وخلال الجولة الأولى التي حدثت العام الماضي، قامت إسرائيل بعرض 26 مجمّعاً نفطياً للمناقصة، منها أربعة مجمّعات نفطية واقعة في المياه المتنازع عليها قبالة شواطئ قطاع غزة ( المجمعات 26 و27 و36 و66). وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال ستينيتز " إن فتح باب العطاءات أو المناقصات يشكل الخطوة الأولى لعملية التنقيب عن جميع مصادر النفط والغاز الطبيعي في المناطق الاقتصادية الخالصة مما سيعود بالنفع على المواطن الإسرائيلي".[2] من جانب آخر، يمتلك الفلسطينيون الحق في تقرير مصيرهم، بما في ذلك السيطرة الدائمة على مواردهم الطبيعية الواقعة في الجرف القارّي لفلسطين، والتي تشتمل على مصادر الغاز الطبيعي بالإضافة إلى المصادر الأخرى المحتمل وجودها في المياه المتنازع عليها.
إن منح مثل هذه الرخص هو محاولة واضحة لتغيير "حقائق البحر" بهدف خلق وتوسيع مناطق اقتصادية خالصة لإسرائيل، في الوقت الذي تمنع فيه قوات الاحتلال العسكري الإسرائيليالفلسطينيين من استخدام البحر والتنقيب عن حقول الغاز الطبيعي مثل حقل "غزة مارين" والحقل الحدودي إلى جانب العديد من حقول الغاز الأخرى المتوقع وجودها في أعالي البحار. وتقوم إسرائيل بذلك عن طريق فرض إغلاق عسكري على القطاع، إضافة إلى حصار بحري، يؤثر بشكل كبير على المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وتجدر الإشارة إلى امتناع العديد من الدول عن الدخول في مناقصات تخص المياه الفلسطينية الإسرائيلية المتنازع عليها في العام الماضي. إذ تم إصدار خمس رخص فقط للتنقيب عن الغاز الطبيعي في المجمعات النفطية (12 و21 و22و23و 33) لصالح شركة إنيرجيان (Energean) وهي شركة نفط وغاز يونانية، إلى جانب مجموعة من الشركات الهندية: (ONGC Videsh، Bharat PetroResources، والشركة الهندية للنفط، وشركة نفط الهند)، التي حصلت على رخصة للتنقيب عن الغاز في المجمّع النفطي رقم 32.[3] وفي الرابع من تشرين الثاني لعام 2018، أعلن عن نية إسرائيل عرض المجمّع البحري رقم 19 للمناقصة.
تحذّر مؤسسة الحق الدول الأطراف الثالثة والشركات الدولية التي تسعى إلى إنشاء أعمال تجارية في المياه الملاصقة لسواحل قطاع غزة من كونها ستشارك في أعمال واقعة ضمن مياه متنازع عليها. يجب أيضاُ على هذه الشركات أن تعلم أنه وبمجرد القيام بأعمالها في مناطق نزاع، فإنه يجب عليها أن تتصرف بعناية وحذر بالغين.[4] فمن الواضح أن إسرائيل تتحكم عسكرياً بمياه قطاع غزة من خلال الحصار البحري،[5] وهي منطقة نزاع مسلّح قائم. وعند القيام باستخراج الغاز من السواحل المحاذية لإسرائيل، على تلك الشركات أن تضمن الحفاظ على حقوق الإنسان وعدم انتهاكها بأي شكل من الأشكال على طول سلسلة الإمدادات. إذ تصبح هذه القضية مهمة عند قيام إسرائيل بتصدير الغاز عبر أنابيب من إسرائيل مروراً بالمناطق البحرية الفلسطينية الواقعة تحت الحصار البحري إلى الدول الثالثة. إن قتل عدد من الصيادين الفلسطينيين المدنيين والعقوبات الجماعية التي تنفذها إسرائيل بحق مليوني فلسطيني في قطاع غزة بهدف تأمين البنية التحتية للغاز الطبيعي، قد ترقى إلى انتهاكات صارخة وجسيمة للقانون الدولي إلى جانب المسؤولية الجنائية الفردية.
[1] وزارة الطاقة "تحديد المجمّعات النفطية التي ستعرض للمناقصة" < http://www.energy-sea.gov.il/English-Site/Pages/Offshore%20Bid%20Rounds/Tender_Block_Delineation.aspx>.
[2] وزارة الطاقة "شركات يونانية وهندية تشارك في مناقصة بخصوص المجمّعات البحرية في إسرائيل"
[3] وزارة الطاقة "البحث عن النفط والغاز الطبيعي في إسرائيل" http://www.energy-sea.gov.il/English-Site/Pages/HomePage.aspx; رويترز " إسرائيل تعلن عن مشروع نفط وغاز جديد شرقي البحر الأبيض المتوسط" (4\11\2018) هاآرتس https://www.haaretz.com/israel-news/israel-announces-new-oil-and-gas-venture-in-eastern-mediterranean-1.6618199 وزارة الطاقة "منحت وزارة الطاقة الإسرائيلية مجموعة من الشركات الهندية رخصة لاستخراج النفط والغاز" http://www.energy-sea.gov.il/English-Site/Lobby/Articles/Pages/The-Israeli-Energy-Ministry-has-granted-an-oil--gas-exploration-license-to-an-Indian-Consortium.aspx.
[4] بيان بخصوص الآثار المترتبة على مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان فيما يخص المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من اختصاصات الفريق العامل على قضية حقوق الإنسان والشركات متعددة الجنسيات والشركات التجارية الأخرى، 6/6/2014، ص9.
[5] إخطار للملّاحين،1/2009.