في السادس عشر من نيسان/ إبريل، نظّمت نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، والرجل الثاني للولايات المتحدة، دوغلاس إيمهوف، عشاء عيد الفصح في مقر إقامة النائبة هاريس، حيث قُدّم فيه النبيذ المصنوع في مصنع "بسجوت" للنبيذ، وهو منشأة استيطانية مقامة بصورة غير قانونية في الضفة الغربية المحتلة، كما وبرز هذا النبيذ بصورة خاصة وواضحة في التسويق لهذا العشاء على مواقع التواصل الاجتماعي. إنه لمن دواعي القلق البالغ أن تتلقى الولايات المتحدة بضائع مسروقة؛ تتأتى من عائدات جرائم الحرب المرتكبة بحق الفلسطينيين/ات وأن تتورط في الترويج للأعمال التجارية المقامة في المستوطنات الإسرائيلية اللاقانونية.
أقيمت مستوطنة "بسجوت" على أراضٍ فلسطينية مصادرة من عائلة قرعان الفلسطينية، وعليه فإن مصنع النبيذ هذا يمثل منشأة استيطانية لاقانونية يدين إقامتها المجتمع الدولي بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم (2334) لعام 2016، باعتبارها "باطلة قانوناً" وتشكل "انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي".[1] وبهذا يكون مصنع نبيذ "بسجوت" متواطئاً في المصادرة غير الشرعية والمستمرة للأرض الفلسطينية الخاصة ونهب الموارد الطبيعية الفلسطينية، أي أنها أفعال ترقى إلى جرائم بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.[2] وبهذا، يسهم مصنع نبيذ "بسجوت" في تعميق الإدماج الوجودي والاجتماعي والاقتصادي للمستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بينما يعمل في الوقت نفسه على شرذمة الأرض الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني.
إلى جانب الدور الذي تلعبه المستوطنات الإسرائيلية اللاقانونية في حرمان الشعب الفلسطيني الممنهج من موارده الطبيعية، فإن دعم الولايات المتحدة للأعمال التجارية المقامة في المستوطنات الإسرائيلية يعدّ تواطؤاً في حرمان الفلسطينيين/ات من سبل الوجود والمعيشة، مما يشكل انتهاكاً للمادة (1/2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة (1/2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،[3] كما ويعزز الجهود الإسرائيلية الرامية إلى ضمّ الضفة الغربية واستعمارها. إن قرار الولايات المتحدة إظهار وترويج دعمها للنبيذ المصنوع في مستوطنة "بسجوت" اللاقانونية في مكتب سعادة النائبة يعد فعلاً تنتهك فيه التزامها بموجب القانون الإنساني الدولي باحترام وضمان احترام اتفاقيات جنيف لعام 1949، ومسؤوليتها الدولية بعدم الاعتراف بل وإنهاء الأفعال الإسرائيلية غير المشروعة دولياً، بما فيها انتهاكها للقواعد الآمرة القطعية لجريمة الفصل العنصري.[4]
إن قرار الولايات المتحدة دعم وجود منتجات استيطانية إسرائيلية والحفاظ عليها في مكتب سعادة النائبة يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما أن الدعم المستمر للأعمال التجارية المقامة في المستوطنات الإسرائيلية اللاقانونية يعد تواطؤاً في جريمة النهب باعتبارها جريمة حرب بموجب المادة (8/2/ب/16) من نظام روما الأساسي، بالإضافة إلى إسهامها في تيسير النقل غير القانوني والمستمر للمستوطنين إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، في انتهاك للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة. كما تدعم الولايات المتحدة بشكل ملحوظ توزيع نبيذ مستوطنة "بسجوت" والترويج له وذلك من خلال السماح ببيعه في المحلات التجارية في السوق الحرة الأمريكية في مختلف المطارات في الدولة.
كما تنتهك مثل هذه الأفعال المتخذة من قبل مكتب سعادة نائبة الرئيس الأمريكي التزام الولايات المتحدة بتعزيز احترام حقوق الإنسان فيما يتعلق بالأعمال التجارية التي تتعامل معها، بالإضافة إلى التزامها في وقف دعم الأعمال التجارية المتورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.[5] من الجدير ذكره أيضاً أنّ السماح بتوزيع وتسويق وبيع النبيذ المذكور في السوق الحرة الأمريكية[6] يسهم في دعم والحفاظ على استمرارية الأعمال التجارية المقامة في المستوطنات الإسرائيلية اللاقانونية مما ينتهك القانون الدولي، ويحول دون الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وسيطرته الدائمة على موارده الطبيعية.
يمكنكم/ن الاطلاع على الرسالة الرسمية التي أرسلتها "الحق" إلى سعادة نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، باللغة العربية هنا.
[1] المادة (49) والمادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949؛ وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2334، المعتمد في 23 ديسمبر 2016 والذي نص على "أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكاً صارخاً بموجب القانون الدولي".
[2] المادة (8/2/أ/4) والمادة (8/2/ب/16) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[3] يعمل المستوطنون من خلال السرقة القسرية للأرض الفلسطينية الخصبة على تجريد ملاك الأرض من منازلهم ومصادر معيشتهم. فعلى سبيل المثال، حرمت ابنة عائلة قرعان، المالكة الشرعية للأرض المقام عليها مصنع "بسجوت" للنبيذ الآن، من الاعتياش على منتجات أرضها ولم تعد قادرة على توفير معيشتها وعائلتها: انظر/ي: https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/israel-palestine-wine-vineyards-west-bank-psagot-settlement-eu-a8959301.html.
[4] المادة المشتركة الأولى لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والمادة (41) بخصوص مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً لعام 2011.
[5] مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان: https://www.ohchr.org/sites/default/files/documents/publications/guidingprinciplesbusinesshr_en.pdf.
[6] تعود ملكية السوق الحرة الأمريكية إلى عائلة "فالك"، التي أصبح أفرادها يمتلكون معظم أسهم مصنع "بسجوت" للنبيذ وتشرف على إدارته واستثمرت ملايين الشواقل من أجل توسيعه ونشر اسمه دولياً: https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/palestine-israel-land-us-falic-psagot-duty-free-land-a8989086.html.