اتخذت مؤسسة الحق في 28 من تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم إجراءاً قانونياً ضد مركز المعلومات والتوثيق الذي يعرف باسم (CIDI)، وهي منظمة ضغط (لوبي) تركز في عملها على مواضيع متعلقة بإسرائيل وتتخذ من هولندا مقراً لها. وبالاستناد إلى استعراض معمّق للمقالات التي نشرها مركز سيدي، خلصت "الحق" إلى أن سيدي لا يمكن أن تكون سوى منظمة تحمي سياسات الحكومة الإسرائيلية وتعادي مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان الفلسطينية.
قررت "الحق" أن تتخذ هذا الإجراء القانوني بالاستناد إلى المادة 6/162 من القانون المدني الهولندي والمادتين 261 و262 من القانون الجنائي الهولندي، بهدف محاسبة سيدي على الذم والقدح اللذين احتوت عليهما ثلاث مقالات نشرتها المنظمة المذكورة على صفحتها الإلكترونية خلال شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو 2022. تكوّن هذا الإجراء القانوني من خطوتين؛ الأولى إرسال إشعار مسؤولية لسحب المواد الثلاث المنشورة وتصحيحها، أما الثانية فهي ما أرفق بهذا الإرسال من شكوى جزائية قدّمتها "الحق" ومديرها العام شعوان جبارين إلى مكتب المدعي العام الهولندي.
الإطار العام
بعد استعراض الموقع الإلكتروني الخاص بسيدي، وجدت مؤسسة الحق عشرات المقالات التي نشرتها المنظمة المذكورة خلال السنوات الأخيرة، والتي تعتبرها "الحق" بمثابة محاولات للتحريض ضد مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية ونزع الشرعية عن عملها البارز في الدفاع عن حقوق الإنسان ومحاسبة إسرائيل على الانتهاكات الجسيمة والممنهجة للقانون الدولي، بما فيها ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني. وعليه ترى "الحق" أفعال سيدي هذه تسهم في تعزيز حملة الحكومة الإسرائيلية الشرسة الهادفة إلى تقويض المجتمع المدني الفلسطيني والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان وإسكات أصواتهم.
في شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو 2022، نشرت سيدي ثلاث مقالات تشهيرية في محاولة منها لتشويه السمعة المهنية لمؤسسة الحق، التي تعتبر واحدة من مؤسسات حقوق الإنسان الرائدة التي تحظى باحترام على المستوى الدولي، كما يتضح من الجوائز المرموقة التي حصدتها المؤسسة على مدار سنوات طويلة والتي كان آخرها جائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان (في كانون الأول/ ديسمبر 2018) وجائزة برونو كرايسكي (حزيران/ يونيو 2022).
وإلى جانب احتوائها على عدد كبير من الادعاءات التشهيرية، فإن المقالات التي نشرتها سيدي مليئة بالأخطاء الوقائعية الجسيمة، إذ تتمحور الادّعاءات حول مزاعم خاطئة ولا أساس لها من الصحة تدّعي أنّ "الحق" متورطة في الإرهاب- وهو اتهام خطير يمكن مقارنته قانونياً بالمشاركة في القتل.
إن المقالات التي دفعت الحق إلى اتخاذ هذا الإجراء القانوني نشرتها سيدي في: 17 أيار/مايو 2022 بعنوان "هولندا تدعم مجدداً منظمات متصلة بالإرهاب"؛ وفي 20 أيار/مايو 2022 بعنوان "صمت الوزراء بخصوص التحقيق الخارجي لاتحاد لجان العمل الزراعي"؛ وفي 15 حزيران/يونيو 2022 بعنوان "وزارة الشؤون الخارجية تعتبر الحق مؤسسة "مجتمع مدني". إذ كُتبت هذه المقالات الثلاثة من قبل شخص واحد يعرّف نفسه على الموقع الالكتروني لسيدي باسم "جيه أف" (J.F)، كما تم الترويج للمقالات الثلاثة على مواقع التواصل الاجتماعي للمنظمة.
الدعوى القانونية التي رفعتها مؤسسة الحق
في أيلول/سبتمبر 2022، علمت مؤسسة الحق عن المقالات التي نشرتها سيدي وعن فحواها غير المشروع والمضرّ بحق المؤسسة، وعليه؛ ومن أجل الوقوف في وجه الادعاءات التشهيرية والمغالطات الوقائعية التي تحويها، كلّفت "الحق" المحامية الهولندية بريختي فوسينبيرغ التي تعمل في مكتب محاماة براكين دوليفيرا الهولندي المختص بقضايا حقوق الانسان في أمستردام لتقوم باتخاذ إجراءين قانونيين بحق منظمة سيدي.
ترى "الحق" أنّ سيدي، ومن خلال لجوئها إلى استخدام الادّعاءات التشهيرية والأخطاء الوقائعية، فإنها تضع نفسها في موضع سخرية لا سيما وأنها تعرّف نفسها على أنها مركز موارد موثوق وكفؤ يخدم البرلمان والإعلام والقطاع التعليمي والمجتمع الهولندي ككل. وإذ ترى "الحق" أيضاً أنه ووفقاً لما تم نشره من مقالات، فإن سيدي بعيدة كل البعد عن هذا التعريف الذي تصف نفسها به، إلا أنها [الحق] تدرك أنّ القبول الذي تتمتع به سيدي في أوساط معينة تستهدفها يزيد من الضرر الذي تتعرض له الحق، إذ يمكن لمن يتابعون الموقع الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي لهذه المنظمة أن يأخذوا ادعاءاتها بخصوص الحق على محمل الجد باعتبارها صحيحة ومسلّم بها.
بناء على ما تقدّم، قررت مؤسسة الحق أن تضع حدّاً لهذا التشهير وأن تحاسب سيدي قانونياً على تصرفها غير المشروع والمضرّ بحقها. ففي السنوات الأخيرة، وقفت "الحق" في وجه محاولات الحكومة الإسرائيلية إغلاق المؤسسة وإسكات أصوات موظفيها وهو ما سنستمر بفعله دائماً بعزيمة قوية، هذه العزيمة ذاتها ستساعدنا على التصدي لكل محاولة لإسكات أصواتنا من قبل جماعات تهدف إلى التشهير بنا وعرقلة عملنا البارز في الدفاع عن حقوق الإنسان.