هنالك العديد من اللاعبين في خريطة الشكاوى وأبرزهم؛ الإدارة العامة للشكاوى في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ووحدات الشكاوى في الدوائر الحكومية، وأقسام الشكاوى التابعة للشؤون القانونية في المحافظات، ومؤسسات المجتمع الأهلي، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ووسائل الإعلام. وبالتالي، فإن غياب التنسيق الفاعل والتكامل بين اللاعبين الأساسيين في نظام الشكاوى من شأنه أن يؤدي إلى حالة من الإرباك للمواطنين واللاعبين وأن يستنزف الجهد والوقت على حساب الأهداف المتوخاة من النظام بما يُضعف كفاءته وفعاليته.
هنالك تطورات إيجابية حصلت على صعيد نظام الشكاوى في السنوات الأخيرة وبخاصة ما يتعلق بإقرار نظام الشكاوى رقم (8) لسنة 2016 ودليل الإجراءات الخاص بنظام الشكاوى رقم (20/17) لسنة 2017، وما تضمنه من شمولية في نظام الشكاوى واتساع في محلها وشكاوى ذات طابع عام ونظام محوسب للشكاوى وتعامل مع الشكاوى المتعثرة والمتداخلة ووضوح في إجراءات الدليل وغيرها من التطورات التي حصلت على نظام الشكاوى. علاوة على التقدم الحاصل في منهجية العمل وإعداد التقرير السنوي وبخاصة التقرير الخامس للشكوى الحكومية 2017 من حيث وضوح المؤشرات البيانية والرقمية والجداول المصنفة وقصص النجاح وغيرها.
هنالك عوامل عديدة تؤثر سلباً على كفاءة وفعالية نظام الشكاوى بعضها يرجع إلى طبيعة التشريع الخاص به وحدوده (تشريع فرعي/نظام) وعدم قدرته على خلق شخصية قانونية مستقلة إدارياً ومالياً عن الحكومة، وعدم قدرته على خلق ميكانزمات إضافية أكثر فعالية لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها منظومة الشكاوى، وطبيعة العلاقة الهشة بين اللاعبين الأساسيين في خريطة الشكاوى وتأثيرها على فعالية وكفاءة النظام وسبل الانتصاف.
علاوة على طبيعة النظرة الرسمية "النمطية" لمؤسسات العمل الأهلي وكذلك الاعتقاد الخاطئ بأنها لا تملك الحق في تلقي ومتابعة الشكاوى؛ خلافاً للتشريعات الداخلية (قانون الجمعيات) وجوهره النظام الأساسي الذي تعمل بموجبه الجمعيات ويمنحها الحق في تلقي ومتابعة الشكاوى، وخلافاً للاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان في ظل الدور المتعاظم للمجتمع المدني في صياغة الاتفاقيات ومتابعة إنفاذها مع اللجان الدولية .
وبهدف تأمين منظومة أكثر فعالية للشكاوى فإننا في مؤسسة الحق نقترح التالي:
- العمل على إقرار قانون للشكاوى، وتحقيق الاستقلالية الإدارية والمالية للإدارة العامة للشكاوى، وتحويلها إلى "ديوان مظالم" يُمارس كافة مهام وصلاحيات الديوان وفقاً للمعايير الدولية والممارسات الفضلى بهذا الشأن.
- تمثيل اللاعبين الأساسيين في خريطة الشكاوى في مجلس إدارة "ديوان المظالم" بما يساهم في التنسيق الفعّال والتكاملية في الأداء والنهوض به وتعزيز العلاقة مع المجتمع الأهلي وتحقيق سبل الانتصاف الفعالة. ورفد ديوان المظالم بكل ما يحتاج من الكوادر البشرية المهنية والاحتياجات اللوجستية لأداء مهامه على الوجه الأمثل.
- اعتماد تصنيفات الأمم المتحدة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في أداء "ديوان المظالم" وفي التقارير السنوية للشكاوى، وبخاصة بعد الانضمام للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بدون تحفظات، كونها تصنيفات عالمية تقوم على منهجية أكثر وضوحاً وشفافية وشمولية وفعالية من التصنيفات المعتمدة حالياً في التقارير السنوية.
- عدم الاكتفاء بعرض وتصنيف الشكاوى رقمياً من حيث عدد الشكاوى التي تم تلقيها قياساً بالتي تمت معالجتها، هنالك حاجة لإيراد مؤشرات تتعلق بطبيعة المعالجات التي جرت في مسار متابعة الشكاوى ومدى مساهمتها في محاسبة مرتكبي الانتهاكات وإنصاف الضحايا وتحسين جودة الأداء وتفعيل الرقابة المجتمعية.
- ربط الأجهزة الأمنية كافة وأقسام الشكاوى في المحافظات كافة بالنظام المركزي المحوسب للشكاوى الذي ينبغي أن يُدار من قبل "ديوان المظالم" بما يُمكنه بما يمتلك من أدوات فعّالة على غرار التجارب والممارسات الفضلى من القيام بمهامه الرقابية على السلطة التنفيذية وأجهزتها وتعزيز مبادئ الحوكمة والحكم الرشيد.
- بناء وتنفيذ برنامج تدريبي لطاقم "ديوان المظالم" وبخاصة في مجال آليات المراقبة على حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وكيفية التعامل مع الأدلة التدريبية الدولية والمعايير والممارسات الفضلى في معالجة الشكاوى، بما يساهم بذات الوقت في تعزيز وتطوير العلاقة مع مؤسسات المجتمع الأهلي وبخاصة العاملة في هذا المجال.
- بلورة خطة إعلامية شاملة وتنفيذها بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام تهدف إلى رفع وعي المواطن بحقوقه وأهمية دور "ديوان المظالم" في متابعة الشكاوى وتعزيز سبل الانتصاف لضحايا الانتهاكات.