عيان لباحثينا بما يلي:

"في صباح يوم 7 ديسمبر/كانون الأول 2023، فوجئنا بتوغل عدد كبير من جيش الاحتلال وآلياته في منطقتنا السكنية، مشروع بيت لاهيا، ونادى أحدهم أهالي الحي عبر مكبر الصوت مطالبا الجميع نساءً ورجالاً النزول إلى الشارع وإلاّ سيتم حرق البيوت على ساكنيها. امتثلنا لأوامر الجيش ونزلنا جميعا إلى الشارع، وبعدها ترك الجيش النساء والأطفال وكل من هو فوق 60 عاما ليذهبوا إلى مستشفى كمال عدوان، وأمروا من تبقى أن يخلعوا ملابسهم، بحيث لا يبقى إلاّ اللباس الداخلي السفلي، كما طلبوا أن نجلس على ركبتينا ونرفع أيدينا على رؤوسنا ونحن نمسك هويتنا الشخصية. بعدها اقتادونا إلى شارع قريب حيث كان يتواجد عدد كبير من السكان ممن امتثلوا لأوامر الجيش مثلنا، وكان هناك عدد كبير من الجنود والقناصة على بعض المنازل وعلى الأرض وآليات ودبابات في المكان. أجلسونا على الأرض لساعات، وبعد ذلك ربطوا أيدينا بقيود وحبال، وأحضروا ثلاث شاحنات كبيرة وضعونا فيها، للأسف هي لا تتسع لكن تم حشرنا داخلها، واقتادونا باتجاه شاطئ البحر قبالة بيت لاهيا تحديدا بالقرب من منطقة زيكيم. أجلسونا على الرمال، واغلقوا عيوننا بشريط قماش. بعد ذلك بدأت عملية التعرف على أسمائنا ورؤية هوياتنا الشخصية، ثم فرزونا على ثلاث مجموعات، هناك من تم التحقيق معهم بالعنف والقوة وتحت تهديد السلاح، وآخرون لم يتم التحقيق معهم، وأخذوا البقية بشاحنة لمنطقة أخرى. أنا كنت ضمن المجموعة المقرر الإفراج عنه، وفجأة أخذوا عددًا من الذين قرروا الإفراج عنهم ونقلوهم إلى جهة غير معلومة. انتظرنا بعدها حتى الساعة 1:30 بعد منتصف الليل، حضرت شاحنتان وركبنا داخلها، وتحركت باتجاه منطقة تسمى الشيماء وأنزلونا وأخبرونا أن نذهب إلى بيوتنا مشيا على الأقدام حفاة في طرق لا تصلح للمشي ومسافة كبيرة لنسير فيها".

كما اطلعت طواقمنا على صورة لاحتجاز قوات الاحتلال سيدة ضمن عشرات الرجال العراة في شاحنة خلال نقلهم لأماكن غير معروفة، في انتهاك صارخ لخصوصية المرأة.

ووفق بيان صادر في 10 ديسمبر/كانون الأول 2023، عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، فإن قوات الاحتلال تحتجز 142 أسيرة من النساء والفتيات من غزة، بينهن طفلات رضيعات ونساء مسنّات، في السجون الإسرائيلية، خاصة الدامون وهشارون، بعدما جرى اعتقالهنّ خلال الاجتياح البري لغزة.

وتلقت طواقمنا معلومات وإفادات عن تعرض المعتقلين من غزة بما فيهم نساء لعمليات تنكيل وتعذيب، وذلك فقط لأنهم/ن من غزة.

وأفادت مواطنة من الضفة الغربية بعد الإفراج عنها من سجون الاحتلال لباحثينا بما يلي:

"بتاريخ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وفي تمام الساعة 2:00 مساءً، أفرغت الحراسات في السجن غرفة من السجن. في هذا الوقت، شاهدنا أربعة نساء مقيدات الأيدي والارجل ومعصوبات الأعين ومنزوعات غطاء الرأس (الحجاب)، وقد جرى ربط النساء الأربعة بحبل بينهم، وأعمارهن ما بين العشرينات إلى الأربعينات، وأحضرن إلى ساحة القسم، كان نائب مدير السجن يستهزئ بهن قائلاً لإحدى الفتيات رائحتكم مقرفة، النساء الأربعة كن يرتدين لباسا بلون طحيني وعليه حرف عين بالعبرية، والذي يرمز لغزة. التقيت لاحقا بإحداهن عبر النافذة وقالت إنها من سكان جباليا، وأنها اعتقلت أثناء علمية النزوح. وأخرى قالت لي إنها عندما اعتقلت كان معها أطفالها الأربعة وأنها اضطرت لإعطائهم لشخص لا تعرفه كان مع النازحين/ات، وأخرى كان معها طفل رضيع. وأبلغونا عن وجود معتقلات أخريات، وأن الجنود أجبروهن على النوم على الأرض، مع حرمان من الطعام وإخضاعهن للتفتيش العاري الجسدي من مجندات".

ووفق هيئة شؤون الأسرى (هيئة حكومية رسمية مختصة بمتابعة قضايا المعتقلين في السجون الإسرائيلية): إنّ الاحتلال الإسرائيليّ، ينفّذ جرائم مروعة وفظيعة بحقّ معتقلي غزة، إلى جانب رفضه الكشف عن مصيرهم، من حيث أعدادهم، وأماكن احتجازهم، وحالتهم الصحيّة.

علمًا أن إدارة سجون الاحتلال أعلنت في نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني، عن وجود 260 معتقل/ ة من غزة صنفتهم كمقاتلين غير شرعيين، وخلال الأيام الماضية جرى اعتقال مئات آخرين لم يتم حصر أعدادهم حتى الآن.

كما طلب "وزير الأمن القومي" الإسرائيلي بن غفير، من مسؤولة إدارة سجون الاحتلال، باحتجاز معتقلين من غزة في زنازين قسم (ركفيت) المقام تحت سجن (نيتسان الرملة) كامتداد لنهج الاحتلال باستخدام سياسة العزل الانفرادي ضد المعتقلين/ات.

يذكر أنه في أعقاب الهجوم المسلح في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، اعتقلت قوات الاحتلال ضمن عمليات انتقام واسعة آلاف العمال الفلسطينيين من قطاع غزة، من أماكن عملهم داخل إسرائيل ومن الضفة الغربية، رغم حصولهم على تصاريح عمل سابقة، واحتجزتهم في ظروف بالغة السوء، وقتلت اثنان منهم خلال الاحتجاز، وعندما توجهت المؤسسات الحقوقية لمعرفة أماكن احتجازهم وأوضاعهم، لم تتجاوب سلطات الاحتلال، وبناء عليه تم تقديم التماس من قبل المؤسسات المختصة إلى محكمة العدل العليا رقمه 23/7637 لمطالبة الجيش الإسرائيلي والشرطة ومصلحة السجون بالكشف عن أماكن تواجدهم، وبمرحلة من المراحل كان الرد أن الجهة المخولة بإعطاء ردود على الاستفسارات هي مقر الأمن العام.

 يذكر أنه جرى لاحقا الإفراج عن آلاف العمال وإعادتهم على غزة بعد تعريضهم للعنف وسوء المعاملة، وأبقت آخرين قيد الاعتقال. ولا تزال سياسة الإخفاء القسري والمعاملة القاسية مع المعتقلين/ات من غزة، بما فيهم المدنيين/ات المعتقلين/ات من منازلهم ومن مراكز الإيواء هي السائدة، حيث لم يتمكن أحد من المحامين حتى الآن معرفة من هم المعتقلين/ات أو الاستفسار عن ظروف اعتقالهم، وسط المخاوف والمعطيات عن تعرضهم لعمليات تعذيب ممنهجة.

وإزاء كل ذلك، تدين مؤسساتنا بأشد العبادات عمليات التنكيل ضد المعتقلين الفلسطينيين وتعريتهم ونشر صورهم المهينة، ومحاولات الاحتلال التضليل بأنهم من أفراد المقاومة، ما يشكل تهديدًا على حياتهم، إضافة إلى نقلهم والتعامل معهم بشكل مذل وحاط بالكرامة الانسانية.

تُحمل مؤسساتنا قوات الاحتلال الاسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة المعتقلين والمعتقلات، وتطالب بإنهاء الإخفاء القسري بحقهم، والإفصاح عن أسمائهم/ن  وأماكن احتجازهم/ن والتهم الموجهة إليهم إن كان هناك تهم، وتمكين الطواقم القانونية من اللقاء بهم/ن، ووقف كل إجراءات التعذيب والتنكيل الانتقامية بحقهم/ن.

وتطالب مؤسساتنا الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي إلى التحقيق في حالات الحرمان من الحرية المفروضة بطريقة تعسفية على مئات المعتقلين/ات الفلسطينيين/ات في سجون الاحتلال، وإلزام إسرائيل بالالتزام بالمعايير الدولية ذات الصلة المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو في الصكوك القانونية الدولية.

كما تطالب المنظمات الدولية المعنية والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لحماية المدنيين/ات الفلسطينيين/ات والضغط على سلطات الاحتلال للإفراج عن جميع المعتقلين/ات تعسفيًا،  وتطالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالتحرك الجاد لإنجاز التحقيق وإصدار مذكرات اعتقال والنظر في الجرائم الواردة أعلاه، ذلك لأنها تقع ضمن اختصاص المحكمة.