تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية_ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق_ استمرار الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة، لليوم الـ 63 على التوالي، وما يتخلل ذلك من انتهاكات جسيمة بما فيها قصف منازل على رؤوس ساكنيها، ومراكز إيواء واستهداف مستشفيات، وتنفيذ اعتقالات جماعية، مؤكدة ضرورة التحرك الفوري من المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار وإلزام إسرائيل بوقف جريمة الإبادة الجماعية التي تقترفها.
وتواصل قوات الاحتلال عبر طيرانها الحربي شن مئات الغارات، على شكل أحزمة نارية، وقصف منازل ومراكز إيواء ومساجد وشوارع، وسط وضع إنساني كارثي ناجم عن نزوح قرابة 2 مليون نسمة بما يزيد عن 85 % من سكان القطاع عن منازلهم.
وأدت الغارات الإسرائيلية في الساعات الأخيرة إلى استشهاد واصابة مئات الفلسطينيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء. ووفق ما أعلنته وزارة الصحة بغزة مساء الخميس 7 ديسمبر/كانون الأول 2023، وصل للمستشفيات 350 شهيدا و1,900 اصابة خلال الساعات الماضية ولازال عدد كبير من الضحايا تحت الانقاض وفي الطرقات لا يمكن الوصول إليهم.
كما تابعت مؤسساتنا مقاطع فيديو التقطت من داخل مدرسة تؤوي نازحين قرب المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا، تظهر عددا من المدنيين قتلى وملقون على الأرض وضمنهم امرأة واحدة على الأقل، بعدما تعرضوا لإطلاق نار من قناصة الاحتلال.
وتتابع مؤسساتنا محاصرة قوات الاحتلال آلاف النازحين في عدة مدارس في بيت لاهيا، ومخيم جباليا، في وقت يعاني فيه النازحون في تلك المدارس من نفاد المواد الغذائية والماء ويتعرضون باستمرار لعلميات إطلاق نار وقذائف إسرائيلية ما يوقع شهداء وإصابات في صفوفهم.
وتؤكد متابعة طواقمنا، أن طائرات الاحتلال تشن غارات وعمليات قصف تستهدف منازل أو مراكز إيواء في مناطق تشهد توغلات برية في شمال غزة ومدينة غزة وخانيونس، ما يوقع شهداء وإصابات، ولا تتمكن طواقم الإسعاف أو الدفاع المدني من الوصول إليهم.
وتلقت طواقمنا معلومات مؤكدة عن وجود شهداء ومصابين في عدد من المنازل ومراكز الإيواء بمناطق التوغل، وهم بحاجة لإجلاء عاجل للمستشفيات والمراكز الطبية.
وبناءً على ذلك، نطالب منظمة الصليب الأحمر بالعمل لضمان الوصول لهؤلاء الضحايا وتأمين إخراجهم، ونؤكد ضرورة الضغط على إسرائيل لإلزامها بتوفير ممرات آمنة وتسهيل الوصول لأماكن الاستهداف المدنية لإجلاء الضحايا وضمان تقديم العلاج للمصابين.
كما واصلت قوات الاحتلال استهداف المعالم الحضارية والأثرية في قطاع غزة، إذ قصفت عبر طيرانها الحربي أمس الخميس 7 ديسمبر/ كانون الأول 2023، مسجد “عثمان بن قشقار” الأثري في البلدة القديمة بمدينة غزة.
وبتاريخ 6 ديسمبر/ كانون الأول 2023، أعلنت وزارة الصحة خروج جميع المشافي في شمال غزة، عن العمل، حيث تم إجلاء معظم المرضى والطواقم الطبية من مستشفى كمال عدوان في جباليا، وتوقف عن استقبال مرضى جدد، نتيجة تعرضه للحصار من قوات الاحتلال. ويجري استقبال المصابين في مراكز رعاية مستحدثة بإمكانيات ومستلزمات طبية شبه منعدمة.
وتابعت مؤسساتنا باستهجان شديد، نشر قوات الاحتلال أمس الخميس 7 ديسمبر/ كانون الأول 2023، صورًا ومقاطع فيديو لاعتقال عشرات السكان الفلسطينيين من شمال غزة، وتعريضهم لأساليب حاطة بالكرامة بما في ذلك تعريتهم وإجبارهم على الجلوس في الشارع وهم مقيدي الأيدي وعراة إلاً من اللباس الداخلي السفلي، ثم نقلهم بشاحنات إلى أماكن مجهولة.
وتشير المعلومات الأولية التي تابعتها طواقمنا، ووفقا لما نشره أقارب لعدد من هؤلاء المعتقلين؛ فإن غالبية هؤلاء اعتقلوا من منازلهم في مشروع بيت لاهيا، ومن داخل مراكز الإيواء بعدما اقتادتهم قوات الاحتلال من وسط عائلاتهم، وعُرف منهم الصحفي ضياء الكحلوت.
وتؤكد مؤسساتنا أنه بناءً على المعلومات الأولية التي حصلت عليها طواقمنا حول تعرض العديد من المعتقلين للضرب والتنكيل وإطلاق النار والتصفية الجسدية فضلا عن استخدامهم كدروع بشرية عبر إجبارهم على الجلوس لساعات في الشوارع وقرب ثكنات الاحتلال، يستوجب التحقيق والمساءلة.
وبتاريخ 6 ديسمبر/ كانون الأول 2023، أعلنت وكالة الأونروا إخلاء 5 مدارس تابعة للأونروا بالكامل، كانت تستخدم كمراكز إيواء للمُهجّرين في تجمعّات سكانية في شرق محافظة خانيونس، عقب أوامر مباشرة أصدرتها القوات الإسرائيلية إلى مديري هذه المنشآت.
وفي هذا اليوم، حدّد جيش الاحتلال منطقة إضافية تمتد لنحو كيلومتر مربع واحد من مدينة خانيونس لتهجير سكانها على الفور. وفضلا عن أوامر تهجير مماثلة صدرت في الأيام السابقة، تلقى نحو 178 ألف شخص من السكان (73% من السكان) ونحو 170 ألف مُهجّر كانوا يقطنون في منطقة تغطي نحو 25% من مساحة خانيونس الأوامر بالتهجير القسري عن المنطقة. ووجه الجيش الإسرائيلي التعليمات للسكان بالانتقال إلى منطقتين في رفح وإلى بلدة الفخاري شرق محافظة خانيونس، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وبناء على ذلك استمر تدفق المُهجّرين إلى رفح، حيث وصل منذ 3 ديسمبر/ كانون الأول 2023، عشرات الآلاف من المُهجّرين إلى رفح، غالبيتهم من شتّى أرجاء مدينة خانيونس، واضطروا للاستقرار في الشوارع والمساجد والأماكن العامة لأن مراكز الإيواء في مدينة رفح قد تجاوزت طاقتها الاستيعابية بكثير. وأعلنت وكالة الأونروا توزيع مئات الخيام التي نُصبت في موقعين منفصلين إلى جانب مئات مراكز الإيواء المؤقتة.
في هذه الأثناء يستمر التدهور الإنساني في مجمل قطاع غزة، وبات مئات آلاف النازحين يعانون من جوع حقيقي وحرمان من الوصول للماء، في وقت ارتفع فيه عدد النازحين إلى قرابة 2 مليون نازح، منهم مئات الالاف لا يجدون مكان يأوون إليه، وتفتقر أغلب مراكز الإيواء بما فيها تلك التي تديرها الأونروا إلى الحد الأدنى من الخدمات بما في ذلك الطعام والماء وخدمات النظافة والاستحمام، وهو واقع كارثي بدأ يفضي إلى تفشي أمراض مختلفة.
ووفق آخر تحديث لوزارة الصحة، الساعة الخامسة مساء يوم الخميس 7 ديسمبر/ كانون الأول 2023، ارتفعت حصيلة الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 17,177 شهيداً و46 ألف مصاب، مؤكدة أن 70% من ضحايا العدوان الإسرائيلي من الأطفال والنساء.
وتؤكد طواقمنا، أن العدد الفعلي للشهداء هو أكبر بكثير من الرقم المعلن من وزارة الصحة؛ بالنظر لوجود أعداد كبيرة من الضحايا تحت الأنقاض أو في الشوارع، وفي الكثير من الحالات يضطر الأهالي لدفنهم لتعذر نقلهم للمشافي. ووفق تقديرات وزارة الصحة هناك 8,000 مفقود، عدد كبير منهم من الأطفال والنساء. ومن ضمن هؤلاء هناك أعداد كبيرة تحللت جثثهم كما أظهرت مقاطع فيديو اطلعت عليها طواقمنا، ما ينذر بانتشار الأمراض والأوبئة الصحية، فضلا عن انتهاك كرامة الميت.
وأمام هذه التطورات الخطيرة، فإننا نجدد دعوتنا شعوب العالم ومنظمات المجتمع المدني والقوى المؤثرة إلى تفعيل حراكها وممارسة كل أشكال الضغط السياسي والقانوني على حكومات بلادهم خاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لتغير موقفها وتوقف دعمها لجريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين والامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني.
وتطالب مؤسساتنا المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، ومنع الخطط والترتيبات الإسرائيلية لتنفيذ النكبة الثانية للفلسطينيين، واتخاذ إجراءات فعالة لضمان المساءلة على جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة.
ونجدد مطالبتنا للمجتمع الدولي ضمان إنهاء الاحتلال وتفكيك الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير دون قيد أو شرط.