القائمة الرئيسية
EN
تطالب المنظمات الفلسطينية المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات فورية لوقف الأعمال الانتقامية الإسرائيلية ضد المدنيين/ات الفلسطينيين/ات
08، أكتوبر 2023

حذرت المنظمات الفلسطينية على مدى عقود من الوضع الراهن ومن الفشل المتعمد للمجتمع الدولي وغياب إرادته السياسية في معالجة الأسباب الجذرية للقضية الفلسطينية — وتحديدًا الاستيطان الاستعماري الإٍسرائيلي، الفصل العنصري، الاحتلال غير القانوني، والإنكار المستمر لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في تقرير المصير.

وفقًا للمعلومات الميدانية الأولية التي حصلنا عليها، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدة هجمات ضد السكان المدنيين/ات في قطاع غزة خلال ساعات الليل؛ مُدمراً العديد من منازل العائلات والمباني السكنية والتجارية، مبيداً بذلك عائلات فلسطينية بأكملها دون إصدار تحذيرات في كثير من الأحيان. الوضع على الأرض خطير للغاية ويستدعي تدخلاً فوريًا وعاجلًا من المجتمع الدولي.

في صباح يوم السبت الموافق 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، شنت الفصائل الفلسطينية هجوماً عسكرياً رداً على تصاعد الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الإغلاق المستمر المفروض على قطاع غزة، الاجتياحات العسكرية اليومية في الضفة الغربية، اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى والاعتداء على البلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، الاعتقالات التعسفية الجماعية والمعاملة اللاإنسانية للأسيرات والأسرى الفلسطينيين في السجون الإٍسرائيلية، فضلا عن القتل،[1] والاستيلاء على الأراضي والموارد الطبيعية، وهدم المنازل.

وفي الساعات الأولى من بعد ظهر يوم السبت، بدأت إسرائيل قصف قطاع غزة من الجو والبر والبحر فيما يبدو كرد انتقامي ضد السكان المدنيين/ات وهي ممارسة تستخدمها قوات الاحتلال بشكل روتيني في غزة وجنين وجميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، قتل 313 فلسطينيا/ة، بما في ذلك ما لا يقل عن 20 طفلا، وأصيب 1,990 آخرين، بما في ذلك ما لا يقل عن 121 طفلا، منذ ظهر يوم السبت.[2] 

استهدفت الهجمات الاسرائيلية المدنيين/ات الفلسطينيين/ات والبنية التحتية المدنية في جميع أنحاء قطاع غزة. في مدينة غزة، اُستهدفت ودُمرت عدة مبانٍ مرتفعة، بما في ذلك برج فلسطين، وبرج وطن، وبرج العكلوك. كما استهدفت الهجمات الاسرائيلية منزل عائلة شعبان مما أسفر عن استشهاد جميع أفراد العائلة: الأب والأم وأطفالهم الأربعة. في بيت حانون بمنطقة شمال قطاع غزة، استهدف هجوم إسرائيلي منزل عائلة شبات، مما أسفر عن استشهاد 12 فلسطينيًا/ة بينهم نساء وأطفال. كما وتعرضت سيارة إسعاف للقصف في شمال قطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد مسعفين اثنين. في خان يونس، استهدف هجوم إسرائيلي منزل عائلة أبو دقة مما أسفر عن استشهاد ثمانية عشر فلسطيني/ة من أفراد العائلة، من بينهم نساء وأطفال. كما استهدف هجوم إسرائيلي آخر سيارة إسعاف أمام مستشفى ناصر. في المحافظة الوسطى، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلية عدة هجمات استهدفت منازل عائلات. الهجوم الذي ضرب منزل عائلة أبو ركاب أسفر عن استشهاد سبعة فلسطينيين/ات، بينهم ستة أطفال. في رفح، استهدف هجوم إسرائيلي منزل عائلة أبو قوطة، مما أسفر عن استشهاد سبعة عشر فلسطيني/ة، بينهم نساء وأطفال. إن أعداد الشهداء سيتزايد حيث لا يزال العديد من الفلسطينيين/ات تحت الأنقاض. 

أعلن وزير البنى التحتية الوطنية والطاقة والمياه الإسرائيلي مساء السبت أن إسرائيل ستتوقف عن تزويد قطاع غزة بالكهرباء كخطوة إضافية من العقاب الجماعي. وذكرت شركة توزيع الكهرباء في غزة أن خطوط الإمداد من إسرائيل لم تعمل منذ صباح يوم السبت. لا يتوفر في قطاع غزة في الوقت الحالي سوى حوالي 60 ميغاواط من الكهرباء التي تنتجها محطة الطاقة المحلية (التي تعتمد على الوقود الذي يدخل عادة إلى غزة من إسرائيل). يحصل السكان المدنيين/ات المحميين/ات الآن على أربع ساعات فقط من الكهرباء يومياً، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى كارثة إنسانية، فالعديد من البنى التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات، لن تملك ما يكفي من الكهرباء للقيام بعملها.

شنت إسرائيل على مدى السنوات ال15 الماضية ما لا يقل عن ست هجمات عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة. وفي كل واحدة منها، كانت منظماتنا في الميدان وجمعت أدلة قاطعة بإرتكاب السلطات الإسرائيلية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد السكان المدنيين/ات في قطاع غزة، بما في ذلك الهجمات العشوائية وغير التناسبية، وقتل وجرح الآلاف من المدنيين/ات وتدمير البنية التحتية المدنية -الهشة أصلاً- في قطاع غزة. يتمتع المدنيين/ات والأعيان المدنية أثناء الأعمال القتالية بموجب القانون الدولي الإنساني بحماية عامة من الهجمات المباشرة والعشوائية. كما ويجب حماية العاملين/ات في مجال الرعاية الصحية والمرافق الصحية ولا يجوز استهدافهم.

وخلال اجتماع عقد للحكومة الإسرائيلية مساء السبت، قالت ماي غولان، وزيرة النهوض بمكانة المرأة الإسرائيلية: "يجب تدمير جميع البنى التحتية لقطاع غزة من أساساتها وقطع الكهرباء عنها فورا. الحرب ليست ضد حماس بل ضد دولة غزة". في وقت لاحق من المساء، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو: "أقول لسكان قطاع غزة: اخرجوا من هناك الآن، لأننا سنعمل في كل مكان وبكل قوتنا". تشير هذه التصريحات إلى نية سلطات الاحتلال قصف قطاع غزة المكتظ بالسكان بشكل مكثف وعنيف، بتجاهل تام للمدنيين/ات والبنية التحتية المدنية. ومن الواجب الإشارة أنه لا يوجد ملاجئ في قطاع غزة، ولا يمكن للناس مغادرة القطاع بسبب الإغلاق الإسرائيلي المفروض على غزة.

تطالب مؤسسة الحق ومركز الميزان لحقوق الإنسان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المجتمع الدولي باتخاذ إجراء فوري وعاجل لوقف الانتقام والهجوم الإسرائيلي ضد السكان المدنيين/ات والأعيان المدنية في قطاع غزة المحاصر. تنذر التصريحات الأخيرة للحكومة الإسرائيلية، وجزء منها مذكورة أعلاه، بازدياد غير مسبوق من القتل، يتحمل المدنيون/ات العبء الأكبر منها.

مساءلة إسرائيل على جرائمها أمر بالغ الأهمية، وتتقاسم الدول الثالثة مسؤولية التقاعس فيها. ندعو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى تسريع التحقيق في الوضع في فلسطين بجميع الموارد والزيارات الميدانية والوفاء بالوعود التي قدمت في شهر ديسمبر 2022. نشدد أنه إذا لم يتخذ المجتمع الدولي الإجراءات الضرورية لمحاسبة إسرائيل على الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، فإن أعداد الضحايا من المدنيين/ات سيتزايد في ظل هذه الهجمة العسكرية وسيزيد معها التدمير في قطاع غزة. 

ولذلك، ندعو مجلس الأمن والدول الثالثة والدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى التدخل الفوري بجميع الوسائل اللازمة لوقف الهجمات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وفرض عقوبات وحظر توريد الأسلحة إلى إسرائيل. وتماشياً مع الالتزامات الدولية، على المجتمع الدولي أن يتعاون لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني باعتباره عملاً عدوانياً مستمراً منذ عام 1967، وضمان تفكيك منظومة الاحتلال والانسحاب الكامل وغير المشروط لجميع قوات الاحتلال الإسرائيلية من الأرض الفلسطينية، وتفكيك نظام الفصل العنصري.

 

[1]  قتلت قوات الاحتلال والمستوطنين 234 فلسطينيا، من بينهم 45 طفلا، في الفترة ما بين 1 يناير و30 سبتمبر 2023.

[2]بيانات حتى الساعة 12:00 ظهرا، 8 أكتوبر 2023