شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم أمس الجمعة، الخامس من آب 2022، عدواناً عسكرياً على قطاع غزة، ما أسفر عن ارتقاء أحد عشر فلسطينياً/ة بينهم مدنيين/ات، منهم طفلة في الخامسة من عمرها وسيدة. ووفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد أُصيب حتى اللحظة 79 فلسطينياً/ة أخرين وصفت إصابات بعضهم/ن بالخطيرة. يعتبر هذا العدوان هو التصعيد الأخطر منذ أن شنّت قوات الاحتلال في أيار/ مايو المنصرم عدواناً عسكرياً كامل النطاق على قطاع غزة، والذي قتلت فيه 240 فلسطينياً/ة بما فيهم/ن 151 مدنياً/ة. أما العدوان الذي شنته قوات الاحتلال على القطاع عام 2014، فقد أسفر عن استشهاد ما مجموعه 2,192 فلسطينياً/ة منهم 524 طفلاً/ة، في أفعال كانت ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وذلك وفقاً للتحقيق الذي نفذته المحكمة الجنائية الدولية.
يمثل التصعيد الإسرائيلي الحالي محاولة أخرى من قبل النظام الاستعماري الاستيطاني ونظام الفصل العنصري لسحق كافة جهود المقاومة التي تقف في وجه التمدد الاستعماري الاستيطاني اللاقانوني وضمّ الأراضي بحكم الواقع والقانون وذلك في ظل استمرار توغل نظامها الممنهج القائم على التمييز العنصري والقمع على جانبي الخط الأخضر. يأتي هذا التصعيد أيضاً في أعقاب قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال القائد في حركة الجهاد الإسلامي الشيخ بسّام السعدي من بيته في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، وذلك عشية يوم الاثنين، 1 آب/ أغسطس 2022، ومنذ حادثة الاعتقال هذه، شهد القطاع المحاصر حالة تأهب شديد بين عناصر سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي. كما يعيش القطاع منذ يوم الاثنين جواً من التوتر الشديد، بينما تحاول كلاً من مصر وقطر والولايات المتحدة التدخل في محاولة منها للوساطة بين قوى المقاومة وقوات الاحتلال.
وثّقت "الحق" وجوداً كثيفاً للطيران الحربي في سماء القطاع لليوم الرابع على التوالي، بينما أحكمت قوات الاحتلال إغلاقها لمعابر القطاع المحاصر، مما شلّ حركة الناس والبضائع، هذا إلى جانب إغلاق المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة. ولمفاقمة الكارثة الإنسانية التي يعيشها الغزيّون/ات، منعت سلطات الاحتلال، يوم الخميس الرابع من آب/ أغسطس، ناقلات الوقود من الدخول إلى القطاع، في ممارسة قد ترقى لتعمّد فرض ظروف حياتية تحرم الأفراد من حقهم في الحياة، وهي محظورة باعتبارها أعمالاً لاإنسانية بموجب اتفاقية الفصل العنصري لعام 1973 كما نصت عليها المواد (2/أ/1) و(2/ب).
تفاصيل الأحداث الميدانية: يوم الجمعة، الخامس من آب/ أغسطس 2022
محافظة غزة: في الخامس من آب/ أغسطس 2022، ومع حوالي الساعة 16:15 مساءً، شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفاً صاروخياً استهدف الطابقين الخامس والسادس الواقعين في الجهة الشرقية من برج فلسطين المكون من 14 طابقاً والواقع في شارع الشهداء في حي الرمال وسط مدينة غزة، أسفر هذا القصف عن استشهاد قائد حركة الجهاد الإسلامي تيسير محمود محمد الجعبري، 50 عاماً، قائد سرايا القدس في لواء شمال غزة وعضو المجلس العسكري لسرايا القدس، ومرافقه سلامة محارب عبد الله عابد، 38 عاماً، هذا وقد حوّل القصف جسديهما إلى أشلاء. كما وتسبب الاستهداف في إصابة عدد من المواطنين المدنيين/ات من سكان الشقق السكنية الواقعة في البرج نفسه، وقد تضررت عدد من شقق المواطنين إضافة لمكتب وكالة شهاب للأنباء.
وفي حوالي الساعة 16:25 من مساء اليوم نفسه، استهدفت طائرة حربية إسرائيلية بصاروخ واحد، مجموعة من المواطنين كانوا موجودين بالقرب من مسجد أبو سمرة، بالقرب من بيارة عادل الشوا بمنطقة وادي العرايس في حي الشجاعية شرق مدينة غزة ما تسبب في استشهاد ثلاثة مواطنين بينهم مدنيين، أحدهما طفلة، والشهداء هم الطفلة آلاء عبد الله رياض قدوم ، خمسة أعوام، ويوسف سلمان محمد قدوم، 24 عاماً ، وعماد عبد الرحيم ايراهيم شلح، 50 عاماً. كما أصيب في القصف نفسه عدد من المواطنين الذين كانوا موجودين في الشارع، من بينهم والد الطفلة آلاء (عبد الله قدوم 31 عاماً وشقيقها رياض ستة أعوام).
وفي اليوم نفسه، استهدفت مدفعية الاحتلال، مرصداً للمقاومة، يقع بالقرب من المنطقة الحدودية، شرق حي الزيتون شرق مدينة غزة، ما تسبب في استشهاد أحد عناصر المقاومة، وهو أحمد مازن محمود عزام 25 عاماً، حيث حوَل القصف جسده إلى أشلاء.
محافظة خانيونس: في الخامس من آب/ أغسطس 2022، ومع حوالي الساعة 16:20، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة خلف السياج الحدودي الفاصل، عدداً من القذائف المدفعية، تجاه الأراضي الزراعية ومنازل المواطنين/ات الواقعة شرق بلدة الفخاري شرق خانيونس، أصابت إحداها منزل المواطن عدنان عطية العمور، الواقع على بعد مئات الأمتار من السياج الفاصل، ما أدى الى إصابة ابنته المواطنة دنيانا عدنان عطية العمور (22 عامًا)، بجروح وشظايا في مختلف أنحاء الجسم نقلت على إثرها الى مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس، ووصفت المصادر الطبية حالتها بالحرجة ثم أعلن عن استشهادها بعد نحو ساعة.
وفي حوالي الساعة 16:30 مساءً، استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي بدون طيار بوابة موقع تدريب تابع لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي غرب خانيونس، ما أسفر عن استشهاد اثنين من عناصر سرايا القدس، أثناء وجودهما في الموقع، وهما محمد حسن موسى البيوك 35 عاماً، وفضل مصطفى أجريو زعرب 29 عاماً، كما أدى القصف إلى إصابة سبعة مواطنين آخرين، بينهم أربعة أطفال، تصادف مرورهم بالقرب من المكان لحظة قصف الموقع. وتم نقل المصابين إلى مستشفى ناصر الطبي في خان يونس، ووصفت إصابتهم ما بين متوسطة وخطيرة.
وفي حوالي الساعة 18:50 مساءً، قصفت طائرات الاحتلال بدون طيار غرفة في أرض زراعية تقع في منطقة قيزان النجار جنوب خانيونس، ما أدى إلى وقوع أضرار في المكان. كما أسفر تطاير الشظايا إلى تضرر الزجاج الأمامي في سيارة إسعاف تابعة لمركز مسقط الصحي التابع لوزارة الصحة الفلسطينية القريب من مكان الاستهداف، دون وقوع إصابات.
محافظة شمال غزة: في الخامس من آب/ أغسطس 2022، وفي حوالي الساعة 16:20 مساءً، استهدفت مدفعية الاحتلال، مرصداً تابعاً للمقاومة يقع شمال غرب بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ما تسبب في استشهاد أحد عناصر المقاومة، وهو محمد أحمد عبد الفتاح نصر الله 25 عاماً، حيث حوَل القصف جسده إلى أشلاء. كما أصيب في الاستهداف نفسه، المواطن عماد بشير علي السلطان بشظايا في الوجه واليد اليمنى، وطفلته إسراء، خمس سنوات، بشظية في الصدر، وقد وصفت إصابتهما بالطفيفة.
هذا وقد استهدفت مدفعية الاحتلال، في التوقيت نفسه، مرصداً للمقاومة، يقع شرق شارع النعايمة شرق بلدة بيت حانون بقذيفة واحدة، ما تسبب في إصابة اثنين من عناصر المقاومة وصفت جراح أحدهما ببالغة الخطورة، والآخر متوسطة.
في هذا الصدد، تستنكر مؤسسة الحق - بأشدّ عبارات الاستنكار- الاستهداف والعدوان الإسرائيلي العسكري على قطاع غزة المحتل، والهجمات الإسرائيلية غير التناسبية وغير المبررة ومفرطة القوة التي تشنها على القطاع دون أخذ أية احتياطات. كما تطالب "الحق" المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لإنهاء العدوان الإسرائيلي الممارس على قطاع غزة وما يتصل به من قتل غير ضروري وغير تناسبي للمدنيين/ات في المكان. إنّ هذا العدوان الذي يشنّه الاحتلال كل عام تقريباً يأتي نتيجة للتقاعس الدولي في جهوده لإنهاء حصانة الاحتلال على جرائمه التي يرتكبها منذ عام 1948، بما فيها جريمة الفصل العنصري باعتبارها جريمة ضد الإنسانية. كما تنطوي على فشل المجتمع الدولي المتعمد في إنهاء الاحتلال، والذي ينتهك القواعد الآمرة لعدم حيازة الأراضي باستخدام القوة، وانتهاك الحق في تقرير المصير، والذي يجب أن ينتهي بصورة فورية، وهذا في ظل غياب واضح لأية حجج مشروعة للدفاع عن النفس. لا يمكن لهذا الوضع غير القانوني أن يستمر دون محاسبة وتدخل من المجتمع الدولي نحو مسؤولياته باتجاه القانون الدولي.
آخر تحديث: 6 آب 2022 الساعة 9:00 صباحاً.