تطالب مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني كافة الدول التي قدمت ولا زالت تقدم الأسلحة وأشكال أخرى من المساعدة العسكرية لإسرائيل، بالالتزام بواجباتها القانونية الدولية والتصرف بشكل عاجل وصارم لمنع إسرائيل من ارتكاب المزيد من الجرائم الدولية والانتهاكات الخطيرة الأخرى للقانون الدولي، بما يشمل واجباتهم بمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
كما ونذكّر هذه الدول بأن واجباتها المُلزمة بموجب القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الجنائي الدولي، وغيرها من القوانين الدولية، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، تتطلب منها وقف فوري لمثل هذه الإمدادات، وتعليق جميع تراخيص الأسلحة الموجهة إلى إسرائيل من ولايتها القضائية.
يضاف إلى ما سبق، التزامات إضافية مترتبة على الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة (ATT) وكذلك الصكوك القانونية الإقليمية والوطنية ذات الصلة بمراقبة الأسلحة.
ونذكّر أيضاً أن توريد الأسلحة أو الدعم العسكري لإسرائيل قد يجعل الدول المصدرة متواطئة في جرائمها.
- تواطؤ الدول في ارتكاب جرائم دولية ضد الفلسطينيين/ات من خلال توريد الأسلحة والدعم العسكري
منذ شنها للهجوم العسكري الانتقامي واسع النطاق على قطاع غزة بتاريخ 7 أكتوبر 2023، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلية هجمات عشوائية غير متناسبة، وغيرها من الهجمات غير القانونية ضد البنية التحتية المدنية، مما تسبب في سقوط أعداد كبيرة من الشهداء والإصابات من السكان المدنيين، بما في ذلك من خلال الاستخدام غير القانوني للأسلحة المتفجرة والفسفور الأبيض.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، أسفرت الهجمات العسكرية الإسرائيلية، حتى الساعة 2:00 مساءً من تاريخ 7 نوفمبر 2023، عن استشهاد 10,328 فلسطينياً/ة، 67% منهم أطفال ونساء. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم الإبلاغ عن فقدان حوالي 2,450 فلسطينيًا، من بينهم 1,350 طفلًا، من المرجح أن يكونوا محاصرين أو قد استشهدوا تحت الأنقاض.
ويبقى المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة، بما فيهم مليون طفل، محاصرون في ظل ظروف قاسية للغاية وتحت القصف المستمر. حيث لا يوجد مكان آمن في غزة، وكذلك لا يوجد مأوى آمن، ولا طعام، ولا مياه، ولا كهرباء، ولا وقود. ونتيجة لذلك ندد خبراء الأمم المتحدة "إن الحصار الكامل المفروض على غزة، إلى جانب أوامر الإخلاء غير القابلة للتنفيذ والنقل القسري للسكان، يشكل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي". وفي 27 أكتوبر 2023، أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرار أقرته ضمن جلستها الطارئة، "على الواجب الذي يقضي، بموجب القانون الدولي الإنساني، ضمان عدم حرمان المدنيين/ات من الوسائل التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة".
بينما أشارت تصريحات مسؤولين إسرائيليين إلى أن "التركيز] في العملية[ هو على التدمير وليس على الدقة"، وطالبوا بـ "محو قطاع غزة من على وجه الأرض". فخلال أقل من أسبوع، ألقت قوات الاحتلال الإسرائيلية حوالي 6,000 قنبلة، بما يعادل تقريباً نفس كمية القنابل التي ألقتها الولايات المتحدة في أفغانستان على مدار عام. لذلك نحن قلقون بشكل خاص من التقارير التي تشير إلى أن الهجمات العسكرية على المدنيين/ات والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك الهجمات على الكوادر الصحية والصحفيين/ات والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والمخابز والبنية التحتية للاتصالات والمناطق المحددة للعبور الآمن. وبهذا قد ترقى هذه الهجمات والأعمال إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات خطيرة أخرى للقانون الدولي، بما في ذلك التحريض على ارتكاب أعمال إبادة جماعية.
وفي ذات السياق، نشير أنه بتاريخ 19 أكتوبر 2023، قال خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أنهم يدقون ناقوس الخطر من "أن هناك حملة مستمرة تشنها إسرائيل تؤدي إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة. بالنظر إلى التصريحات التي أدلى بها القادة السياسيون الإسرائيليون وحلفاؤهم، والتي ترافقت مع العمل العسكري في غزة وتصعيد الاعتقالات والقتل في الضفة الغربية، فإن هناك خطراً على الشعب الفلسطيني من جريمة الإبادة الجماعية"، مؤكدين أنه "لا توجد مبررات أو استثناءات لمثل هذه الجرائم. يروعنا تقاعس المجتمع الدولي في مواجهة التحريض على الحرب".
بالإضافة إلى القصف العنيف الذي تشهده غزة، قامت إسرائيل بتصعيد حملاتها القمعية والعقوبات الجماعية ضد الشعب الفلسطيني على جانبي خط الأخضر. في الفترة ما بين 7 أكتوبر ولغاية 7 نوفمبر 2023، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، 158 فلسطينياً، من بينهم 45 طفلاً. علاوة على ذلك، استمرت لجنة الأمن القومي في الكنيست في "خطة الحكومة الأوسع لتسليح المدنيين الإسرائيليين اليهود"، من خلال تخفيف سيطرة إسرائيل على الأسلحة، وجعل 400,000 مواطن إسرائيلي يهودي إضافي مؤهل للحصول على ترخيص لحمل الأسلحة.
- استمرار تزويد اسرائيل بالأسحلة على الرغم من وجود أدلة على ارتكابها جرائم وانتهاكات أخرى
في خضم هذه الهجمات، وعلى الرغم من التوثيق والإبلاغ عن ارتكاب الاحتلال الاسرائيلي لانتهاكات جسيمة وجرائم ضد الفلسطينيين/ات على مر السنين، فإن توريد الأسلحة والدعم العسكري إلى إسرائيل من الولايات المتحدة —أكبر مزود للمساعدات العسكرية لإسرائيل لعقود— ومن كندا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وهولندا— الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة— قد استمر. وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسته الخاصة لعام 2021 المرتبطة بحالة حقوق الإنسان الخطيرة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك شرقي القدس، قد حث جميع الدول على الامتناع عن توريد الأسلحة عند تقييم وجود خطر واضح بأنه سيتم استخدامها لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو للقانون الإنساني الدولي.
لما سبق، تعرب منظماتنا عن قلقها إزاء ما توارد من أنباء تفيد أن بعض الدول، بما فيها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، قد قرروا في الأيام الأخيرة توريد وتزويد إسرائيل بمعدات عسكرية إضافية أو الإسراع في ذلك، على الرغم من وجود أدلة كافية على ارتكابها جرائم حرب في غزة.
- الواجبات القانونية الدولية المتعلقة بنقل الأسلحة
من بين الالتزامات القانونية الدولية المنطبقة على الطرح السابق، نشير إلى:
القانون الدولي العرفي
وفقاً للقانون الدولي العرفي، بصيغته المدونة في مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دوليًا التي اعتمدتها لجنة القانون الدولي لعام 2001، تكون الدولة التي تساعد أو تُعين دولة أخرى في ارتكاب فعل غير مشروع دولياً هي مسؤولة دولياً عن ذلك إذا: (أ) قامت تلك الدولة بذلك عن علمها بظروف الفعل غير المشروع دولياً؛ (ب) يكون الفعل غير مشروع دولياً إذا ارتكبته تلك الدولة (المادة 16).
وينطبق ذلك على عمليات نقل الأسلحة، فضلاً عن أشكال الدعم الأخرى التي تساهم بشكل كبير في الأعمال غير القانونية، مثل الدعم اللوجستي، أو الدعم التقني أو المالي، أو الاستخباراتي، أو توفير معدات أخرى.
القانون الدولي الإنساني
تضع المادة 1 المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 على عاتق الدول التزاماً دائماً "باحترام وضمان احترام" حماية الاتفاقيات في جميع الظروف. وفي ذلك توضح اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تعليقها الرسمي على المادة المذكورة، أن الالتزام المنصوص عليه في المادة 1 يقتضي، في جملة الأمور، أن "تمتنع الدول عن نقل الأسلحة إذا كان هناك توقع، استناداً إلى الحقائق أو المعرفة بالأنماط السابقة، بأن الأسلحة ستستخدم لانتهاك الاتفاقيات".
معاهدة تجارة الأسلحة
كان الغرض الصريح لتبني المعاهدة هو منع المعاناة الإنسانية والحد منها بوضع معايير دولية مشتركة لنقل الأسلحة التقليدية. حيث تشير ديباجتها إلى الالتزام باحترام وضمان احترام القانون الإنساني الدولي واحترام وضمان احترام حقوق الإنسان.
وبموجب المادة 6 (3) من معاهدة تجارة الأسلحة، تلتزم الدول الأطراف بعدم تفويض أي نقل للأسلحة التقليدية إذا كانت على علم في وقت التفويض بأن الأسلحة أو الذخائر ستستخدم في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، أو جرائم ضد الإنسانية، أو انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، أو لشن هجمات موجهة ضد الأهداف المدنية أو السكان المدنيين/ات الذين تشملهم الحماية، أو جرائم حرب أخرى تحددها أو تعرفها الاتفاقيات الدولية التي تكون هذه الدول طرفاً فيها.
وبموجب المواد 7 و11، تلتزم الدول الأطراف في المعاهدة بعدم السماح بأي تصدير للأسلحة التقليدية والذخائر والأجزاء والمكونات التي من شأنها، في جملة الأمور، تقويض السلام والأمن أو استخدامها لارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
موقف الاتحاد الأوروبي بشأن صادرات الأسلحة 2008/944/ CFSP
الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ملزمة أيضاً بأحكام موقف المجلس المشترك 2008/944/CFSP المؤرخ 8 ديسمبر 2008، بوصفها قواعد مشتركة تنظم مراقبة صادرات التكنولوجيا والمعدات العسكرية، ويتعين عليها، في جملة الأمور، "رفض ترخيص التصدير إذا كان هناك خطر واضح يتمثل في إمكانية استخدام التكنولوجيا أو المعدات العسكرية المراد تصديرها في ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي."
مبادئ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تنظم عمليات نقل الأسلحة التقليدية
يتعين على أعضاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بمن فيهم الولايات المتحدة، الالتزام بمبادئ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تحكم عمليات نقل الأسلحة التقليدية (مبادئ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا) في قراراتهم بشأن تصدير الأسلحة. ويتطلب المبدأ (4) من الدول "أن تعزز، وأن تمارس، من خلال آلية مراقبة وطنية فعالة، ضبطاً فعالاً في نقل الأسلحة التقليدية والتكنولوجيا ذات الصلة". ومن أجل تنفيذ هذا المبدأ، "ستأخذ الدول في الاعتبار" عدداً من العوامل عند النظر في أي تصدير مقترح للأسلحة. ومن ثم يُطلب منها تجنب أي عمليات نقل تنتهك أياً من معايير منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الواردة في مبادئ منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أو جميعها.
من الواضح بناء على ما سبق توصيفه، أن استمرار توريد صادرات الأسلحة والمساعدة العسكرية إلى إسرائيل يشكل انتهاكاً لجميع الالتزامات الواردة أعلاه. فعلى مر السنين، أدى الدعم العسكري المطلق وغير المشروع دولياً لإسرائيل إلى تمكين وتسهيل وترسيخ نظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ككل.
كما أن الفشل في اتخاذ أي إجراء قد يجعل الدول الأطراف متواطئة في أفعال غير مشروعة دولياً من خلال المساعدة على ارتكاب جرائم دولية أو التحريض على ارتكابها، قد يؤدي إلى مسؤولية جنائية فردية لكبار المسؤولين في هذه الدول بتهمة المساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب المادة 25 (3) (ج) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وبالنظر إلى الأدلة الدامغة، لا يمكن للدول التي تقدم الأسلحة وغيرها من المساعدة العسكرية لإسرائيل أن تدعي أنها غير مدركة لعدد لا يحصى من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي التي ترتكب منذ عقود. لذلك فإن توفير الدول للمعدات العسكرية والدعم العسكري لإسرائيل مع العلم بأن من المحتمل استخدامها في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، بما في ذلك الجرائم الدولية، يدعو إلى توجيه تهم بالتواطؤ.
بينما تستمر اسرائيل في استيراد الأسلحة بأكثر من 4 مليار دولار سنوياً من الولايات المتحدة وألمانيا وحدهما، أثبتت نفسها أيضاً كشركة رائدة في صناعة الأمن السيبراني "معدات تجسس" ومراقبة، وهي من بين أكبر مصدري الأسلحة في العالم، حيث احتلت المرتبة العاشرة في عام 2022. وكثيراً ما يتم الترويج لمثل هذه التقنيات بأنه تم اختبارها بنجاح على الفلسطينيين/ات في سياق الاحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده، حيث تم تطوير وصنع هذه التقنيات خلاله أيضاً. لذلك، تطالب مؤسساتنا الدول بشجب ووضع حد لاستيراد الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة من إسرائيل.
- المطالب باتخاذ تدابير فورية من قبل الدول:
إن فرض حظر على توريد الأسلحة لإسرائيل من كلا الاتجاهين هو التزام قانوني وأخلاقي. لحين تنفيذ هذا الحظر، يجب على جميع الدول أن توقف فوراً جميع عمليات نقل المواد العسكرية وما يرتبط بها من خدمات ومساعدة إلى إسرائيل. كما يجب على الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة أن تُنهي على الفور العمليات الحالية لنقل الأسلحة التقليدية والذخائر والأجزاء والمكونات المشار إليها في المواد 2 (1)، و 3 و 4 من المعاهدة (ATT) إلى إسرائيل وتحظرها في المستقبل.
وبالإضافة إلى فرض حظر على نقل الأسلحة في كلا الاتجاهين، يجب على الدول أيضاً الامتناع عن إبرام أي اتفاقيات تعاون عسكري، بما في ذلك التدريب العسكري والتعاون الاستخباراتي العملي، التي قد تورطها في جرائم دولية وانتهاكات خطيرة أخرى للقانون الدولي.
وعليه، تطالب مؤسساتنا:
- جميع الدول أن تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضمان وصول الوقود والمساعدات الإنسانية من غير شرط أو قيد، إلى قطاع غزة، بما في ذلك المياه والطعام والإمدادات الطبية؛ للتخفيف من الأزمة الإنسانية الخطيرة. كذلك العمل بشكل فوري على رفع الإغلاق غير القانوني المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 16 عاماً.
- الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، ألمانيا، كندا، وإيطاليا، وهولندا والدول الأخرى التي تسمح بالتوريد المستمر للأسلحة، والأشكال أخرى من الدعم العسكري إلى إسرائيل:
- وقف هذه التوريدات بشكل فوري إعمالاً بواجبتها بموجب القانون الدولي.
- الوقف الفوري لتوفير أي مواد، أو معدات، أو سلع أخرى قد تستخدم في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي، بما في ذلك جرائم الحرب.
- الدول التي تستورد الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة من إسرائيل أن توقف بشكل فوري جميع هذه الواردات.
- دول العبور أن ترفض استخدام موانئها ومطاراتها لنقل الأسلحة إلى إسرائيل.
- جميع الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة التعاون داخل المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة لفرض حظر على توريد المواد العسكرية من وإلى إسرائيل، بما في ذلك عن طريق دعم التنظيم الفوري لاجتماع استثنائي لمؤتمر الدول الأطراف، على النحو المنصوص عليه في المادة 17.5 من المعاهدة المذكورة.
للإطلاع على النسخة الانجليزية وأسماء المؤسسات الموقعة، الرجاء النقر هنا.