القائمة الرئيسية
EN
تعمد قوات الاحتلال استهداف المستشفيات وطواقم الإسعاف ومراكز الإيواء ومقومات الحياة بغزة هو استمرار لجريمة الإبادة التي يندى لها جبين الإنسانية
04، نوفمبر 2023

تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، بأشد العبارات تعمّد قوات الاحتلال الحربية الإسرائيلية استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف ومراكز الإيواء والتدمير ممنهج لما تبقى من مقومات الحياة في قطاع غزة، ضمن جريمة الإبادة الجماعية التي تدخل يومهًا التاسع والعشرين على التوالي، وسط عجز المجتمع الدولي عن وضع حد لها العسكري أو حتى التخفيف من آثارها.

 

وتنظر مؤسساتنا - المركز الفلسطيني لحقوق الإنساني، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق- بخطورة بالغة جدًا إلى المنحى الذي أخذته الهجمات العسكرية التي شنتها قوات الاحتلال في الساعات الأخيرة والتي أظهرت بوضوح تعمّد إسرائيل تدمير ما تبقى من مقومات البقاء على الحياة على امتداد قطاع غزة، مع التركيز على شمال غزة ومدينة غزة، وهي جرائم غير مسبوقة ويندى لها جبين الإنسانية.

 

وتابعت المؤسسات تعمد جيش الإحتلال وقواته قصف واستهداف المستشفيات ومركز الإيواء والطواقم الطبية ومولدات الكهرباء ما يفاقم الوضع الكارثي بعد 29 يومًا من الهجوم العسكري على قطاع غزة.

 

ووفق المتابعة الأولية لطواقمنا؛ فإن من أحدث الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد المؤسسات الصحية، استهداف طائرات الاحتلال فجر اليوم السبت 4 تشرين الثاني/نوفيمبر 2023، مدخل الطوارئ في مستشفى النصر المخصص للأطفال، ما أدى إلى عدد من الشهداء والإصابات.

 

كما قصف الطيران الحربي الإسرائيلي مولد الكهرباء الرئيسي في مستشفى الوفاء المخصص للتأهيل بغزة ما تسبب بحريق كبير في المكان وأخرج المولد من الخدمة.

وجاء ذلك، بعد يوم من قصف إسرائيلي استهدف مساء يوم الأمس 3 تشرين الثاني/نوفيمبر 2023، مدخل مجمع الشفاء الطبي بغزة، بالتزامن مع انطلاق قافلة سيارات إسعاف كانت تحاول الانتقال إلى جنوب قطاع غزة لنقل جرحى تمهيدًا لسفرهم للعلاج في مصر.

 

ووفق ما أعلنته وزارة الصحة في غزة، فإن الاستهداف كان لسيارتي إسعاف من القافلة، الاستهداف الأول كان بمجرد وصول سيارة الإسعاف التي كانت في طليعة القافلة عند دوار أنصار وأصيب المسعف بجراح حرجة وسائق الإسعاف بجراح متفرقة، والاستهداف الثاني لسيارة الإسعاف فور وصول القافلة إلى بوابة مجمع الشفاء الطبي، وأدى ذلك إلى استشهاد 15 فلسطينياَ وإصابة 60 من المسعفين والجرحى والنازحين. كما قصفت طائرات الاحتلال بشكل متكرر محيط مستشفى القدس في غزة ومستشفى الإندونيسي شمال غزة.

 

ويأتي استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف امتدادًا لنهج إسرائيلي منذ بداية العدوان، حيث أدت الهجمات الإسرائيلية إلى استشهاد 136 كادر صحي وتدمير 25 سيارة إسعاف وخروجها عن الخدمة، وجرى استهداف 102 مؤسسة صحية، وإخراج 16 مستشفى من أصل 35 مستشفى، و32 مركز رعاية أولية عن الخدمة جراء الاستهداف أو عدم إدخال الوقود، وينذر ذلك بكارثة صحية تهدد حياة آلاف المرضى والمصابين.

 

وتعبر المؤسسات الحقوقية عن قلقها من تركز القصف الإسرائيلي على مشاريع الطاقة الشمسية ومولدات الكهرباء المغذية للمؤسسات أو منازل السكان، خاصة في مدينة غزة، عبر استهدافها على أسطح العمارات والأبنية السكنية وكذلك فوق معهد الأمل للأيتام ومؤسسات أهلية أخرى، وهي كانت تساهم في تأمين الحد الأدنى من مقومات البقاء بعد انقطاع الكهرباء التام عن القطاع، وهو ما يشير إلى سعي الاحتلال إلى قتل الآلاف سواء بالقصف أو انعدام مقومات الحياة من غذاء ومياه وصحة، ودفع من يتبقى للنزوح القسري عبر مسار محدد تسيطر عليه تلك القوات. وفي هذا السياق دمرت طائرات الاحتلال خزان مياه عمومي يغذي عدة أحياء شرق رفح جنوب قطاع غزة.

واستمرت قوات الاحتلال في اقتراف جرائم قتل جماعية، دون أي محرمات، وتدمير المنازل ومراكز الإيواء على رؤوس ساكنيها، ومن أبرزها في الساعات الأخيرة، قصف طائرات الاحتلال صباح 4 تشرين الثاني/ نوفيمبر2023، مدرسة الفاخورة في شمال غزة، التي تؤوي آلاف النازحين/ات، ما أدى إلى استشهاد وإصابة ما لا يقل عن 150 فلسطينياَ/ة. 

 

كما قصف طائرات الاحتلال مساء 3 تشرين الثاني/نوفيمبر 2023، ساحة مدرسة أسامة بن زيد وسط حي الصفطاوي بجباليا، وهي مركز إيواء لجأ إليه مئات السكان. أسفر ذلك عن استشهاد15  فلسطينيا/ة وإصابة 54 آخرين وإلحاق اضرار بالغة في المدرسة.

 

ووفق آخر تحديث ظهر اليوم 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، لوزارة الصحة في غزة، فإن حصيلة الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة ارتفعت إلى9,488  شهيد/ة، بينهم 3,900 طفل و2,500 سيدة، وإصابة أكثر من 24 ألف بجراح مختلفة، منذ 7 أكتوبر الماضي. إضافة لذلك، تلقت الوزارة 2,200 بلاغ عن مفقودين/ات منهم 1,250 طفلا ما زالوا تحت الأنقاض وسط مخاطر كارثة بيئية.

 

تعيد مؤسسات حقوق الإنسان التذكير والتأكيد أن المستشفيات وسيارات الإسعاف تتمتع بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني. وبمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن "تعمّد توجيه هجمات ضد... والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبيّنة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي" يشكّل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية.  وتنطبق جريمة الحرب هذه على تعمّد الهجوم على أفراد الخدمات الطبية لأنهم جهة مخولة باستخدام الشارات المميّزة التي تحددها اتفاقيات جنيف.

وتعيد مؤسساتنا التأكيد أن جريمة الإبادة الجماعية الجارية تتطلب تدخلاً فورياً، لوقف الهجوم العسكري على قطاع غزة والتوصل لوقف إطلاق للنار ومنع أي محاولة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين/ات، ووضع حد للانتهاكات الجسيمة التي تقترفها إسرائيل. كما وتطالب مؤسساتنا بأخذ خطوات جدية لمحاسبة اسرائيل على جرائمها وفرض العقوبات السياسية والاقتصادية.

 

ونؤكد أن هذا التدخل الدولي المستعجل يجب أن يكون مصحوباً بدخول الوقود والمساعدات الإنسانية، بما في ذلك المياه والغذاء والإمدادات الطبية، دون أي معيقات، ليتم توزيعها في جميع أنحاء قطاع غزة بأكمله للتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية المستمرة الناجمة عن سياسة العقاب الجماعي الإسرائيلية ضد السكان المدنيين/ات في غزة. 

كذلك يتعين على الدول الأطراف الثالثة الضغط على إسرائيل للسماح بالنقل الفوري وغير المشروط للمرضى من غزة لتلقي العلاج الطبي، بما في ذلك العلاج المنقذ للحياة، لا سميا أن سلطات الاحتلال تواصل منع نقل الجرحى من شمال غزة ومدينة غزة بعد فصلهما عن وسط القطاع.

 

ونؤكد موقفنا بأن هذه الجرائم والفظائع يجب أن تنتهي فوراً وأن لا تتكرر، وأن على المجتمع الدولي ضمان تفكيك نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وعلى اسرائيل الانسحاب فوراً ودون قيد أو شروط من الأرض الفلسطينية المحتلة، وذلك بشكل يمكّن الفلسطينيين/ات من أن يمارسوا حقهم/ن غير القابل للتصرف في تقرير المصير بشكل كامل.