الفترة التي يغطيها التقرير:
(12:00 ظهراً، الخميس، 11 أيار/مايو 2023 - 12:00 ظهرًا، الجمعة، 12 أيار/مايو 2023)
13 أيار/مايو 2023
استشهد 31 فلسطينياً، بينهم ستة أطفال وأربع نساء، وأصيب 106 فلسطينيون آخرون بجروح، بما فيهم 36 طفلاً و21 امرأة ، حتى الساعة 12:00 ظهرًا من يوم 12 أيار/مايو 2023 وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، وذلك خلال العدوان الإسرائيلي العسكري المتواصل على قطاع غزة، الذي سمّته إسرائيل «عملية السهم والدرع» (الذي يطلق الفلسطينيون عليه اسم "معركة الثأر للأحرار") والذي شرعت في شنّه يوم 9 أيار/مايو 2023. وخلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي البنايات السكنية، فدمرت بنايتين منها تدميراً كاملاً ودمرت أجزاء من ثلاث بنايات أخرى، بعدما أرسلت تحذيرات إلى بعضها ولم توجه أي تحذير لبعضها الآخر.
كما رصدت مؤسسة الحق الهجوم الذي شنته إسرائيل على مناطق مفتوحة في حي السلام، جنوب شرق مدينة رفح، وأسفر عن إصابة ثمانية فلسطينيين يقطنون في منازل قريبة منها، بما فيهم ثلاثة أطفال وثلاث نساء أصيبوا/أُصبن بجروح طفيفة إلى متوسطة. وقد يرقى هذا الهجوم إلى هجوم عشوائي يستهدف المدنيين - ويرد حظر عليه بموجب القانون الإنساني الدولي.
وحتى وقت إعداد هذا التقرير، لا يزال حاجزا بيت حانون (إيرز) وكرم أبو سالم مغلقين بناءً على الأوامر الصادرة عن «مكتب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق» بخصوص مرور الأفراد ونقل البضائع بين قطاع غزة وإسرائيل، مما ألحق الضرر بقطاعات الزراعة والاقتصاد وصيد الأسماك وعطّل تنقل الآلاف من الفلسطينيين/ات، بمن فيهم المرضى، وأعاق دخول المواد الغذائية والأدوية والأجهزة الطبية إلى مستشفيات قطاع غزة.
فيما يلي التقرير الذي أعدته مؤسسة الحق بناءً على توثيقاتها ومتابعاتها الأولية بخصوص استشهاد ستة فلسطينيين وتدمير خمس بنايات تعود ملكيتها للفلسطينيين خلال اليوم الرابع من أيام العدوان العسكري الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
1- أعمال القتل
في نحو الساعة 4:00 من مساء يوم الخميس، 11 أيار/مايو 2023، أطلقت الطائرات الحربية الإسرائيلية صاروخين على منزل مبني من الإسمنت، يتألف من طابقين ويملكه أيمن شعبان أبو دقة في بلدة بني سهيلا شرق خانيونس، جنوب شرق قطاع غزة، دون سابق إنذار. ونتيجة لذلك، استُشهد أحمد محمود أبو دقة، 43 عاماً، وهو أحد قادة سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، ودُمر المنزل بكامله ولحقت الأضرار بالمنازل المجاورة له. وأصيب أربعة فلسطينيين بجروح، من بينهم رضيع في العام الأول من عمره وامرأة. وقد انتُشل بعض هؤلاء الجرحى من تحت ركام المنزل ثم نُقلوا إلى مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس.
وفي نحو الساعة 5:00 مساءً من يوم الخميس، 11 أيار/مايو 2023، أطلقت المدفعية الإسرائيلية المتمركزة في الجهة الشرقية من مدينة غزة عدداً من قذائف المدفعية التي استهدفت أراضٍ زراعية تقع في المناطق الشرقية القريبة من الحدود شرق حي الشجاعية، مما أسفر عن استشهاد فلسطينيين اثنين، هما حسين يوسف عبد الله دلول، 23 عاماً، ومحمد سليمان خليل دادر، 31 عاماً، وكليهما من سكان حي الزيتون شرق مدينة غزة. وبينما تبنت كتائب المجاهدين، الجناح العسكري لحركة المجاهدين الفلسطينية، حسين ومحمد، فإنه من غير الواضح بعد ما إذا كانا مشاركان مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية حينما شُن الهجوم عليهما.
وعند الساعة 9:20 تقريباً من مساء يوم الخميس، 11 أيار/مايو 2023، استهدفت طائرة استطلاع إسرائيلية فلسطينيين اثنين بصاروخ على مقربة من مصنع أبو الخير في جباليا شمال قطاع غزة. ونتيجة لهذا الهجوم، استشهد عبد الحليم جودت خير النجار، 21 عاماً، متأثراً بجروحه جراء شظايا الصاروخ التي أصابته في مختلف أنحاء جسده، حيث أُعلن عن استشهاده عقب وصوله إلى المستشفى الإندونيسي في جباليا. وأصيب عليان عطا عليان أبو وادي، 36 عاماً، بالشظايا التي سبّبت له تهتكات في أطرافه السفلية. وقد أُدخل مباشرةً إلى غرفة العمليات بسبب خطورة إصابته، ولكن أعلن عن استشهاده في وقت لاحق وهو في وحدة العناية المكثفة عند نحو الساعة 5:30 من فجر اليوم التالي، الجمعة 12 أيار/مايو 2023. ومن غير الواضح بعد ما إذا كان عبد الحليم وعليان مشاركان مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية في الوقت الذي شُنّ فيه الهجوم عليهما.
وفي وقت لاحق من المساء، في نحو الساعة 11:00 من يوم الخميس 11 أيار/مايو 2023، استهدفت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية عدي رياض أحمد اللوح، 25 عاماً، من سكان مخيم النصيرات، أثناء وجوده في أرض زراعية مفتوحة تقع على مقربة من مسجد الدعوة شمال المخيم الكائن في قلب قطاع غزة. ونقلت سيارة إسعاف عدي إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، حيث أُعلن عن استشهاده عقب وصوله إلى المستشفى.
2- استهداف المنازل والبنايات السكنية
في نحو الساعة 11:00 من صباح يوم الخميس، 11 أيار/مايو 2023، أطلقت طائرة استطلاع إسرائيلية «صاروخاً تحذيرياً» استهدف منزل زكريا أحمد عبد ربه الكفارنة، 53 عامًا، المقام في منطقة الفرطة في بيت حانون شمال قطاع غزة. يتألف المنزل المذكور من طابقين ويحتوي على شقتين تقطنهما أسرتان قوامهما تسعة أفراد، من بينهم ثلاث نساء وأربعة أطفال. ولحقت أضرار جزئية بالمنزل، ولم ترد أية تقارير عن وقوع إصابات. واستهدفت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية المنزل ذاته مرة أخرى عند الساعة 3:00 تقريباً بعد الظهر، ومرة ثالثة عند نحو الساعة 4:00 من مساء اليوم نفسه بصاروخين. وتكمن الغاية من «الصاروخ التحذيري،» الذي يعرف أيضًا باسم التحذير عن طريق «الطرق على الأسطح،» في «تحذير» سكان المنزل المستهدف والمنازل التي تقع بجواره من أجل إخلائها قبل استخدام نوع أشد فتكاً من الأسلحة. وقد يتم استهداف المنزل، في بعض الحالات، بعد ساعات من إطلاق «الصاروخ التحذيري،» مما يحرم سكان المنزل المستهدف والمنازل التي تجاوره من القدرة على العودة إلى بيوتهم حتى الإعلان عن وقف لإطلاق النار. ومما تجدر ملاحظته ويثير القلق في الوقت نفسه أن استخدام «الصواريخ التحذيرية» يتجاوز الأثر «التحذيري» الذي تفرزه إلى إلحاق أضرار فعلية بالمنازل التي تستهدفها وبسكانها الموجودين فيها.
وعند نحو الساعة 6:30 من مساء يوم الخميس، 11 أيار/مايو 2023، أطلقت الطائرات الحربية الإسرائيلية ستة صواريخ على مدى ساعة كاملة على منزل وأرض تعود ملكيتهما لصالح فتحي بشير في حي البركة جنوب دير البلح. وقبل هذا الهجوم، اتصل جهاز المخابرات الإسرائيلية بالجيران لكي يبلغوا الأسرة وسكان المنازل المجاورة بإخلاء بيوتهم قبل استهداف المنزل المذكور. وتقطن في هذا المنزل المشيد من الإسمنت والمكوّن من طابقين أربع أسر تضم 13 فرداً، من بينهم أربعة أطفال وست نساء. وقد أسفر القصف عن إلحاق دمار هائل بالمنزل وأضرار جزئية بالمنازل المجاورة له. ولم ترد أية تقارير تشير إلى وقوع إصابات.
وفي نحو الساعة 7:30 من مساء يوم الخميس، 11 أيار/مايو 2023، استهدفت طائرة حربية إسرائيلية مسكناً يملكه زهير إبراهيم محمد أبو خاطر، 57 عاماً، ويقع إلى الشرق من دوار التعليم في بيت لاهيا شمال قطاع غزة. يتألف المنزل من طابقين ويحتوي على شقتين تقطنهما أسرتان قوامهما عشرة أفراد، من بينهم ثلاث نساء وطفلين. ونتيجة لذلك، دُمر المنزل تدميراً كاملاً، دون ورود أية تقارير عن وقوع إصابات، كما لحقت الأضرار الجزئية بعدة منازل تقع بجواره. ومما تجدر الإشارة إليه أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت أربعة «صواريخ تحذيرية» متتالية على المنزل قبل استهدافه بعشرين دقيقة واتصلت بأحد جيرانه وطالبته بإخلاء ذلك المنزل مع المنازل المجاورة له.
وفي نحو الساعة 12:40 من فجر يوم الجمعة، 12 أيار/مايو 2023، أطلقت طائرة مسيرة إسرائيلية صاروخاً على بناية سكنية تتألف من أربعة طوابق وتعود ملكيتها للمرحوم نافز غالب حمدان دغمش وتقع في تل الهوى، غرب مدينة غزة، خلف مبنى الإذاعة والتلفزيون. ومما يقتضي الملاحظة أن عمرو تلقى اتصالاً من قوات الاحتلال الإسرائيلي أبلغته فيه بإخلاء المنزل قبل 15 دقيقة من قصفه. ويقطن في البناية المستهدفة أبناء نافز، وهم نضال ومحمد وعمرو وأسرهم. ولنضال أسرة تضم سبعة أفراد، منهم خمسة أطفال وامرأتان. وتضم أسرة محمد سبعة أفراد، بمن فيهم أربعة أطفال وامرأتين، وأسرة عمرو خمسة أفراد، من بينهم خمسة أطفال وامرأة. ونتيجة لذلك، لحقت أضرار جزئية بالمنزل وأصيب نضال بجروح متوسطة الخطورة.
التحليل القانوني
تدل الحوادث الواردة أعلاه على مخالفات سافرة لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وهو أمر قد يرتب المسؤولية عن ارتكاب جرائم دولية والمسؤولية الجنائية الفردية، بما يشمل الانتهاكات التي تمس الحق في الحياة وشن هجمات متعمدة على المدنيين والأعيان المدنية. وعلى وجه أكبر من التحديد:
الانتهاكات الواقعة على مبدأي التمييز والتناسبية. ينطوي الاستهداف الشامل الذي يطال الفلسطينيين/ات ممن لا يشاركون مشاركة مباشرة في العمليات العدائية وبناءً على اعتبارات يتضمنها مبدأ «الاضطلاع بمهام قتالية مستمرة» على تطبيق لا محل له للقانون الذي ينظم النزاعات المسلحة الداخلية وإنزاله على الاحتلال الحربي. وفضلًا عن ذلك، قد يشكل استهداف منازل الأسر وتدميرها عن بكرة أبيها، بوصفها أعياناً مدنية، إخلالاً بمبدأي التمييز والتناسبية.
الانتهاكات التي تمس الحظر المفروض على شن الهجمات العشوائية. قد ترقى حالة القصف الذي استهدف منطقة مفتوحة في حي السلام برفح، على الرغم من وجود أهداف مدنية على مقربة منها، إلى مستوى الهجوم العشوائي المحظور على الوجه الذي تقرره الفقرتان الرابعة والخامسة من المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأولى. إذ تشكل هذه المادة قاعدة عرفية بموجب القانون الإنساني الدولي.
حالات الخرق الواقعة على مبدأ الحيطة. تشترط المادة 57 من البروتوكول الإضافي الأول على الأطراف أن تتخذ جميع الاحتياطات المستطاعة من أجل الحد من وقوع خسائر في أرواح المدنيين، أو إلحاق الإصابات بهم أو الإضرار بالأعيان المدنية بصفة عرضية وحصرها في أضيق نطاق. ومما يثير القلق أن قوات الاحتلال الإسرائيلية أطلقت في بعض الحالات الواردة أعلاه «الصواريخ التحذيرية» أو أطلقت الصواريخ لغايات التحذير من خلال «الطرق على الأسطح» على نحو ألحق أضراراً جزئية بالمنازل المستهدفة. وفي الحالات الأخرى التي أطلقت فيها هذه الصواريخ، حُرم سكان المنزل المستهدف والمنازل التي تقع بجواره من القدرة على العودة إلى بيوتهم. قد يرقى هذا الفعل إلى مستوى «أعمال العنف أو التهديد بها الرامية أساساً إلى بث الذعر بين السكان المدنيين» وهو يعد بالتالي «محظورًا» بموجب أحكام المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول.
الخلاصة
تأتي دورة العدوان الذي تكاد إسرائيل تشنه كل سنة تقريباً على قطاع غزة كنتيجة مباشرة لغياب الإجراءات المادية التي يتخذها المجتمع الدولي من أجل إخضاعها للمساءلة والمحاسبة على إمعانها في ارتكاب الانتهاكات المتواصلة والممنهجة والممؤسسة التي توقعها على حقوق الإنسان وأحكام القانون الدولي وقواعده منذ عام 1948. ومن جملة هذه الانتهاكات اقتراف الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الأبارتهيد. وفضلًا عن ذلك، تؤكد مؤسسة الحق أن تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني يقتضي الاعتراف بالأسباب الجذرية للقضية الفلسطينية، التي ترجع في أصولها إلى النظام الإسرائيلي القائم على الاستعمار الاستيطاني والأبارتهيد، والنظر في هذه الأسباب ومعالجتها. ولهذه الغاية، تحثّ مؤسسة الحق الدول الأطراف الثالثة على اتخاذ الإجراءات الفورية التي تكفل إنفاذ جميع التدابير اللازمة لوضع حد للعدوان العسكري الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة، وإلزامها بالتقيد بالتزاماتها التي تملي عليها تجنيب السكان المدنيين الفلسطينيين الأضرار الناجمة عن هذا العدوان وحمايتهم منه وحظر توريد الأسلحة إليها، بما يتوافق مع الالتزامات الدولية التي تقتضي وضع حد لجريمة الأبارتهيد.