القائمة الرئيسية
EN
تصريح بالقتل: الأطراف الثالثة تتجاهل مسؤوليتها الدولية لمنع الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل للقواعد الآمرة للقانون الدولي
23، أكتوبر 2023

ترجمة لمادة نشرت بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر وتم تحديثها بتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 2023

استخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي القوة العشوائية والمفرطة وغير المتناسبة خلال هجماتها العسكرية على المناطق السكنية المكتظة بالسكان في قطاع غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية صباح 23 تشرين الأول/أكتوبر، عن استشهاد 5,087  فلسطيني/ة في قطاع غزة، من بينهم 1,903 طفلاً و1,024 امرأة و187 مسن، وإصابة أكثر من 15,000 آخرين. كما تواصل "إسرائيل"، السلطة القائمة بالاحتلال، احتلالها غير القانوني المستمر منذ 56 عامًا وعدوانها على الأرض الفلسطينية المحتلة، وتفرض نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني لإخضاع السكان الفلسطينيين/ات وتهجيرهم/ن، وذلك بعد أن ضمت القدس ومساحات واسعة من الضفة الغربية تشمل "المنطقة ج". أما بالنسبة للحصار والإغلاق الإسرائيلي الخانق والمشدد والمستمر منذ 16 عامًا على قطاع غزة، والذي تسبب بتدهور الاقتصاد المحلي والبنية التحتية، فتمت إدانته واعتباره عقابًا جماعيًا غير قانوني. وبالرغم من ذلك كله، في 9 تشرين الأول/ أكتوبر2023، أعلن يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، عن حرب شاملة في غزة، وصرح قائلاً: "إننا نفرض حصارًا كاملاً على [غزة]. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود - كل شيء مغلق. نحن نقاتل حيوانات بشرية، ونتصرف وفقًا لذلك".

ومن الواضح أن النزاع المسلح الدولي هذا، والذي دام عقوداً لاستعمار فلسطين، غير متكافئ في القوة، حيث تتجاوز القدرات العسكرية الإسرائيلية قدرات حماس وغيرها من الجماعات المسلحة الموجودة في قطاع غزة بكثير. وعلى وجه التحديد، تتمتع إسرائيل بحماية ضد صواريخ حماس بفضل نظام القبة الحديدية. يتجلى عدم التماثل أيضًا في التفاوت المقلق في عدد الإصابات على مدى العقد بين الأعوام  2010 و2019، حيث سجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) مقتل 3,624 فلسطينيًا و203 إسرائيليًا، وإصابة 103,207 فلسطينيًا و4,642 إسرائيليًا خلال الفترة المذكورة.

 

ويمكن الاستدلال على نية المسؤولين الإسرائيليين في مواصلة تعظيم الأضرار وايقاع المزيد من الضحايا الفلسطينيين/ات من خلال تصريحاتهم، فعلى سبيل المثال، وعد رئيس الوزراء نتنياهو بتحويل غزة إلى "أنقاض"، في حين أن اللواء غسان، منسق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة قال: "أردتم الجحيم، ستحصلون عليه... لا كهرباء ولا ماء، فقط دمار".

وعلى الرغم من خطورة وجسامة الوضع والتصريحات الإسرائيلية المشجعة على الإبادة الجماعية، وبينما تعيد إسرائيل شاحنات الغذاء وتقطع إمدادات المياه عن غزة، فإن مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني الموقعة على البيان تعبر عن صدمتها إزاء الخطاب الأحادي الجانب والمعايير المزدوجة التي رأيناها من الدول الغربية، والتي تقدم الدعم لإسرائيل وتسلط الضوء فقط على الخسائر البشرية في إسرائيل وتتجاهل الحديث عن معاناة المدنيين/ات الفلسطينيين/ات، الذين قتلوا وأصيبوا بسبب الأعمال الانتقامية العسكرية الإسرائيلية العشوائية.

ومع هذا كله، أصدرت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا بيانًا مشتركًا في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2023، شجبت فيه علنًا هجمات حماس وتعهدت "ضمان أن إسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها"، مما يمنح إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، الضوء الأخضر بالكامل لاستخدام القوة على نطاق واسع في كافة أرجاء قطاع غزة، حيث يعيش 2.3 مليون نسمة نصفهم من الأطفال.

وتبع هذا البيان وعود أخرى صادمة وغير مسبوقة، حيث قررت كل من الدنمارك والنمسا تعليق مساعداتهما لفلسطين، بينما تنظر كل من السويد وألمانيا في إمكانية تعليق تمويلهما. وبشكل خاص، أعلنت وزيرة التنمية الألمانية "سفينيا شولتسه"، أن هذه الهجمات على إسرائيل تشكل "كسرًا فظيعًا" وأن حكومتها "ستقوم الآن بمراجعة كل جهودها في الأراضي الفلسطينية". وأكد مسؤول ألماني آخر أن على الاتحاد الأوروبي "أن يقول الآن: نحتاج لبداية جديدة ولن نمول الإرهابيين بعد الآن". هذا وقامت المفوضية الأوروبية، وهي من أهم المانحين للمساعدات التنموية، بالنظر في تعليق مساعدتها المالية لفلسطين.

ومن المثير للدهشة أن جميع التصريحات السابقة تجاهلت حقوق الفلسطينيين/ات وقواعد القانون الدولي، بل وبالغت في حق إسرائيل بإعمال مفهوم  "الدفاع عن النفس" إلى ما وراء حدوده القانونية. ويشير البيان المشترك المذكور سابقاً (الذي ضم الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا) بإيجاز إلى "تطلعات الفلسطينيين المشروعة" ودعم "تدابير متساوية من العدالة والحرية للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء". غير أن هذه الاعتبارات، من منظور هذه الدول، تعتبر باطلة عندما يتعلق الأمر باحترام إسرائيل والمخاوف الأمنية الخاصة بها، والتواطؤ في إبقاء الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية وإطالة أمده.

إن هذا البيان المشترك معيب على مستويين رئيسيين. أولًا: يتجاهل تمامًا الأسباب الجذرية للصراع؛ حيث تعتبر حركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية الأخرى نتاج الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، والذي يشكل انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة، ويستخدم القوة بشكل غير قانوني ومتواصل حتى يومنا هذا. فلم تكن هذه الحركات الفلسطينية موجودة قبل الاحتلال. علاوة على ذلك، قامت إسرائيل بضم الأراضي الفلسطينية بحكم الأمر الواقع وبحكم القانون، في انتهاك للقواعد الآمرة للقانون الدولي، بما في ذلك حظر استخدام القوة وإنكار حق الشعب الفلسطيني في ممارسة حقه في تقرير المصير. بالإضافة إلى ذلك، أن 75% من الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة هم لاجئون طردتهم قوات الإحتلال من منازلهم في العام 1948 (النكبة)، وحرموا من حقهم في العودة إلى ديارهم منذ ذلك الوقت.

ثانياً، اعتبار الهجوم العسكري على قطاع غزة ممارسة لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ينكر حقيقة أن إسرائيل تحتل بالفعل الأرض الفلسطينية و تعزز نظام الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة. كما وتحاول إسرائيل تهجير الفلسطينيين قسراً من قطاع غزة، من خلال عدوانها الغاشم المستمر، من أجل الاستيلاء تدريجياً على المزيد من أرض فلسطين التاريخية. بالتالي تنتهك هذه الأفعال القواعد الآمرة للقانون الدولي، وقد ترقى إلى مستوى جرائم حرب تتمثل في التهجير القسري وجرائم ضد الإنسانية تتمثل في التهجير والاضطهاد والفصل العنصري.

في ضوء ما سبق، فإننا ندعو الأطراف الثالثة للتعاون من أجل إنهاء الوضع الناشئ عن انتهاك إسرائيل المستمر للقواعد الآمرة للقانون الدولي، بما تشمل التزامات الأطراف الثالثة الامتناع عن المساعدة في إبقاء هذا الوضع غير القانوني، وهو ما فعلته بعض الدول المشتركة في البيان والتي أرسلت معدات عسكرية إلى إسرائيل. كما يقع على عاتق الدول التعاون لوضع حد للسلوك غير القانوني، بدلًا من ترسيخ وتشريع الاحتلال غير القانوني واستخدام القوة العدوانية تحت غطاء "الدفاع عن النفس".

علاوة على ذلك، قد تقوم الأطراف الثالثة بتوفير معدات عسكرية لاستخدامها في جرائم الحرب الإسرائيلية، بما في ذلك "عمليات القتل العمد"، و"التسبب عمدًا في معاناة شديدة أو أذى خطير للجسم والصحة"، و"التدمير والاستيلاء على الممتلكات على نطاق واسع، دون أن تبرره ضرورة عسكرية، وتنفيذ ذلك بشكل غير قانوني وتعسفي"، و"تعمد استخدام تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب من خلال حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة". وسبق أن تم تحديد هذه الجرائم بالفعل بالتفصيل من قبل المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، التي فتحت تحقيقًا بناء على "أدلة  دامغة" على الجرائم التي ارتكبتها القوات والسلطات الإسرائيلية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأعمال الإجرامية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي تشكل عقاباً جماعياً محظوراً، حيث أنها تستهدف المدنيين الفلسطينيين بسبب أعمال نسبت لحماس. بالتالي فإن القتل العمد والعقوبات الجماعية تعتبر انتهاكًا لإتفاقية جنيف الرابعة. وبفشلها في التدخل وإيقاف الهجوم الحالي على قطاع غزة، فإن الأطراف الثالثة تنتهك التزاماتها بضمان احترام القانون الدولي الإنساني، وتطيل أمد حرب عدوانية، وتنكر حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال عن الاحتلال الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني.

منظمات المجتمع المدني الموقعة:

مركز دراسات المرأة

مؤسسة عبد المحسن القطان

منتدى شارك الشبابي

مركز إعلام حقوق الإنسان والديموقراطية (شمس)

شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية – الشبكة

الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان

الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون (استقلال)

الهيئة الفلسطينية للدبلوماسية العامة

مؤسسة فيصل الحسيني

فلسطينيات

جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية

المبادرة الفلسطينية لتعزيز الحوار العالمي والديموقراطية - مفتاح

مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان

الحق "القانون من أجل الإنسان"

شبكة وطن الإعلامية

المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)

مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية (حريات)

اتحاد لجان المرأة الفلسطينية

مركز بيسان للبحوث والإنماء

مركز الميزان لحقوق الإنسان

مركز المرأة للمساعدة القانونية والإرشاد

مرصد العالم العربي للديموقراطية الانتخابات (المرصد)

المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"

مركز القدس للمساعدة القانونية

الاتحاد العام للمراكز الثقافية

بيالارا

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان – غزة

اتحاد لجان العمل الزراعي