في أغسطس/آب، داهمت السلطات الإسرائيلية مكاتب سبع مؤسسات مجتمع مدني فلسطينية وأمرت بإغلاقها، في محاولة لوقف عملها النقدي والإمعان في إسكات الفلسطينيين والفلسطينيات. ردًا على هذا التصعيد المقلق في قمع شركائنا الفلسطينيين/ات، اجتمعت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ضمن وفد في الأرض الفلسطينية المحتلة للتعبير عن دعمها للمجتمع المدني الفلسطيني، والوقوف بجانبه في النضال ضد الاحتلال التعسفي طويل الأمد، وضم الأراضي، والإفلات من العقاب، والفصل العنصري الممارس بحق الفلسطينيات والفلسطينيين.
رام الله، 28 سبتمبر/أيلول – في أعقاب العدوان الأخيرعلى قطاع غزة المحاصر، صعّدت السلطات الإسرائيلية هجومها على المدافعين/ات الفلسطينيين/ات عن حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني في الضفة الغربية المحتلة. في أغسطس/آب، داهمت القوات الإسرائيلية سبع مؤسسات مجتمع مدني فلسطينية بارزة، ست مؤسسات منها حُظرت تعسفيا، ووُصفت بأنها "مؤسسات إرهابية" في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
هذه المداهمات الإسرائيلية لإغلاق المؤسسات الفلسطينية تهدف إلى عرقلة عمل المؤسسات التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية، والتي تدعوا لمحاسبة اسرائيل على جرائمها بحق الفلسطينيين/ات، بما فيها الفصل العنصري والاضطهاد بحق ملايين الفلسطينيين/ات. الفصل العنصري والاضطهاد جريمتان ضد الإنسانية يعاقَب عليهما وتخضعان لاختصاص "المحكمة الجنائية الدولية". لدى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تحقيق مفتوح في الجرائم الجسيمة المرتكبة في فلسطين، ما يوفر فرصة للتصدي لإفلات إسرائيل من العقاب الذي أدى إلى انتهاكات حقوقية راسخة ومتكررة وجرائم بموجب القانون الدولي.
رد فعل على هجوم غير مسبوق على المجتمع المدني في فلسطين وإسرائيل
قالت الرئيسة الفخرية للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان سهير بلحسن: "بينما نشهد توترا وتدهورا عالميا لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، تلعب فيه إسرائيل دورها منذ زمن طويل، لا تتوانى الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت ويائير لابيد عن تشديد قمع الشعب الفلسطيني وقمع أي محاولة للمعارضة. بينما تعلن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان تضامنها الثابت مع حقوق الفلسطينيين/ات في تقرير مصيرهم/ن، ندعو المجتمع الدولي إلى إظهار حزم بنفس المقدار ضد تصرفات إسرائيل التي لا يمكن وصفها إلا بأنها أعمال دولة لا تحترم القانون".
قال نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومحامي حقوق الإنسان أليكسيس دسويف: "خلط المفاهيم في جميع جوانب السياسة الداخلية، والتصنيف التعسفي للمؤسسات كـ "إرهابية"، وإساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب هي جزء من عملية متكاملة لخنق المجتمع المدني في فلسطين وإسرائيل".
أكّد شعوان جبارين، مدير عام "مؤسسة الحق" والأمين العام للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "هذه المداهمات بعيدة كل البعد عن فتح المجال للانتخابات التشريعية المقبلة لتمر دون مشاكل في إسرائيل، بل أظهرت مدى ضآلة أهمية الديمقراطية عندما يُطبّق نقيضها في مكان آخر على شعب مضطهد. يستحق الشعب الفلسطيني أن يعيش بحرية وكرامة، ولهذا، عملنا لمحاسبة إسرائيل أمر ضروري. رغم الهجمات ضدنا، سنواصل القيام بواجباتنا في حماية سيادة القانون، وحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في تقرير مصيره، وحق اللاجئين/ات في العودة. كما وسنواصل حماية القانون الدولي وحقوق الإنسان في العالم".
قالت ناتالي غودار، مديرة حملات منظمة العفو الدولية في فرنسا: "قمع الحيّز المدني الفلسطيني، هو جزء من نظام الفصل العنصري. لا يقتصر الأمر على الفلسطينيين/ات الخاضعين/ات للاحتلال العسكري الإسرائيلي القائم على انتهاكات متعددة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بل يشمل أيضا إغلاق المؤسسات واسكات المدافعين/ات عن حقوق الإنسان العاملين/ات على مساعدة من هم في أمس الحاجة. تدعو منظمة العفو الدولية إسرائيل إلى إلغاء تصنيف المؤسسات الست على أنها "إرهابية"، وإلغاء الأوامر العسكرية بإغلاق مكاتب المؤسسات. يجب السماح لموظفي/ات وطواقم المؤسسات بالقيام أعمالهم/ن في مجال حقوق الإنسان والرعاية الاجتماعية وإجراء البحوث بلا مضايقات. يجب الإفراج عن صلاح الحموري فورًا، طالما لم تثبت عليه تهم معترف بها دوليًا، وإلغاء التهديد بترحيله من القدس بسحب إقامته".
قالت مديرة البرامج في هيومن رايتس ووتش، ساري باشي: "تتشرف هيومن رايتس ووتش بالعمل مع الشركاء الفلسطينيين/ات، الذين يمثلون أفضل ما في المجتمع المدني العالمي: يدافعون عن الأطفال في المحاكم العسكرية، ويناصرون العدالة الدولية، ويساعدون المزارعين/ات على البقاء في أراضيهم/ن، ويدعمون النساء في إدارة الأعمال. إن خدمة المجتمع والنشاط السلمي ليست عمليا إرهابيا".
على الدول فرض عقوبات فعالة تباعا لإجراءات إسرائيل التعسفية بحق المجتمع المدني
يأتي التصعيد في أغسطس/آب الماضي بعد التشهير الباطل الذي أعاق تمويل منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية وتمثيلها القانوني، واختراق الهواتف، وعمليات المراقبة الأخرى، والاعتقالات التعسفية، ومنع الموظفين/ات من السفر، التي تعرض لها مجموعة من طواقم المؤسسات المستهدفة. لكن بالرغم من المضايقات المستمرة ضد هذه المؤسسات، فقد واصلت عملهما الحيوي في تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية وخدمات الرعاية الاجتماعية للمجتمعات المحلية الفلسطينية، وإجراء البحوث، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين، والدعوة إلى المساءلة.
على الدول دعوة الحكومة الإسرائيلية إلى إلغاء تصنيفها لهذه المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والسماح لها بالقيام بعملها الحيوي دون عوائق. مع الاستئناف الأخير لـ "مجلس شراكة الاتحاد الأوروبي وإسرائيل"، وهو الهيئة الدبلوماسية الرئيسية للاتحاد التي تعمل على تعزيز العلاقات الحكومية الدولية، على الحكومات الأوروبية إظهار عدم استعدادها للتنازل عن قيمها المعلنة، ووضع حقوق الإنسان في صميم سياستها تجاه إسرائيل وفلسطين وإنهاء كل الأنشطة التي تساهم في الفصل العنصري وقمع الشعب الفلسطيني. كما على جميع الدول أن تُبرز بوضوح أنها ستفرض عقوبات فعالة على الحكومة الإسرائيلية ما لم تتراجع عن ممارساتها.