تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي لليوم السادس على التوالي، شن هجماتها الحربية على قطاع غزة، بكثافة نارية هائلة ومدمرة، واستمرت في قصف وتدمير منازل سكنية كاملة على رؤوس قاطنيها، مع تدمير الشوارع والبنى التحية، مع سعي لتهجير مئات الآلاف عن منازلهم خاصة في المناطق الشرقية للقطاع.
ومع تصاعد وتيرة الغارات من موقع لآخر، لم يعد هناك مكان آمن في قطاع غزة بأسره، بما في ذلك مراكز الإيواء التي تضرر العديد منها جراء القصف الإسرائيلي. وتسببت الغارات المكثفة عبر الجو والبر والبحر، بمقتل مئات المواطنين المدنيين، وإصابة الآلاف، فيما لا تزال أعداد كبيرة تحت الأنقاض لم تستطع طواقم الإنقاذ من انتشالهم.
ووفق وزارة الصحة، ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين/ات منذ 7 أكتوبر الجاري، إلى 1354، منهم 326 طفلا و170 سيدة، في حين ارتفع عدد الإصابات إلى 6094، من بينهم 60 % من الأطفال والنساء. في حين دمرت غارات الاحتلال آلاف الوحدات السكنية، والممتلكات الخاصة والعامة.
وتوقفت الكهرباء شبه تمامًا عن قطاع غزة، مع توقف محطة الكهرباء الوحيدة عن العمل، ما ينذر بكارثة إنسانية بالغة، وانعكس ذلك سريعًا على العديد من الخدمات منها إمدادات المياه والاتصالات والإنترنت، ما جعل القطاع في شبه عزلة تامة مع الإغلاق المحكم للمعابر.
وتواجه طواقم المركز، بما فيها الباحثون الميدانيون صعوبة بالغة في التحرك والعمل لتوثيق الانتهاكات؛ نتيجة كثافة القصف وقطع الطرق، والتقطع الحاصل في شبكة الاتصالات والإنترنت. وتواجه طواقمنا الفنية صعوبات مماثلة في نشر البيانات والانتهاكات التي يجري رصدها.
ووفق المتابعة؛ دمرت قوات الاحتلال عشرات المنازل عبر القصف الجوي، العديد منها دمر على رؤوس قاطنيه ما تسبب بمقتل العشرات وإصابة المئات، فيما استمر القصف المدفعي ومن الزوارق الحربية فارضًا أجواء ترهيب وحالة دمار غير مسبوقة.
ففي محافظة شمال غزة، شنت طائرات الاحتلال خلال الساعات الماضية عشرات الغارات ودمرت منزلين في بيت لاهيا، لعائلة نصير والبس على رؤوس قاطنيها، وقصفت تجمعا سكنيا في جباليا البلد، ومناطق التوام والعامودي وحي الكرامة بعشرات الصواريخ دون إنذار مسبق، ودمرت العديد من المنازل على رؤوس قاطنيها. أسفر ذلك عن مقتل 55 مواطنًا، بينهم 10 سيدات و19 طفلا.
في غزة، شنت طائرات الاحتلال عشرات الغارات على أحياء سكنية استمرت حتى صباح اليوم، تزامن ذلك مع قصف مكثف من قبل المدفعية والبوارج البحرية، ودمر القصف العديد من المنازل وقصفت 5 تجمعات سكنية، على رؤوس قاطنيها. كما قصفت عدة شوارع منها الشارع الخلفي لمستشفى القدس في منطقة تل الهوا. وأسفرت الغارات عن مقتل 78 قتيل منهم 40 طفل و16 امرأة. كما وصل إلى مجمع الشفاء الطبي خلال الساعات الماضية (28) جثمان، بينهم 7 أطفال وامرأتان، لمواطنين قتلتهم قوات الاحتلال في مناطق متفرقة من مدينة غزة وجزء منهم انتشلوا من تحت أنقاض منازل دمرت في وقت سابق من العدوان
وفي الوسطى، شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي عدة غارات على أحياء، وشقق سكنية وأراضٍ زراعية استمرت حتى صباح اليوم، تزامن ذلك مع قصف مكثف من المدفعية والبوارج البحرية وتركز القصف على أحياء سكنية وأبرزها كانت في مخيم البريج ومخيم النصيرات ودير البلح، وهي معظمها مخيمات مكتظة بالسكان المدنيين/ات. وطال القصف مؤسسات، وأسفر عن وقوع أضرار كبيرة في البنية التحتية وشبكات الكهرباء، وأدى إلى دمار كبير في عدد من المنازل متعددة الطبقات والشقق السكنية مثل عائلة البردويل، وبركة، وأبودية. كما انتشلت الطواقم الطبية والدفاع المدني عددا من جثث الضحايا من سكان المنازل التي قصفت على رؤوس ساكنيها في الأيام الماضية. وبلغ عدد القتلى (35) مواطنا/ة، من بينهم (14) طفلا، و(7) سيدات، فيما أصيب العشرات من المواطنين/ات. ولا تزال الطواقم الطبية والدفاع المدني تواصل البحث عن مفقودين/ات تحت الأنقاض، وأدى قصف الزوارق البحرية إلى وقوع أضرار واسعة في مبنى نقابة الصيادين وغرف الصيادين، ولا تزال هناك منازل لم تصلها فرق الإنقاذ في الدفاع المدني لقلة الإمكانيات.
وفي خان يونس، استهدفت قوات الاحتلال عدداً من المنازل والشقق السكنية، ودمرتها فوق رؤوس ساكنيها دون تحذير مسبق، لعائلات: البشيتي، والنجار، وابو الريش، وابو دقة، وأبو مصطفى. أسفرت عن مقتل (36) مواطناً، من بينهم (17) طفلا، و(8) نساء. كما واصلت قوات الاحتلال استهداف أحياء سكنية بأكملها بالقصف بالطائرات الحربية والقذائف المدفعية في المناطق الشرقية من محافظة خان يونس، خزاعة، وعبسان الكبيرة، وعبسان الجديدة، والقرارة، والفخاري، اضطر سكانها إلى ترك منازلهم في وقت سابق والنزوح منها إلى وسط خان يونس، بعد تلقيهم تحذيرات وأوامر من قوات الاحتلال بإخلائها. أدى القصف إلى دمار هائل في عدد من الأحياء السكنية بما فيها أعداد كبيرة من المنازل السكنية والمحال تجارية كما لحقت أضرار واسعة في البنية التحتية والطرقات وشبكات المياه والكهرباء. وتواصل قوات الاحتلال استهداف وتدمير غرف ومراكب الصيادين وغرفهم ومعداتهم في ميناء الصيادين على شاطئ بحر خان يونس. ولا تزال فرق الدفاع المدني تواصل البحث عن مفقودين/ات وضحايا تحت أنقاض عدد من المنازل التي تم تدميرها.
وفي رفح، نفذت طائرات الاحتلال العديد من الغارات استهدفت عدداً من منازل المواطنين/ات، ومركز تدريب مهني. تزامن ذلك مع قصف مكثف من قبل المدفعية شرقاً والبوارج البحرية غرباً تجاه ميناء وقوارب الصيادين. وتركز القصف على أحياء سكنية في مخيم رفح وهي مكتظة بالسكان المدنيين/ات. ودمر القصف العديد من المنازل لعائلات زنون، والعاجز، وشلوف وعلوان، وأبو شعر، وبارود، وأحمد، وفوجو، وأبو مرزوق، والرخاوي، وعاشور، وأبو غالي على رؤوس قاطنيها ما أدى إلى مقتل 25 مواطناً، من بينهم (9) أطفال و(4) نساء، وتواصل طواقم الإنقاذ البحث عن مفقودين/ات تحت الركام.
ووفق تقديرات الأمم المتحدة فإن أكثر من 340 ألف شخص قد نزحوا داخل غزة، ويحتمي حوالي 218,600 نازح داخليا يقيمون في 92 مدرسة تابعة للأونروا في جميع أرجاء قطاع غزة.
وتتابع منظمات حقوق الإنسان شكاوى من العديد من المواطنين/ات في مراكز الإيواء بعدم توفر أي خدمات لهم، سواء المتعلقة بالفراش أو الطعام، ما يستجوب من الوكالة الأممية التحرك العاجل لتأمين احتياجات الإيواء المختلفة.
وأعلنت الأونروا أن أضرارا جانبية ومباشرة لحقت بما لا يقل عن 21 من منشآتها، بما في ذلك المدارس التي تؤوي المدنيين النازحين، فيما قتل 11 من موظفي الوكالة الأممية منهم 5 معلمين في مدارس الأونروا، وطبيب أمراض نسائية، ومهندس، ومرشد نفسي، وثلاثة من موظفي الإسناد.
يأتي ذلك في وقت استمرت قوات الاحتلال في إغلاق القطاع، ومنع تدفق إمدادات الوقود والغذاء والدواء، في مخالفة لكل الأعراف والمواثيق الدولية.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الحق، ومركز الميزان لحقوق الإنسان، يستنكرون بأشد العبارات استمرار العدوان الإسرائيلي وارتكاب المجازر بحق المدنيين والمدنيات، وتدمير الأعيان المدنية على نطاق واسع وبشكل ممنهج يرقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتحذر المؤسسات أن الهجمات التي تنفذها قوات الاحتلال بشكل مكثف على المناطق المكتظة بالسكان، والإغلاق المشدد وقطع إمدادات الطاقة والمياه والغذاء والدواء، يعني الحكم بالموت على 2.3 مليون إنسان يعيشون في قطاع غزة.
وعليه، تطالب منظمات حقوق الإنسان بفتح ممر آمن بشكل فوري لتزويد قطاع غزة بالاحتياجات الإنسانية الضرورية من وقود ومواد طبية وغذائية وضمان تأمين وصول المياه والكهرباء للسكان.
وتجدد منظمات حقوق الإنسان مطالباتها للمجتمع الدولي لا سيما الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، بالتدخل العاجل والفاعل واتخاذ خطوات ملموسة من شأنها وقف عمليات القتل والتجويع ومنع حدوث كارثة إنسانية محققة، والضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلي لاحترام التزاماتها الناشئة عن القانون الدولي الإنساني، وتوفير الحماية الدولية للمدنيين، وضمان تدفق الإمدادات الدوائية والإغاثية والوقود للسكان للحد من التدهور المتسارع للأوضاع الإنسانية على الأرض.
كما تطالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وفقاً لنظام روما الأساسي، بالتحقيق في الجرائم الإسرائيلية لا سيما استهداف المساكن وقتل أسر بأكملها، وملاحقة ومحاسبة كل من نفذ أو أمر بارتكاب هذه الجرائم.