القائمة الرئيسية
EN
يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات فورية وفاعلة لوقف الهجوم الإسرائيلي على المسجد الأقصى
08، أبريل 2023

تدين مؤسسة الحق بأشد عبارات الإدانة الاقتحامات الجسيمة التي تنفذها الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك، وما يرافقها من ضرب مبرح للمصلين/ات الفلسطينيين/ات والهجوم عليهم/ن، وذلك منذ اليوم الخامس من نيسان/إبريل الجاري. تأتي هذه الهجمات كنتيجة مباشرة لإفلات إسرائيل من العقاب على مدار سنوات طويلة، هذا الإفلات الذي يعززه عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ خطوات فاعلة من أجل إنهاء نظام الأبارتهيد والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي والاحتلال اللاقانوني. وفي سبيل تجنب تصعيدات أخرى وصوناً لحياة الفلسطينيين/ات وحقوقهم/ن، تحثّ "الحق" المجتمع الدولي على التدخل الفوري واتخاذ إجراءات فاعلة ضد السلطات الإسرائيلية، بما يشمل فرض العقوبات وحظر توريد الأسلحة وتجميد التجارة مع إسرائيل.

تزامن الهجمات الإسرائيلية على المسجد الأقصى منذ الخامس من الشهر الجاري مع تسهيل اقتحامات المستوطنين للمسجد خلال عيد الفصح اليهودي

وفقاً لتوثيقات مؤسسة الحق الأولية، فقد اقتحمت الشرطة الإسرائيلية في ساعات الصباح الأولى من يوم الأربعاء، 5 نيسان/إبريل 2023، باحات المسجد الأقصى لمدة أربع ساعات، حيث اعتدت على المصلين/ات الفلسطينيين/ات بالضرب، وألقت عليهم/ن قنابل الغاز كما منعتهم/ن من أداء صلاتهم/ن وطقوسهم/ن الدينية، ثم أجبرتهم/ن على مغادرة المكان. جاء هذا الهجوم في إطار تأمين المكان أمنياً لضمان اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي الذي كان من المزمع أن يبدأ في الخامس من الشهر نفسه. إذ كان المستوطنون قد أعلنوا سابقاً نيتهم اقتحام باحات المسجد وتقديم القرابين هناك.   

أظهرت مقاطع فيديو صوّرت في 5 نيسان/إبريل من داخل المصلى القبلي اعتداء الشرطة الإسرائيلية بالضرب المبرح على المصلين الفلسطينيين بالهراوات وأعقاب البنادق والكراسي. كما ظهر في عدد من الصور للمكان قيام الشرطة الإسرائيلية بتقييد مجموعة من المصلين وإرغامهم على الاستلقاء على بطونهم على أرضية المسجد.

اقتحمت الشرطة الإسرائيلية أيضاً عيادة المسجد المرواني داخل المسجد الأقصى وحطمت بابها الرئيس وخرّبت المعدات الطبية والأسرّة الموجودة فيها/ كما حطّمت الحائط الإسمنتي الفاصل بينها وبين المسجد الأقصى لاقتحامه من هناك.

وفي اليوم نفسه، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية حوالي 450 فلسطينياً منهم عدد من الأطفال، إلا أنها أطلقت سراح غالبيتهم في صباح اليوم التالي، لكنها فرضت عليهم قرارات إبعاد عن المسجد الأقصى لمدة أسبوع، قابلة للتجديد. أفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن معظم من أطلق سراحهم كانوا مصابين، وأنها تدخلت لعلاج 25 منهم كانوا يعانون من إصابات ناجمة عن الضرب والرصاص المغلف بالمطاط، في حين استدعت الحالة الصحية لاثنين منهم تلقي العلاج العاجل في المستشفى.

من الجدير ذكره أنّه تم منع طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني من دخول المسجد الأقصى خلال الساعات الأربعة للاقتحام الإسرائيلي، إلا أنها تمكنت من تقديم المساعدة الطبية لاثني عشر فلسطينياً آخرين في المناطق المحيطة بالمسجد، ثم نقلت ثلاثة منهم إلى المستشفى. ثم اقتحمت الشرطة الإسرائيلية المسجد مرة أخرى بعد شروق الشمس. إذ تشير الصور من المكان إلى قيام الشرطة بمهاجمة المصلين ومنعهم من أداء صلاتهم، كما أجبرتهم على مغادرة المكان واعتقلت عدداً منهم. جاءت هذه الممارسات تمهيداً لاقتحام حوالي 150 مستوطناً لباحات المسجد الأقصى. وفي مساء اليوم نفسه، استمرت الشرطة الإسرائيلية في ممارسة النهج نفسه من الهجمات، تخللها وجود استفزازي لأعداد كبيرة المستوطنين في باحات المسجد.

في هذا الصدد، يمكن للهجمات الإسرائيلية الجسيمة في المسجد الأقصى أن تتفاقم في ظل التصريحات التحريضية التي يعلنها المسؤولون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين. إذ إنه وفي أعقاب هذه الهجمات على المسجد الأقصى، دعا ما يسمى بوزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، لاجتماع وزاري أمني، قائلاً: " [إنه] يجب على الحكومة أن تردّ بصرامة على إطلاق الصواريخ من غزة. يجب أن يتم الردّ على صواريخ حماس بأكثر من مجرد قصف الكثبان الرملية والمناطق غير المأهولة. لقد حان وقت فرض عقوبات قاسية على غزة".

الاستهداف الممنهج للمصلين الفلسطينيين وأماكن العبادة

نؤكد على أنّ الهجمات العنيفة التي شهدها المسجد الأقصى خلال اليومين الماضيين ما هي إلا استمرار للاستهداف الإسرائيلي التاريخي للمصلين الفلسطينيين والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في فلسطين، الذي تدعّمه المحاولات الاستعمارية الاستيطانية لفرض الهيمنة على مدينة القدس وكامل فلسطين التاريخية. تهدف هذه الهجمات على المسجد الأقصى إلى إقصاء الوجود الفلسطيني في القدس، من خلال محاولة طمس هويته السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية.

في سياق متصل، نستذكر مجزرة المسجد الأقصى عام 1990، التي قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلالها بإطلاق النار باتجاه الفلسطينيين وقتل 20 منهم، ومجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994 عندما قتل مستوطنون إسرائيليون 29 مصلياً فلسطينياً. كما تعيد هذه الهجمات التذكير بالهجوم الإسرائيلي على المسجد الأقصى في 15 نيسان/إبريل 2021 خلال شهر رمضان، عندما قامت الشرطة الإسرائيلية بالاعتداء بالضرب المبرح على المصلين الفلسطينيين باستخدام العصي والهراوات وأعقاب البنادق، وإطلاق قنابل الصوت والغاز داخل المصلى القبلي، مما أسفر عن إيقاع 157 جريحاً فلسطينياً واعتقال 400 آخرين.

انتهاك القانون الدولي

إن الهجوم الإسرائيلي على المسجد الأقصى يعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما الحظر المطلق "للمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة"، والحق في ممارسة الشعائر الدينية والمجاهرة بها. كما يعتبر هذا الهجوم العنيف على المسجد الأقصى خطوة أخرى في سبيل تعزيز الضمّ المستمر لمدينة القدس، الذي بدوره يعتبر انتهاكاً لمبادئ القانون الدولي التي تحظر الاستيلاء على الأرض باستخدام القوة. قد يرقى هذا الهجوم أيضاً إلى جريمة الاضطهاد، وهي جريمة ضد الإنسانية متجسدة بصورة واضحة في الطبيعة الواسعة والممنهجة لحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الأساسية، بما فيها حريتهم الدينية.

التحرك الآن

يدلل الواقع الحالي على احتمالية تكرار الهجمات الإسرائيلية القمعية والعنيفة بحق الشعب الفلسطيني، كما حدث في انتفاضة الوحدة عام 2021، عندما قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 276 فلسطينياً في أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة في شهر أيار/مايو 2021.

إنه وإذ ترحّب "الحق" بتصريحات المجتمع الدولية المُدينة للهجمات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، فإنها تحذّر من أنّ عدم اتخاذ خطوات فعلية قد يفاقم الأسباب الجذرية الكامنة وراء الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية اليومية والمستمرة.

لقد آن أوان قيام المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فعلية للتعاون من أجل تفكيك النظام الإسرائيلي القائم على الأبارتهيد والاستعمار الاستيطاني، وإنهاء الإدارة العسكرية الإسرائيلية والإشراف على الانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات الإسرائيلية من الأرض الفلسطينية.