وقد أكدت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني على أن إقرار هذا القرار بقانون من قبل مجلس الوزراء في سرية تامة دون أي حوار أو مشاركة حقيقية من المجتمع المدني، ودون توفر شروط إقراره وإحالته للإصدار كقرار بقانون؛ الذي يأتي في سياق سيل القرارات بقوانين التي يتم إقرارها ونشرها في الجريدة الرسمية ونفاذها دون مشاركة مجتمعية، وفي ظل استمرار تغييب المجلس التشريعي؛ وذلك من قبيل القرار بقانون المعدل لقانون المحكمة الدستورية العليا وقرار بقانون الجرائم الإلكترونية وقرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى والتي تنتهك بشكل صارخ الحقوق والحريات والتزامات دولة فلسطين بموجب انضمامها للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، بما يؤكد إصرار السلطة التنفيذية على المضي قدماً في سياسة الهيمنة والتفرد في العملية التشريعية، خلافاً للقانون الأساسي الناظم للتشريعات الاستثنائية ولأجندة السياسات الوطنية "المواطن أولاً"وللخطة التشريعية للحكومة التي أكدت على وجوب اتباع النهج التشاركي في العملية التشريعية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من حالة التصدع في النظام السياسي الفلسطيني ويُعرض الوحدة المجتمعية للتصدع والانهيار.
وجددت مؤسسات المجتمع المدني مطالبة الرئيس محمود عباس بوقف إصدار القرارات بقوانين كلياً، واتخاذ خطوات عملية وجادة لوقف التدهور المستمر في حالة حقوق الإنسان على أرض الواقع رغم انضمام فلسطين للاتفاقيات الدولية واستحقاقاتها، والبدء الفوري بترميم النظام السياسي، وإعادة الاعتبار لمبدأ سيادة القانون، ومبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال السلطة القضائية، الأمر الذي يتطلب الشروع الفوري بالتحضير للانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية وتمكين المواطنين من حقهم الدستوري والقانوني في اختيار ممثليهم في انتخابات عامة دوريه حرة ونزيهة تعبّر عن إرادة الشعب الفلسطيني، باعتبارها الملاذ الوحيد للخروج من الأزمة التي تعصف بالنظام السياسي الفلسطيني، ووقف حالة التدهور في منظومة الحقوق والحريات العامة.
وأشارت مؤسسات المجتمع المدني إلى أن المجلس التشريعي الفلسطيني الأول قد أقر خلال مدة ولايته الأولى التي استمرت عشر سنوات (87) قانوناً، فيما تجاوزت التشريعات الاستثنائية (القرارات بقوانين) الصادرة عن الرئيس عن (235) قرار بقانون، ومعظم تلك القرارات بقوانين لا يتوفر فيها شرط "الضرورة التي لا تحتمل التأخير" لصحة إصدارها من الناحية الدستورية وفق نص المادة (43) من القانون الأساسي التي يستند إليها الرئيس في إصدارها، والتي تعني في الفقه الدستوري؛ وجود خطر محدق وحال ومباشر، لا يمكن تداركه من خلال التشريع القائم، ويتطلب تدخلاً تشريعياً استثنائياً من الرئيس، في ظل عدم انعقاد المجلس الشريعي، بهدف دفع هذا الخطر، ودون المساس بالتشريعات غير المرتبطة بالخطر محل التدخل التشريعي الاستثنائي المحدد، على أن تعرض تلك التشريعات الاستثنائية على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها للبت فيها، ولعل في الفترة الزمنية الطويلة التي استغرقها إعداد الصيغة الأولى للمشروع في 9/1/2018 وما سبقها من مداولات وعرض الصيغة الثانية للمناقشة في مجلس الوزراء بتاريخ 15/10/2018 ما يُزيل صفة الضرورة الملحة والحالة عن مشروع قرار بقانون المالكين والمستأجرين وينفي عنه صفة الدستورية لعدم توفر شروط إعمال المادة (43) من القانون الأساسي.
إن معظم القرارات بقوانين التي صدرت عن الرئيس تتجاوز أحكام المادة (43) من القانون الأساسي المعدل وتدخل في صميم عمل المشرّع الأصيل "المجلس التشريعي" وبذلك حلّت إرادة الرئيس محل إرادة المجلس التشريعي تماماً، بما يشكل تجاوزاً للمبادئ الدستورية وبخاصة مبدأ سيادة القانون ومبدأ الفصل بين السلطات. علاوة على انتهاك تلك القرارات بقوانين في جوانب عديدة منها للحقوق والحريات وللاتفاقيات التي انضمت اليها دولة فلسطين، وغياب منهجية وأولويات واضحة في عملية إقرارها، وغياب الشفافية والمشاركة المجتمعية في مناقشتها وفق ما عبرت عنه بيانات ومواقف مؤسسات المجتمع المدني في التعليق عليها.