القائمة الرئيسية
EN
مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية تطالب بتدخل دولي عاجل لحماية الفلسطينيين/ات في غزة وتحديداً منطقة شمال غزة
23، أكتوبر 2023

 في 13 تشرين الأول/أكتوبر، أمرت إسرائيل أكثر من مليون فلسطيني/ة في مناطق شمال وادي غزة (مدينة غزة ومحافظة شمال قطاع غزة)، بإخلاء منازلهم/ن والانتقال إلى المناطق الجنوبية في رفح وخانيونس والمنطقة الوسطى، والتي تضم دير البلح والنصيرات والمغازي والبريج والزوايدة. وحسبما أفادت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية -مركز الميزان والحق والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان- استمرت إسرائيل منذ ذلك الحين قصف قطاع غزة بالكامل وبلا هوادة جوًا وبرًا وبحرًا، بما في ذلك المناطق الجنوبية التي لجأ إليها عدد كبير من الفلسطينيين/ات من سكان المناطق الشمالية. وتشير الحقائق على الأرض بشكل قاطع أنه ليس هناك مكان آمن في غزة، وأن "أمر الإخلاء" الذي أصدرته إسرائيل يهدف فعلًا إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين/ات قسريًا وتقريبهم من الحدود مع مصر.

فيما بعد، ألقت طائرات الاحتلال الإسرائيلية يوم السبت، الموافق 21 تشرين الأول/أكتوبر 2023، منشورات تحذيرية في أقصى مناطق شمال قطاع غزة، جاء فيها: "تحذير عاجل إلى سكان قطاع غزة. وجودكم شمالي وادي غزة يعرض حياتكم للخطر. كل من اختار أن لا يخلي من شمال القطاع إلى الجنوب من وادي غزة من الممكن أن يتم تحديده على أنه شريك بتنظيم إرهابي".

وفي وقت كتابة هذا البيان، يتواجد عشرات الآلاف من المدنيين/ات الفلسطينيين/ات في منطقة شمال غزة، إما غير راغبين أو غير قادرين على الإخلاء إلى المناطق الجنوبية، بما فيهم الجرحى والمرضى، والكوادر الطبية، والعاملين الإنسانيين، وذوي الإعاقة، وكبار السن، والأطفال والنساء، بما في ذلك النساء الحوامل في المراحل المتقدمة من الحمل. كما أعلنت عدة مرافق طبية، بما فيها مستشفى الشفاء ومستشفى القدس في مدينة غزة، أنها غير قادرة على الإخلاء، خاصة وأنها تستمر في علاج الآلاف من الجرحى، وكذلك تضم آلاف النازحين. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من سكان الشمال الذين أخلوا منازلهم وتوجهوا إلى الجنوب قد عادوا إليها لاحقاً، والسبب في ذلك استمرار الهجمات الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة ونقص وازدحام مراكز الإيواء.

وفي ضوء ذلك، فإنه يجب اعتبار "تحذير إسرائيل العاجل" وإشارتها الواضحة أنها قد تعتبر المدنيين/ات المتبقين في منطقة شمال غزة أهدافاً عسكرية هي علامة خطيرة وتتوجب تدخلاً فورياً من المجتمع الدولي.

ينص مبدأ التمييز على أنه خلال الأعمال العدائية، يجب على أطراف النزاع في جميع الأوقات "التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وبناءً على ذلك يجب عليهم توجيه عملياتهم فقط ضد الأهداف العسكرية". كما اعتبرت محكمة العدل الدولية هذا المبدأ "أساسي" و"لا يجوز انتهاكه". وإن تعمد توجيه الهجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال الحربية هو جريمة حرب بموجب المادة (8) من ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية. كما أن القتل العمد للأشخاص المحميين يعتبر أيضًا انتهاكًا خطيرًا لاتفاقيات جنيف لعام 1949.

وفي نفس اليوم الذي وجهت فيه إسرائيل هذا "التحذير العاجل" للسكان الفلسطينيين/ات في شمال غزة، دخلت 20 شاحنة من المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح. لذلك دعت منظمات المجتمع المدني الفلسطيني المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة المشاركة في إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ضمان دخول وتوزيع كميات كافية من المساعدات الإنسانية والإغاثية، بما في ذلك الوقود، ودون أي عراقيل، وكذلك ضمان أن توزيع هذه المساعدات لن يكون مشروطاً أو مقتصراً على المناطق الجنوبية من قطاع غزة.

مع الأسف، فإن كمية المساعدات الإنسانية التي دخلت إلى قطاع غزة لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا للسكان المدنيين، وأن مثل هذه المساعدات، والتي لم تتضمن وقودًا، لم تصل إلى المناطق الشمالية من غزة؛ حيث يعتبر الوقود— إلى جانب المياه والطعام والإمدادات الطبية— من بين السلع الأكثر احتياجًا في غزة في الوقت الحالي، كونه يستخدم لتشغيل المولدات، وسيارات الإسعاف وفرق الدفاع المدني، كما لا يمكن للمستشفيات العمل بدونه. وفي وقت كتابة هذا البيان، هناك 130 من الأطفال الخدج في وحدات العناية المركزة في مستشفيات قطاع غزة، بما في ذلك مستشفى الشفاء ومستشفى ناصر، في خطر محدق إذا لم يتم إدخال الوقود إلى القطاع في أقرب وقت. كذلك يعتبر الوقود أساسي أيضاً لضخ المياه لمنازل المواطنين.

وبالنظر إلى سجل إسرائيل الحافل على مدى سبعة عقود من التهجير القسري والتطهير العرقي للفلسطينيين/ات، فإن حقيقة أن توزيع المساعدات الإنسانية مقتصر حتى الآن على جنوب غزة تثير مخاوف من إمكانية استغلال جهود الإغاثة لتهجير المزيد من الفلسطينيين/ات إلى الجنوب. لذلك على المجتمع الدولي أن يُدين هذا الاستغلال بشدة، وعلى وكالات الأمم المتحدة المشارِكة في تقديم وتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة أن لا تسمح أو تشجع ذلك.

بناءً على ذلك، تطالب مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية -مركز الميزان والحق والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان- بالتدخل الدولي الفوري لحماية الفلسطينيين/ات في قطاع غزة، ولاسيما سكان الشمال. على جميع الدول التي لديها تأثير على إسرائيل، وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، ممارسة هذا التأثير ومطالبة إسرائيل بالامتناع عن اعتبار شمال غزة هدفاً عسكرياً واحداً، والزامها بالامتناع عن مهاجمة المدنيين/ات الفلسطينيين/ات الذين بقوا أو عادوا إلى هناك، حيث أنهم لا يزالون يتمتعون بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني.

كما يجب على المجتمع الدولي أيضًا دعوة إسرائيل إلى إعادة إمدادات المياه والكهرباء للسكان المدنيين في قطاع غزة والسماح بتسليم المساعدات الإنسانية والإمدادات الإغاثية التي تدخل إلى غزة بشكل صحيح وإلى جميع محافظات قطاع غزة، بما في ذلك محافظة شمال القطاع ومدينة غزة. كما يجب أيضًا ممارسة ضغوط على إسرائيل لإدخال الوقود بشكل فوري.

كما ندعو جميع وكالات الأمم المتحدة المشارِكة في إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، واليونيسيف، إلى الالتزام بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والاستقلال والنزاهة والإنسانية، ورفض الشروط التي تفرضها إسرائيل والتي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين/ات قسراً من شمال غزة إلى جنوبها بشكل قاطع.