تشهد الضفة الغربية المحتلة ومدينة القدس تصاعداً كبيراً في وتيرة العنف الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي ويمارسه المستوطنون الاستعماريون بحق الفلسطينيين/ات لا سيما في شهر رمضان المبارك.[1] منذ بداية هذا الشهر، قتلت قوات الاحتلال الاسرائيلية سبعة عشر فلسطينيا/ة.[2] يأتي هذا التصعيد الخطير رداً على عدد من الهجمات التي وقعت داخل الخط الأخضر، وعليه ردّت السلطات الإسرائيلية بزيادة حشودها العسكرية في الضفة الغربية كما شنّت عدداً من الهجمات على مخيم جنين للاجئين، ما أسفر عن قتل وإصابة العديد من الفلسطينيين/ات، وعليه تكون السلطات الإسرائيلية قد مارست العقوبات الجماعية على الفلسطينيين/ات في انتهاك واضح لمبادئ قوانين حقوق الإنسان والقانون الإنساني.[3] بالإضافة إلى هذه الهجمات، فقد ارتفعت وتيرة العنف التي يمارسه جنود قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون الاستعماريون الذين جرى نقلهم بصورة غير قانونية إلى الأرض المحتلة، بحق الشعب الفلسطيني في مختلف مناطق الأرض الفلسطينية المحتلة. إذ قتل وأصيب العديد من الفلسطينيين/ات في الخليل وبيت لحم وجنين ونابلس، وتعرض المئات منهم للاعتقال التعسفي في مدينة القدس بحسب نادي الأسير الفلسطيني. كما يتعرض المقدسيون سواء قبل شهر رمضان أو خلاله للعديد من المضايقات التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي،[4] وآخرها اقتحام المسجد الأقصى صبيحة يوم الجمعة 15 نيسان والتي بدورها تسهم في تدهور الحالة الإنسانية في مختلف الأرض الفلسطينية وتعزز من النظام الإسرائيلي القائم على ممارسة الفصل العنصري على جانبي الخط الأخضر وبصورة عامة بحقّ الفلسطينيين/ات أينما كان مكان وجودهم/نّ.
ترقى الهجمات التي شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مخيم جنين الأسبوع الماضي إلى ممارسة العقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين/ات. كما أنه وإلى جانب هذه الهجمات المباشرة، فقد قررت السلطات الإسرائيلية إغلاق حاجزي الجلمة وبرطعة[5] خلال الاسابيع الماضية مما حال دون وصول الفلسطينيين/ات الذين يعيشون داخل الأخضر إلى جنين وبالاتجاه المعاكس، وبالتالي حرم العديد منهم من الوصول إلى عائلاتهم/ن حيث انقسمت العديد منها على جانبي الخط الأخضر. إلا أنها استمرت في السماح للعمال الفلسطينيين للسفر من مدينة جنين إلى داخل الخط الأخضر، مما يسلّط الضوء على الاستغلال الاقتصادي المستمر الذي يفرضه نظام الفصل العنصري الإسرائيلي على الفلسطينيين/ات.[6] من جانب آخر، أغلقت قوات الاحتلال جميع الفتحات في جدار الضم التي كان ينفذ منها العمال الفلسطينيون، وبالتالي حرمان العشرات منهم من الوصول إلى أماكن عملهم وفقدانهم لمصدر الدخل الأساسي المتوفر لهم.[7]
أما فيما يتعلق بالفلسطينيين/ات الذين قتلوا،[8] فقد كان بينهم امرأتان؛ الأولى هي غادة إبراهيم سباتين، أرملة وأم لستة أطفال، وقد قتلها جنود الاحتلال في العاشر من نيسان/ إبريل 2022 في قرية حوسان بالقرب من بيت لحم[9] وهي لم تكن مسلحة ولم تشكّل أي خطر عليهم.[10] أما الفلسطينية الثانية فهي مها كاظم الزعتري التي قتلتها قوات الاحتلال في الخليل بدعوى هجومها عليهم. تعكس هاتان الحالتان تجاهلاً كاملاً لحقّ الفلسطينيين/ات في الصحة والأمان والحياة، كما تعكسان استمرار استخدام القوة غير الضرورية وغير التناسبية ضد الفلسطينيين/ات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك، فقد وثّقت مؤسسة الحق تدخل قوات الاحتلال للحيلولة دون وصول سيارات الإسعاف إلى المصابتين في الحالتين المذكورتين بالإضافة إلى حالات أخرى في جنين، وبالتالي حرمانهم/ن من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة وتهديد حياتهم/ن.[11] ومن المتوقع أنه إذا استمر هذا التصعيد خلال الأيام القادمة، فإنه سيزيد من أعداد الفلسطينيين/ات الذي سيتعرضون للقتل أو الإصابة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين الاستعماريين.
من الجدير ذكره أنه إلى جانب العنف الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي، فقد ارتفعت أيضاً وتيرة العنف الذي يمارسه المستوطنون الاستعماريون لا سيما خلال العام المنصرم وبصورة خاصة خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقد وثقت "الحق" اعتداءات المستوطنين الاستعماريين على بيوت الفلسطينيين/ات وممتلكاتهم/ن ومصادر معيشتهم/ن والتي يبدو أنها تزداد بصورة مستمرة، ومن المثير للقلق أيضاً تزايد دعم قوات الاحتلال الإسرائيلي لهؤلاء المستوطنين في اعتداءاتهم؛ ليس فقط الوقوف معهم بل أيضاً مشاركتهم في هذه الاعتداءات.[12] وعليه تساهم هذه العوامل في ترسيخ غياب مساءلة المستوطنين الاستعماريين على هجماتهم واعتداءاتهم، الذي بدوره يحول دون وصول الفلسطينيين/ات إلى العدالة.
وفي ظل هذه الظروف، يستمر المسؤولون الإسرائيليون في التحريض على ممارسة المزيد العنف بحق الفلسطينيين/ات، فعلى سبيل المثال، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في الثلاثين من آذار/ مارس 2022 في تصريح له الإسرائيليين لحمل الأسلحة، كما قال ما يسمى بوزير "الدفاع" الإسرائيلي بيني غانتس إنه "يعطي القوات الأمنية حرية التصرف التامة للقضاء على الإرهاب"، وعليه يعكس هذان التصريحان تجاهلاً تاماً للقانون الدولي وحق الفلسطينيين/ات في الأمان. كما أسهمت زيارة وزير الخارجية يائير لابيد للقدس المحتلة في الرابع من نيسان/ إبريل 2022 في زيادة التوتر وفاقمت من تدهور الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة.
إن استمرار السلطات الإسرائيلية في استفزاز الشعب الفلسطيني وتهديده والهجوم عليه يؤدّي بالضرورة إلى زيادة العنف في المنطقة. تُعرب "الحق" عن قلقها بشكل خاص على سلامة المواطن فتحي حازم، والد الشهيد رعد حازم الذي نفّذ هجوماً داخل الخط الأخضر، وعائلته الذين تلاحقهم المخابرات الإسرائيلية باعتبارهم أشخاص "مطلوبين". وعليه تطالب "الحق" المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات فورية وعاجلة للوقوف في وجه الهجمات التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين، لا سيما العقوبات الجماعية وأعمال العنف والقتل وهدم البيوت والاعتقالات بحق الفلسطينيين/ات في الضفة الغربية والقدس. كما تدعو "الحق" المجتمع الدولي لإنهاء العنف الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون الاستعماريون، بالإضافة إلى وضع حد للاستيطان الذي يعتبر غير قانوني بموجب القانون الدولي، والذي يأخذ بالتوسع الآن بسبب دعم الشركات العابرة للحدود، كما تدعوهم لإنهاء نظام الفصل العنصري الإسرائيلي الممارس بحق الشعب الفلسطيني.
إنّ الفشل في اتخاذ خطوات فورية ومباشرة للوقوف في وجه الاضطهاد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين/ات لا يهدد النظام القانوني الدولي فقط؛ بل يهدد الفلسطينيين/ات الذين ما زالوا يعانون ويشعرون بالإحباط جراء سنوات طويلة من النظام الإسرائيلي القائم على الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني، والذين ستبقى حياتهم تحت وطأة الهجمات المنظمة والمكثفة التي تمارسها بحقهم السلطات المحتلة. إن كلمات الإدانة ليست كافية، إذ لن يتم إنهاء النظام والسياسات الإسرائيلية المتجذرة وغير القانونية في حال لم يتخذ المجتمع الدولي خطوات فعلية للوقوف في وجه هذا النظام وهذه السياسات. يجب أن يتم محاسبة السلطات الإسرائيلية على انتهاكاتها للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. كما تطالب "الحق" محكمة الجنايات الدولية والمدعي العام على وجه الخصوص بالمضي قدماً في تحقيقهم بشأن الوضع في فلسطين، بحيث يمكن تقديم العدالة والإنصاف لضحايا النظام الإسرائيلي القائم على الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني.
ستستمر "الحق" في جمع معلومات أخرى بسبب استمرارية هذا التصعيد، كما سيتم نشر بيان آخر حال انتهاء التصعيد.[1]
توثيق مؤسسة الحق الميداني[2]
توثيق مؤسسة الحق الميداني [3]
توثيق مؤسسة الحق الميداني [4]
توثيق مؤسسة الحق الميداني [5]
توثيق مؤسسة الحق الميداني [6]
توثيق مؤسسة الحق الميداني [7]
توثيق مؤسسة الحق الميداني [8]
توثيق مؤسسة الحق الميداني [9]
توثيق مؤسسة الحق الميداني [11]
توثيق مؤسسة الحق الميداني [12]