تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، بأشد العبارات استمرار قوات الاحتلال الحربية الإسرائيلية في استهدافها الممنهج للمستشفيات والمراكز الطبية في قطاع غزة مع دخول عدوانها يومه الـ 48 على التوالي، ما أدى إلى وقف عمل جميع المشافي في غزة وشمالها، وتشوش عمل باقي المشافي.
وتتابع مؤسساتنا - المركز الفلسطيني لحقوق الإنساني، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق- باستهجان شديد، إصرار قوات الاحتلال الحربية على إخلاء مستشفيات الشفاء في غزة، ومستشفى الإندونيسي وكمال عدوان في بيت لاهيا، حيث تم إخلاء مئات الجرحى وأفراد الطواقم الطبية خلال الأيام الثلاثة الماضية، في حين لا يزال آخرون عالقون في هذه المستشفيات المحاصرة في ظروف إنسانية بائسة.
واعتقلت قوات الاحتلال مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية وعددًا من الطواقم الطبية والمرضى خلال إجلائهم يوم الأربعاء 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 عبر تنسيق مع الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية.
ووفق ما أعلنته جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني فقد تم أمس إجلاء 190 جريحا/ة ومريضا/ة ومرافقيهم وعددا من الطواقم الطبية من مستشفى الشفاء في غزة الى مستشفيات جنوب قطاع غزة فيما لا يزال حوالي 180 من الجرحى ومرافقيهم في المستشفى، الذي تتمركز فيه قوات الاحتلال منذ اقتحامه في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، حيث بات أشبه بثكنة عسكرية وأحدثت به عمليات تدمير واسعة.
واستغرقت عملية الإجلاء حوالي 20 ساعة، حيث تم عرقلة القافلة من سلطات الاحتلال وإخضاعها للتفتيش الدقيق اثناء مرورها من الحاجز الذي يفصل شمال غزة عن، جنوبها الأمر الذي عرض حياة الجرحى والمرضى للخطر.
كما أنذرت سلطات الاحتلال بإخلاء المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا، خلال ساعات، وذلك بالرغم من استمرار القصف حول المستشفى من كل الجهات وتمركز الدبابات في محيطه.
وأفاد مدير عام وزارة الصحة بغزة الدكتور منير البرش، أنه جرى إجلاء 450 مريضا/ة من المشفى (كل 6 أو 7 مرضى بسيارة إسعاف) وبقي فيه حوالي 200، وأن هناك 65 جثة في المستشفى لا نستطيع دفنها.
وجاء إخلاء المشفى بعد قصف إسرائيلي استهدف المستشفى بشكل مباشر في 20 تشرين الثاني/نوفمبر وأسفر عن استشهاد 12 فلسطينيا/ة على الأقل وإصابة آخرين.
وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، قصفت قوات الاحتلال الحربية مستشفى العودة في شمال غزة، مما أسفر عن استشهاد أربعة أطباء وإصابة العديد من المرضى.
ومنذ بداية العدوان، وثّقت منظمة الصحة العالمية 178 هجمة طالت منشآت الرعاية الصحية في قطاع غزة وأدّت إلى استشهاد 22 عاملًا صحيًا وإصابة 48 آخرين وهم على رأس عملهم.
ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن مستشفيين صغيرين فقط في شمال وادي غزة ويقع أحدهما في مدينة غزة والآخر في بيت لاهيا، يعملان بصورة جزئية ويستقبلان المرضى، على حين باتت المستشفيات الـ22 الأخرى خارج الخدمة.
وفي جنوب وادي غزة، تزاول 7 منشآت طبية من بين 11 منشأة في الجنوب عملها حاليًا، تعمل في ظروف صعبة للغاية نتيجة أزمة الكهرباء ونقص المستهلكات الطبية والأعباء الكبيرة على الطواقم الطبية، فيما يجري العمل على إقامة مشفى ميداني أردني في خانيونس أدخل يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 عبر معبر رفح البري.
ووفق المعطيات التي نشرتها الجهات الحكومية في غزة، فقد بلغ عدد الضحايا من الكوادر الطبية (205) من الأطباء والممرضين/ات والمسعفين، و(25) من طواقم الدفاع المدني، وخرجت (26) مستشفى و(55) مركزاً صحياً عن الخدمة. كما استهدف الاحتلال (56) سيارة إسعاف، فيما خرجت عشرات سيارات الإسعاف عن الخدمة بسبب نفاد الوقود.
تعيد مؤسساتنا التذكير بأن المستشفيات وسيارات الإسعاف وكافة الطواقم الطبية يحظون بالحماية بوجه خاص بموجب القانون الإنساني الدولي وعلى جميع أطراف النزاع ضمان حمايتها.
وينبغي الحفاظ على أرواح المرضى والعاملين/ات في المجال الطبي والمدنيين/ات الآخرين وحمايتهم، ومنع استهدافهم، وتوفير ظروف ملائمة لإخلائهم حال الاضطرار القسري لذلك، لضمان سلامتهم.
تعيد مؤسساتنا التأكيد أن عمليات الاستهداف الممنهجة للمستشفيات والطواقم الطبية ومجمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وكذلك جريمة الإبادة الجماعية الجارية في القطاع تتطلب تدخلاً عاجلاً لوقف العدوان وإطلاق النار، ووضع حد للانتهاكات الجسيمة التي تقترفها قوات الاحتلال الاسرائيلية.
كذلك نطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لضمان تمكين المستشفيات من العمل دون استهداف، وتوفير الاحتياجات الطبية لهذه المستشفيات لتتمكن من تقديم الخدمات الصحية، بالإضافة إلى السماح بالنقل الفوري وغير المشروط للمرضى من غزة لتلقي العلاج الطبي، بما في ذلك العلاج المنقذ للحياة، لا سميا أن سلطات الاحتلال تواصل منع نقل الجرحى من شمال غزة ومدينة غزة بعد فصلهما عن وسط القطاع.
ونشير إلى أن جريمة الإبادة الجماعية واضحة من ناحية النية والفعلـ بالإضافة إلى الجرائم الدولية الأخرى، ما يستدعي تحرك المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ليصدر مذكرة توقيف بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وأركان حكومته وجيشه.
ونؤكد موقفنا بأن هذه الجرائم والفظائع يجب أن تنتهي فوراً وألاّ تتكرر، وأن على المجتمع الدولي ضمان تفكيك نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وعلى اسرائيل الانسحاب فوراً ودون قيد أو شروط من الأرض الفلسطينية المحتلة، وذلك بشكل يمكّن الفلسطينيين/ات من أن يمارسوا حقهم/ن غير القابل للتصرف في تقرير المصير بشكل كامل وممارسة حق اللاجئين/ات في العودة.